متأثراً بالمفكر الفرنسى الرائع جان جاك روسو الذى صاغ نظرية «العقد الاجتماعي» وشعاره العدل والحرية والمساواة، سار المستشار هشام البسطويسى فى برنامجه الانتخابي، ولأنه كان نائباً لرئيس محكمة النقض، وله باع طويل فى القضاء وفضح تزوير الانتخابات البرلمانية والرئاسية، فقد اضطهده النظام الفاسد السابق، فسارع البسطويسى للعمل فى الإمارات والكويت، وهناك -أيضاً- حكم بالعدل، فلم يخش فى قول الحق لوم لائم أو سلطة أمير. العدل «كلمة السر» فى برنامجه الانتخابي، سياسي، اقتصادي، اجتماعي، ثقافي، العلاقات الدولية، وعن هذا قال البسطويسي فى برنامجه: إن تحقيق «مجتمع العدل» فى جميع المجالات يبدأ بالقضاء على الفساد واقتلاعه من جذوره، بإعادة النظر فى المنظومة التشريعية والقوانين التى أفرزت الفساد على أرض مصر، والبسطويسى ضد الفساد وضد الاستبداد. ففى مجال العدل السياسى يرى ضرورة قيام الدولة على أساس دستور ديمقراطى يعبر عن جميع المصريين بمختلف فئاتهم وطبقاتهم، وضمان الحريات العامة والخاصة، وحرية الرأى والتعبير والإبداع، وإقامة الأحزاب السياسية والنقابات المستقلة والاتحادات والجمعيات الأهلية، فى تنشيط واضح لدور المجتمع المدني، وأيضاً حرية إقامة الشعائر الدينية وحرية الصحافة والإعلام وحق التظاهر السلمي، والحرص على مدنية الدولة الديمقراطية الحديثة، وألا تتغول سلطة على سلطة أخري، تنفيذية أو قضائية أو تشريعية، وبالطبع يركز البسطويسى على رفضه شعار «المستبد العادل»، مبرراً: الحاكم العادل تفسده السلطة المطلقة، والمستبد العادل يتحول إلى ديكتاتور ويضع نفسه فوق السلطات، ويرى ضرورة إلغاء جميع القوانين المقيدة للحريات، وإلغاء الحكم المطلق، والاعتداد بالمواطنة، وإقامة حكم شعبى محلى حقيقى يقوم على «اللامركزية» والمشاركة الشعبية فى انتخابات رؤساء القرى والمدن والمحافظين، على أن تتمتع المجالس المحلية بسلطات حقيقية تصل إلى استجواب المحافظ وسحب الثقة منه. لكن البسطويسى لم يحدد آليات القضاء على الفساد والرشاوى بالأجهزة المحلية التى كانت -ولا تزال- سبباً مباشراً فى كوارث حقيقية، خصوصاً أن هذه الأجهزة تتعامل مع الجمهور مباشرة، وتستغل أمية 04٪ من الشعب فى التربح. فى مجال تحقيق العدل الاقتصادى يرى البسطويسى أن ذلك يعنى المساواة فى مجال الاستثمار الاقتصادى وتكوين الثروة القومية، ومنع الاحتكار ومحاربة التمييز بين أبناء الوطن فى مجال الاقتصاد والاستثمار، من خلال الدعم الدستورى والقانونى للاستثمار العام والخاص التعاونى للمساهمة فى التنمية الصناعية والزراعية وتوفير فرص العمل، بالإضافة لبناء شراكة تنموية مع مؤسسات القطاع الخاص المنتج، مع ضمان تحقيق المسئولية الاجتماعية وإعلان دور القطاع التعاونى فى التنمية الاقتصادية، وأيضاً تحديث مدن وقرى الوادى القديم وزيادة الرقعة الزراعية باستصلاح الأراضى الجديدة، وتنمية صعيد مصر وسيناء وإيجاد حلول جذرية لمشاكل أهالى النوبة