شبت النيران في منزل.. فلاحظ أحدهم أن امرأة اعتَلَت صهوة جواد الشجاعة، وكانت تدخل المنزل المحترق وتخرج، ثم تكرر دخولها وخروجها، فسألها عن السبب، فقالت لأن جوزى جوَّه.. فسألها وعملتى إيه؟ قالت كنت باقَلِّبُه!!! لا تظن أنها نكتة أرويها لك لتضحك، ثم تكمل وقتك بالعَبَث بين أصابع قدميك..لا ياصديقي.. إن ما قصدته أن أغرسك في قلب الصورة.. صورة الوطن وما يدور فيه، ودورنا فيما يحدث وكأننا تقمصنا شخصية الوليَّة المذكورة أعلاه. صحيح أن الحياة في مصر الآن تسير بالدفع الذاتي.. هيثم الحلاق كما هو يمارس عمله ويرغى ويهرى مع زبائنه كما اعتاد، وعمك عبدالرازق البقال كما هو يبيع للزبائن على النوتة كما اعتاد من عشرات السنين، والحاج عطية صاحب الفرن ما زال يسرق الدعم ولكن بطرق مبتكرة بعد دخول الخبز منظومة البطاقات الممغنطة، والمعلم شعبان الجزار ما زال يبيع لحم الفطيس والحمير، ومحال عصير القصب تتوالد كالأرانب، والورش والمكوجية والمقاهى والكافيهات والمطاعم وعربات الفول، والميكروباصات والتاكسيات والتكاتك والقطارات كماهى، وكورنيش النيل وباعة الذرة والتين الشوكى والغرز الصغيرة والعشوائيات وباعة الحشيش والبودرة والترامادول بسم الله ماشاء الله على النواصى وفى الازقة بل في الأحياء الراقية.. كل ذلك على ضفاف النيل.. والنيل كما هو.. "ماشى" لا يتوقف من آلاف السنين وكذلك الحياة في مصر. السؤال.. ما علاقة كل ذلك الهرى واللت والعجن بالنكتة أو شِبْه النكتة التي ذكرتها في مستهل المقال؟ حسنًا.. العلاقة ياسيدى أننا في وضع من يراقبه يحسبنا قد عمينا وانطرشنا وسرنا في الطرقات على غير هُدَى تتساقط الريالة من بين أشداقنا، بينما البلد في أزمة.. نراها كما نرى الشمس.. لكننا لا نقدم لها أي عون ولو بمصمصة الشفاه. التعليم يحترق ويهتَرِئ.. نراه جميعا ولا نقترب منه لنخمد النيران ولو على سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. تتابع ردود أفعال أصحاب المسئولية من الوزيرإلى الخفير وهم داخل الوزارة فلاترى بأيديهم جرادل ولا خراطيم بل فعلوا كما فعلت الولية التي اقتحمت النيران اللى عشان تقَلِّب جوزها. مشكلات نقص المياه بدأت تخرج لنا لسانها مؤخرا.. ولا نرى في الأفق بصيص حل.. أتصور معالى الوزير وهو يدخل الوزارة بجركن ماء بارد لترطيب الأجواء وإدخال الطمأنينة على قلوب المرتجفين، فتكتشف أن ما بيده ليس جركن ماء بل جركن جاز. مشكلات وزارة القوى العاملة مع أزمات العمال، ومأساة البطالة كانت قبل الوزير كمال أبوعيطة وظلت كما هي بعد خلعه وتعيين سيدة وزيرة بدلا منه.. لم يطرأ أي تغيير على الوزارة في عهدها، واتضح أن أبوعيطة زى أم عيطة كانا يقلبان المشكلات داخل الوزارة دون اجتهاد للعثور على حلول. حتى في حرائق العتبة.. مركز المطافئ الرئيسى لا يبعد إلا أمتارًا قليلة وألسنة اللهب تكاد تلامس أقفية رجال مطافئ العتبة ومع ذلك أكلت النيران الأخضر والفوشيا، واكتفى كل رجل المطافئ بشَوْى السمك لمراته على بقايا الخشب المحترق. أخيرا.. بالأصالة عن نفسي، أرفض السير على نهج الست التي كانت تقلب زوجها في حريق البيت، وأفَضِّل اتباع سَنَّة الست التي لم يعجبها إصرار زوجها على ارتداء بدلة قديمة بائسة مما يعرِّضها لحرج بالغ أمام جيرانها ومعارفها، فقررت تحرقها، وبالفعل ولَّعت في البدلة، بس جوزها كان جواها. أقول قولى هذا وأدندن مع الست ثومة.. أتقلب على جمر النار واتشرد ويَّا الأفكار.. على كده أصبحت وامسيت وشافونى وقالوا اتجنيت.