السيد البدوى هو أحد أشهر الزاهدين واسمه أحمد شهاب الدين بن على بن إبراهيم ويعود نسبه إلى الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه . ولد بمدينة فاس بالمغرب 566 ه / 1199م وكان مولده نقطة تحول فى حياة اسرته لأن والدته وضعته بعد ان رأت رؤية فى المنام تبشرها بانها ولدت غلاما ليس ككل الغلمان وكان الغلام المقصود هو البدوى وكان البدوى سادس اخوته . فى سن السابعة رحل البدوى مع اسرته من المغرب الى مكة واستغرقت الرحلة اربع سنوات منها ثلاث سنوات اقاموها فى مصر وفى الثامنة والثلاثين من عمره سافر السيد البدوى الى العراق مع شقيقه الأكبر حسن وعاد الى مكة بعد عام واحد وقرر فى نفس عام رجوعه الهجرة الى مصر وتحديدا الى مدينة طنطا لتكون موطن انتشار طريقته . البدوى حفظ القرآن كاملا قبل سن السابعة وتعلم الفقه فى المغرب على يد المالكية وتعلمه على يد الشافعية بعد سفره الى مكة وتعلم فنون الفروسية وأجادها لدرجة ان اخيه حسن شهد له وقال : لم يكن فى مكة والمدينة من الفرسان أشجع ولا أفرس من اخى أحمد فسميته العطاب محرش الحرب . وعلى الرغم من تفوق البدوى فى العلم والفروسية إلا أنه عكف على العبادة وعزف عن الزواج وزاد من اعتكافه بعد وفاة والده واخيه حتى زهد عن الحديث باللسان وصار يكتفى بالاشارة فقط . البدوى لقب منذ طفولته بالزاهد ولبس خرقة التصوف فى فاس على يد الشيخ عبد الجليل النيسابورى وقد اخذه اخوه حسن الى الشيخ لهذا الغرض حيث كان حسن قد لبس خرقة التصوف عن نفس الشيخ . وكانت شدة الشغف بالعلم احد اهم صفات السيد البدوى ومكنته من النهل من علوم الرفاعى وعبد القادر الجيلانى وقد رأى ذات مرة رؤية زادت من اصراره للسفر إليهم والتعلم على يديهم حيث شاهد الرفاعى والجيلانى ويقول احدهما له : « لا تنم فمن طلب المعالى لا ينام وحق ابائك الكرام سيكون لك حال ومقام . وكان سفر أحمد البدوى إلى طنطا نزولا على رؤية رآها ثلاث مرات ويقال له فيها : سر الى طنطا فإنك تقيم فيها وتربى أجيالا وأبطالا وبالفعل استطاع البدوى أن يربى فيها نفوسا مؤمنة شارك فى قتال لويس التاسع عشر فى الحملة الصليبية واسرته فى المنصورة عام 647 ه . للبدوى تنسب كرامات يتداولها العامة اشهرها انه كان ينقذ الاسرى المصريين الذين تم اسرهم خلال الحروب الصليبية وتم اقتيادهم الى سجون دول أوروبية ولذلك انتشرت مقولة فى التراث الشعبى المصرى هى: الله الله يا بدوى جاب اليسرى أى أن البدوى قد جاء بالأسرى . ومن وصايا البدوى لمريديه : اعلم ان كل ركعة بالليل خير من ألف ركعة بالنهار ولا تشمت فى مصيبة احد ولا تنطق بغيبة او نميمة واعف عمن ظلمك وأحسن لمن اساء إليك ولا تكذب ولا تأتى بفاحشة ظاهرة او باطنة وغض البصر عن المحارم و ملازمة الذكر ودوام الفكر ولا تحب الدنيا لأن حبها يفسد العمل الصالح كما يفسد الخل العسل وأشفق على اليتيم واكسى العريان وأطعم الجوعان واكرم الغريب . طريقة أحمد البدوى تعرف باسم الطريقة الأحمدية نسبة لاسمه أحمد أو بالطريقة البدوية نسبة الى كنيته وتقوم طريقته على لبس الخرقة من شيخ عن شيخ والعهد بها والمبايعة . ولأهمية الخرقة أوصى أحمد البدوى تلميذه عبد العال قائلا له : يا عبد العال اعلم انى اخترت هذه الراية الحمراء لنفسى فى حياتى وبعد مماتى وهى علامة لمن يمشى على طريقنا من بعدى . ويقام للبدوى فى مدينة طنطا احتفالين سنويا وهما المولد الرجبى فى شهر إبريل والاحتفال بمولد أحمد البدوى فى أكتوبر وهو من أكبر الاحتفالات الدينية فى مصر على الاطلاق حيث تحتفل 67 طريقة صوفية ويزور مسجده أكثر من 2 مليون زائر فى المتوسط خلال أسبوع . وقد توفى أحمد البدوى في 12 ربيع الأول 675 ه / 24 أغسطس 1276 م بمدينة طنطا عن عمر يناهز 79 عاما .