لمسجد العارف بالله السيد احمد البدوي قيمة روحية وتاريخية لدي قطاع كبير من المسلمين في كافة أنحاء العالم الإسلامي وملاذا روحانيا لطلاب العلم وقبلة لمحبي أولياء الله الصالحين ومزارا دينيا يعكس ارتباط المسلمين وشغفهم بالقدوة الصالحة. بدأ المسجد بخلوة بناها عبد المتعال أول خلفاء البدوي بجانب القبر ثم حولها عبد المتعال إلي زاوية للآحمدية وعني بها السلطان سيف الدين قايتباي عام1483 م وفي عهد علي بك الكبير1769 م أمر ببناء مسجده الحالي وبنيت به ثلاث قباب أكبرها للبدوي والغربية لعبد المتعال و الشرقية للشيخ مجاهد الذي كان شيخ المسجد في ذلك العصر, و قد أوقف علي بك الكبير أطيانا عديدة تعتبر من أهم موارد المسجد المالية. وفي عهد عباس الأول تم تجديده مرتان1836 م و1848 م كما أوقف محمد سعيد باشا أوقافا و نظم القراءات بالمسجد عام1860 م كما لقي المسجد عناية من الخديوي إسماعيل1876 م كما اهتم به الخديوي عباس حلمي الثاني1898 م وكذا في عهد الملك فؤاد1918 م وحظي المسجد باهتمام متزايد من الدولة في عهد كل الرؤساء السابقين. يرجع حدوثه إلي أن أتباع البدوي حضروا إلي طنطا بمجرد أن ذاع خبر وفاته للعزاء وكانوا بالألوف فلم تتسع المدينة في ذلك الوقت بهم فضربوا خيامهم خارجها وحولها وظلوا ثلاثة ايام ثم رحلوا و توالت السنون وظلت هذه العادة مستمرة حتي صارت ثمانية أيام و تغير موعد المولد من شهر اغطس الذي مات فيه البدوي الي شهر اكتوبر حتي يومنا. رحلة مع الله ولد البدوي بمدينة فاس بالمغرب مراكش عام596 ه/1199 م ويقال يتصل نسبه الي علي بن ابي طالب عم النبي صلي الله عليه وسلم و هو سابع أخوته هاجر أجدادهم من بلاد العرب الي بلاد المغرب بين القبائل العربية عام73 ه فرارا من ظلم الحجاج الثقفي و تعقبه للعلويين بمكه بعد استشهاد عبد الله بن الزبير ثم خرجت أسرة البدوي من المغرب الي مكة عام603 ونشأ البدوي نشأة دينية علي عادة أبناء الأشراف في ذلك العصر فحفظ القرآن و تعلم القراءات و تفقه علي مذهب الإمام مالك و مال إلي الزهد منذ الصغر حتي أشتهر بين قومه بالشيخ احمد الزاهد و كان أخوه حسن من الصوفية فأشرف علي علي تعليمه وألبسه خرقة التصوف علي يد الشيخ عبد الجليل النيسابوري بفاس في المغرب و لما انتقل إلي مكة أتم دراسته علي مذهب الإمام الشافعي وظل شافعيا حتي توفاه الله. رحل مع أخيه حسن إلي العراق في عهد الخليفة المستنصر بالله الملقب بأبي جعفر المنصور ثم عادا إلي الحجاز بعد مضي عام بالعراق وكانت هذه الرحلة أثرها الكبير علي البدوي فقد اشتد ميله للزهد فكان يتعبد في جبل ابي قبيس حيث كان يصوم النهار ويقوم الليل ويكثر من قراءة القرآن واتجه تفكير البدوي الي الرحيل لجهة يتخذها مقاما ومقرا دائما ولعله رأي مصر خير مقر فولي وجهه شطرها. وفي عام637 ه وصل البدوي الي طندتا( طنطا) وظل فيها حتي مات البدوي عام675 ه عن عمر{79 عام} في عهد الظاهر بيبرس البندقداري الذي تولي حكم مصر17 عاما. وبوصول السيد البدوي إلي مصر قادما من المغرب تلقاه الظاهر بيبرس بعسكره وأكرمه وعظمه وانتسب إلي طريقته. وكان له دور عظيم وكان قد أسر العديد من جند الفرنسيين حتي قابله الأهالي بنشيدهم المحفوظ إلي الآن: الله الله يا بدوي جاب الأسري, ومازالت هذه المقولة يتغني بها الناس كأنشودة من التراث الأحمدي.