وقبائل أولاد على «حدود مصر الغربية»، فى إطار من التوزيع العادل لامكانات التنمية والاستثمار الصناعى والزراعى والحرفى والتعاوني، وهذا يستلزم إقامة مجتمعات عمرانية وصناعية وزراعية جديدة بالصحراء الغربية وسيناء لاستيعاب الزيادة السكانية، والاهتمام بتغليظ عقوبة الفساد المالى والإداري، وعقوبة المتسببين فى الاحتكار والتمييز الاقتصادى واستغلال النفوذ. لكن البسطويسى لم يوضح آليات محاربة الفساد أو دعم الجهات الرقابية التى من شأنها إفساد الزواج - أو بمعنى أدق زنا- بين السلطة والمال، أو السعى إلى سن قوانين وتشريعات جديدة من مجلس الشعب تقضى بالسجن المؤبد فى قضايا الرشوة أو التربح، وهذا من شأنه تحقيق العدل الاقتصادى فى أسمى صورة، وهو ما تحققه الصين كنموذج. ويشتمل برنامج البسطويسى الانتخابى على محور «العدل الاجتماعي» وأهم ملامحه، توفير آليات فاعلة وعادلة لحماية الفئات الأولى بالرعاية كالأطفال المشردين والأيتام وذوى الاحتياجات الخاصة والمرأة المعيلة وضحايا العنف الأسري، ومعنى اهتمامه هو احساسه بضخامة نسبة هذه الفئات ضمن تعداد الشعب، واقتراب مجموعهم من نحو 04٪ من سكان مصر، أيضاً اهتم البسطويسى بمحور مهم للغاية وهو تخصيص قطعة أرض لكل أسرة مصرية فى المدن الجديدة بسعر لا يزيد عن 002 جنيه للمتر، شاملة المرافق والخدمات. وينتقد المرشح الرئاسى نظام الأجور الفاسد الذى لا يزال مستمراً بعد الثورة، من تقاضى موظفين حكوميين مبالغ فلكية وآخرون لا يجدون شيئاً، ويطالب بحساب جديد للمعاشات، بعد الفارق الهائل بين آخر راتب ومبلغ المعاش الشهري، مقترحاً حساب المعاش طبقاً لمتوسط أجر العامين الأخيرين قبل الاحالة إلى المعاش، وتوفير الرعاية الاجتماعية للفئات الأشد فقراً ورعاية العاطلين عن العمل لحين حصولهم على فرص عمل مناسبة، ويركز البسطويسى على ألا يقل الحد الأدنى للأجور عن 0021 جنيه شهرياً، لكنه لم يضع حداً أقصى للأجور، وإن كان قد حدده لحقق فاعلية مقولته «القضاء على الفوارق بين الطبقات». نقطة جوهرية لم يتطرق إليها البسطويسى فى إطار معالجته ل «العدالة الاجتماعية» وهى القضاء على الإدمان بجميع أنواعه وإتاحة علاج المدمنين على نفقة الدولة فى إطار من السرية، وأهمية هذا المحور هو زيادة عدد مدمنى المخدرات بأنواعها إلى نحو 21 مليون مصري، أيضاً تجاهل البسطويسى علاج مرضى فيروس «سي» والتهاب الكبد الوبائى الذين يقترب عددهم من 21 مليون مواطن، والمفترض علاجهم على نفقة الدولة، تماماًَ كمرضى السرطان والفشل الكلوي، هؤلاء تجاهلهم المرشح الرئاسى فى برنامجه، ومعظم هؤلاء المرضى من الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم وبالتالى فالعلاج حلم بعيد المنال بالنسبة لهم. البند الرابع فى برنامجه هو «العدل الثقافي»، وقد ركز فيه على إذكاء روح الانتماء الوطنى وتعزيز قيم العدل والحرية والمساواة وقيم المواطنة، ورفض جميع أشكال التمييز والطائفية، بالإضافة لحماية