الدكتور خالد مكين مستشار وزير الصحة للتجميل – وهذه وظيفة حقيقية في الوزارة – استخدم كل ما لديه من علم وفن لتجميل حادث إشعال المواطن عبده عبد المنعم النار في جسده، ثم التهوين من الحادث، بل وإدانة المصاب الذي قادته هذه الدرجة العجيبة من الفساد، إلى قنوط ما بعده قنوط، وأشك أن مكين استخدم علمه بنفس الدرجة في علاج المواطن المحترق. عندما سألناه في المؤتمر الصحفي الذي حضره مع المتحدث الرسمي باسم الوزارة اليوم عن طبيعة المادة التي يمكن أن يكون المحترق استخدمها، قال بحسم إن هذا ليس شأنه كطبيب تجميل، وإنه لا يتحدث الا بصفته مستشارًا للوزارة في مجال التجميل، لكنه نسى بعد ذلك مكانته العلمية كأستاذ للتجميل بجامعة القاهرة، وتقمص دور رجل الدين، بتأكيده في المؤتمر على أن المنتحر يموت كافرًا، في لفتة غير إنسانية، تستخدم الدين في إدانة المصاب المجني عليه، دون استخدام الدين في إدانة الفساد والذل، اللذين دفعا هذا المحترق وغيره إلى الإقدام على الانتحار أو السرقة أو الإدمان أو غيرها من المظاهر والسلوكيات المفزعة. زاد مكين وتقمص شخصية العالم المتخصص في شئون الانتحار، ليؤكد أن ظاهرة الانتحار قليلة جدًا في مجتمعنا المصري المتدين. عندما وجدت ومعي الصحفيون أن الرجل يخرج عن تخصصه، عدنا نسأله “لماذا قام وزير الصحة بزيارة هذا المصاب بالذات.. ألا ترى أنه فعل ذلك بسبب الحساسية السياسية للحادث وكونه وقع أمام مجلس الشعب وبعد أحداث تونس؟ فما كان من الرجل إلا أن عاد الى جحره، مؤكدًا أن هذا يخرج عن نطاق تخصصه، ثم عاد وخرج عن تخصصه بتأكيده أن المصاب لم يقصد الانتحار أبدًا، وإلا كان قد استخدم مادة شديدة الاشتعال “كالبنزين والكيروسين” وأن الإصابات الموجودة في المصاب لا تحدث بالبنزين أو الكيروسين. وأضاف الرجل بلغة تعليمية واضحة وكأنه يعلمنا أصول الانتحار “يا شباب، من يريد الانتحار عليه أن يسكب كمية من البنزين أو الكيروسين على نفسه، فتسري المادة شديدة الاشتعال على جسده مخترقة ملابسه، ليتحول الى قطعة من النار بعد عشر ثواني من إشعال النار في نفسه، فلا يستطيع أحد إنقاذه ولا حتى بطفايات الحريق”. لم أكن أعرف ساعتها أن المصاب كان يحمل “جركن” بنزين عندما أشعل النار في نفسه، فقلت له إنه ربما لم يقرر المصاب أن يحرق نفسه وهو قادم الى القاهرة يقدم شكواه للمسئولين، بعد أن يئس من المسئولين في محافظته، وإنه ربما مر بلحظة يأس عميقة وهو أمام مجلس الشعب، فأشعل النار في نفسه فجأة دون قرار أو ترتيب مسبق، فرد خبير التجميل، الذي تحول الآن إلى خبير “جاز وبنزين” وأكد أنه حتى لو كان الأمر كذلك، فكان يمكنه أن يذهب الى أقرب مكان بيع بنزين وكيروسين، الموجودين بوفرة في كل مكان ليحضر ما يريد لو كان جادًا في إقدامه على الانتحار، وبعد أن أكمل خبير الانتحار نصائحه لمن يريد الانتحار، لكي لا يخيب قصد من يقرر الانتحار، وعلى هامش المؤتمر الصحفي تمادى سيادته في كيل الاتهام للصحفيين ومندوبي القنوات لأنهم دخلوا في مشادة مع الأمن ومروا من بوابة المستشفى رغم المنع الأمني لهم، قائلاً “هل يجوز أن يحدث هذا من صحفيين في مستشفى؟” ولم يعلق سيادته على الأجهزة الأمنية التي ملأت المستشفى، وأدارتها لحسابها، بهدف منع المعلومات عن الإعلام والسماح فقط بخروج المعلومات التي يريدونها عن طريق مستشار التجميل، فسيادته لا يتقمص دور الخبير في أهمية المعلومات، ولا يريد إدراك أهمية الحقيقة في المجتمع، ورأى أن عدم السماح للصحفيين بلقاء المريض شيئًا عاديًا في دولتنا البوليسية التي وضعته في هذا الموقع، ورأى أن الخطأ كل الخطأ في الصحفيين الذين حاولوا الوصول للمصاب، بينما هو في يد رجال الأمن الذين انتحر هرباً منهم ومن أمثالهم. إن مكين يتقمص دور رجل الأمن، ليظل المصاب في قبضة الأجهزة الأمنية وهو داخل المستشفى منذ التاسعة والثلث صباحًا، وحتى مغادرة الصحفيين المستشفى في الثالثة والنصف، دون أن نأخذ من المصاب كلمات بسيطة عن مشاعره، كإنسان في هذا الموقف الصعب، ومشاكله وشخصيته وطبيعة الفعل الذي أقدم عليه، وبدلاً من ذلك، تم مواجهتنا بالأمن وخبير “الجاز” اللذين تسببا هم وأمثالهم في دفع بلادنا كلها إلى حريق يتسع نطاقه كل يوم ليطول الأخضر واليابس في طول البلاد وعرضها. مواضيع ذات صلة 1. مستشار وزير الصحة : المنتحر ” كافر ” والشاب الذي أحرق نفسه أمام مجلس الشعب لم يكن في نيته الانتحار ! 2. خليل أبو شادي: انفصال المعارضة عن حركة الاحتجاج الشعبي.. ذلك أفضل جدا 3. وزارة الصحة تعلن وفاة مصاب جديد في تفجيرات كنيسة الإسكندرية 4. مجلس الدولة يلزم وزارة الصحة عدم إصدار “تراخيص صيدلية” في المناطق الجديدة إلا بعد موافقة الحي 5. الإدارية العليا تلزم وزارة الصحة برفع الصورة المكتوب أسفلها التدخين يؤثر على العلاقات الزوجية من على علب السجائر