«قارئ القصر الملكى والرؤساء» هكذا اشتهر الشيخ مصطفى إسماعيل الذى وهبه الله حلاوة الصوت والنبرات الرنانة الصافية وكأنه آله موسيقية تداعبها يد عازف بصير بأسرار فنه الجميل،عن الشيخ مصطفى إسماعيل شمس دولة التلاوة المصرية التي لا تغيب كان ل»فيتو» هذا الحوار مع عاطف مصطفى إسماعيل الابن الأكبر للشيخ والذى يروى لنا عادات ونوادر شيخنا الجليل رحمه الله .. يقول عاطف إسماعيل: كان الشيخ مصطفى عبقريا بسيطا وعلى خلق كريم،عف اللسان،يحافظ على كرامته، متحضر جدا فهو لم يكن من المشايخ المتحجرين وكان لا يجلس معهم على الإطلاق ولا هم يجلسون معه،كان يحب العلم كثيرا حيث أرسل أبناءه الذكور إلى الدول الأوروبية لكى يتقلوا العلم هناك وأدخل أخوتى البنات مدرسة «الأمريكان كوليدج» حيث كانت مدرسة داخلية وكان لا يراهن سوى فى الاجازات،وكان الشيخ يشجع بناته على لعب التنس والبيانو فقد قام بشراء بيانو كبير فى منزلنا حتى يتدربن ويتعلمن عليه الموسيقى ولم يجبر أحداهن على ارتداء الحجاب،وكان مؤمنا بأن الإيمان وحده لا يكفى ولابد لابن آدم من العمل الصالح الذى ينفعه وكان مقتنعا بأن الدين الصحيح هو المعاملة الطيبة مع الناس، وكان مشغولا دائما بالحفلات والمآتم والسهرات وكان يقضى أوقات فراغه بين القراءة والاطلاع على الصحف والمجلات وحفظ الشعر وإلقائه فكانت سورة "آل عمران"هى أحب السور إلى قلبه لأن بها دعاء إلى الله عز وجل فكان الشيخ يداوم على قراءتها لأنه يشعر بروحانية تلك السورة التى تقربه من الله،واتذكر أنه ذات مرة كتبت إحدى المجلات أن الشيخ مصطفى إسماعيل يعزف البيانو فى منزله فتعجب من هذا القول وضحك كثيرا وقال لنا"أنا لا أعرف العزف على البيانو ولا غيره من الآلات الموسيقية والراديو هو الآلة الوحيدة التى أضع اصبعى عليها لأشغلها دون أن أعرف كيف أغيرمحطاته".وكان -رحمه الله-ي حب كثيرا أن يسمع القرآن بأصوات غير صوته ويظل يتأمل تلاوتها ولا يسأم من ذلك أبدا،فكان أحب الأصوات إلى قلبه هو الشيخ محمد رفعت والشيخ عبد الفتاح الشعشاعى. ويردف عاطف كلامه فيقول: الشيخ مصطفى إسماعيل وهبه الله حلاوة وقوة وعظمة الصوت وأعطاه الذوق فى القراءة فهو سمع كل ما قرأ من المقرئين فأى صوت يخرج من الإنسان يكون له اتجاه لحنى معين فى السلم الموسيقى،ففى المقامات الشرقية اتجاهات لحنية مختلفة مثل مقام البياتى والشورى والصبا وهو مقام يتسم بالحزن وأيضا مقام الحجاز والعجم والنهاوند والرست والسيكا وكل منها يختلف عن الأخر،حيث كان الشيخ مصطفى يستطيع القراءة بكل هذه المقامات وتركيبها على أى جملة كى يصل معناها للمستمع ويفهمها،فالسلم الموسيقى يتكون من ديوانين 16 مقاما حيث كان الشيخ يتقنها بقوة واقتدار دون أن يدرس فى أى معهد موسيقى حيث كانت لديه ثقافة موسيقية ليس لها نظير. واتذكر أننى كنت مع الشيخ عند الفنان محمد عبد الوهاب وكان معنا جزء من تسجيل لصوت الشيخ،و سمع عبد الوهاب التسجيل طلب منى أن ارجعه مرة واثنتين..ثم قال:القفلة دى بسطا نجار عملتها إزاى يا شيخ مصطفى؟!..رجع الشريط تانى ..انت درست الموسيقى يا شيخ؟ رد الشيخ مصطفى:ما قلتلك يا سى محمد ما درسناش حاجة وهو كان فى حد فى البلد بيفهم فى الكلام ده. وكان عبدالوهاب أحيانا يتصل بوالدى حين يصعب عليه الانتقال من مقام لآخر ويقوم الشيخ بتصحيح النغمة فى ثوان معدودة. ومن عادات الشيخ فى شهر رمضان أنه كان دائم السفر للخارج لإحياء الحفلات والسهرات الدينية بين الجاليات المصرية حيث كانت تحدث له نوادر هناك فذات مرة سافر الشيخ إلى لندن وهولا يعرف اللغة الانجليزية وكتب بعض أصدقائه بالحروف العربية بعض التعبيرات الانجليزية ليستخدمها فى تعاملاته مع الانجليز،فلما أحس بالجوع فى الفندق ضغط على الجرس وجاءت إحدى الخادمات وأخذ يبحث عن الورقة فى جيوبه فلم يجدها ففتح فمه معبرا عن حاجته الطعام فخافت الخادمة وهربت من أمامه، ثم جاءه رئيسها وسأله ماذا حدث؟؟فعاود الشيخ فتح فمه وهو يقول هم..هم..مثل الأطفال،وفهم الخادم وأحضر له الطعام.