حقوق الملكية الفكرية والثقافية وحرية الإبداع والبحث العلمى ورفض جميع أشكال القمع الثقافى والمنع والمصادرة، وتنمية قيم التفكير العقلى وتنمية الثقافة الديمقراطية، وتطوير مناهج التعليم وأساليب وطرق التدريس بمناهج بحث ابتكارية واحترام التعددية وتطوير الإعلام المقروء والمسموع والمرئى فى إطار من الحرية والحوار والتوسع فى عمليات نشر وتفعيل بيوت وقصور الثقافة الجماهيرية فى القرى والمدن. لكن البسطويسى أغفل بنداً مهماً فى «العدل الثقافي»، وهو إتاحة جميع الكتب الثقافية والعلمية والأدبية بسعر زهيد للغاية، على غرار الكتب زهيدة الثمن التى كان يشتريها - مع غالبية جيله- فى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، والتى كانت عشرة جنيهات تكفى لشراء كومة كتب للعقاد وطه حسين والمازنى والبشرى وغيرهم من الأدباء الرواد. آخر بنود برنامجه الانتخابى هو «العدل فى العلاقات الدولية»، ومع أنه ركز على الحفاظ على استقلال الإرادة السياسية المصرية وبناء علاقات مصر الخارجية على أساس مصالح مصر وأمنها الوطني، ووقف تصدير الغاز لإسرائيل ومراجعة اتفاقيات كامب ديفيد، وعودة مصر لدورها العربى فى إطار من التكامل والتعاون، ودعم العلاقات المصرية الأفريقية ودعم حقوق المصريين فى الخارج، مع كل هذا فهو لم يقرر آلية الضغط على دول الخليج لإلغاء نظام الكفيل الذى يمثل قيداً على كل مصرى هناك، أو إيجاد آلية للافراج عن المعتقلين المصريين بهذه الدول، بصفته رجل قانون، مع أن هذا له الأولوية القصوى لعودة مصر لريادتها ولكلمتها العليا بين الدول العربية، التى نجح النظام الفاسد السابق فى إذلال المواطن المصرى بها وامتهان كرامته، مقابل أموال ضخمة كان يودعها أمراء الخليج فى حساب المخلوع.. أقول هذا لأن المستشار البسطويسى عمل بالخليج سنوات طويلة بالإمارات والكويت، ورأى بعينيه كيف يعامل المصرى هناك. cv مواليد 32 مايو 1591. تخرج فى كلية الحقوق، جامعة القاهرة، عام 6791. متزوج وله ثلاثة أبناء. عمل وكيلاً لنيابة الجمرك «بالإسكندرية» عام 0891. اختير كمستشار لمحكمة النقض عام 8991، وفى عام 0002 انتخب نائباً لرئيس محكمة النقض. ألغى انتخابات مجلس الشعب فى دائرة مينا البصل عام 2891. أبطل انتخابات دائرة الزيتون «دائرة زكريا عزمي» عام 3002. فى عام 5002 فضح تزوير الانتخابات البرلمانية واتهم النظام السابق بعدم النزاهة، فتم احالته هو والمستشار محمود مكى للمحاكمة والتى قضت بتوجيه اللوم لهما، وتضامن الشارع المصرى معهما. رفض انتدابه قاضياً لمحكمة القيم عام 7002 وقال: لا يشرفنى العمل فى محكمة استثنائية. اختاره البرلمان الأوروبى عام 6002 للحديث عن استقلال القضاء، لكن النظام الفاسد منعه من السفر. تم انتخابه عضواً فى المفوضية الدولية للحقوقيين بالأمم المتحدة عام 8002، ولا يزال عضواً بها. شارك فى وفد الدبلوماسية الشعبية لحل مشكلة مياه النيل فى كل من أوغندا وأثيوبيا فى عام 1102.