المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المتحف المصرى الكبير    تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران يشعل أسعار الذهب عالميًا ومحليًا.. وتوقعات جديدة للسوق (تقرير)    أسعار الخضروات اليوم السبت 14 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    وزير الزراعة يبحث مع السكرتير التنفيذي لهيئة المصايد تعزيز التعاون الإقليمي    النفط يرتفع 7% بعد تبادل الضربات الجوية بين إسرائيل وإيران    محافظ أسيوط يؤكد تيسير إجراءات التصالح في مخالفات البناء وتكثيف المتابعة    السبت 14 يونيو 2025 .. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع خلال تعاملات اليوم    الأردن يعلن إصابة 3 أشخاص إثر سقوط «جسم» على منزل ب«إربد»    جراء الهجوم الإسرائيلي.. إيران تكشف حجم الأضرار في منشأة فوردو النووية    5 رسائل تحذيرية للأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي الأمريكي في مونديال الأندية    كرة اليد، مواعيد مباريات منتخب الشباب في بطولة العالم ببولندا    مولينا: مواجهة باريس بداية نارية.. ولقاء بوكا سيكون لحظة خاصة    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    غدًا الأحد.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة بقنا وسط استعدادات مشددة وإجراءات أمنية مكثفة    أجواء شديدة الحرارة خلال الساعات المقبلة.. الأرصاد تعلن التفاصيل    أهالي يلاحقونه بتهمة خطيرة.. الأمن ينقذ أستاذ جامعة قبل الفتك به في الفيوم    وزير الثقافة يشهد عرض "سجن النسا" على مسرح السلام (صور)    ب"فستان جريء".. أحدث ظهور ل مي عمر والجمهور يغازلها (صور)    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : نحن بحق فى معركة!?    الهلال السعودي يصل واشنطن للمشاركة فى كأس العالم للأندية.. صور    محافظ مطروح يشيد بجهود المشاركة المجتمعية في التيسير على المواطنين    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم السبت 14-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تجهيز 76 لجنة استعدادًا لانطلاق ماراثون الثانوية العامة بأسيوط    لحماية الطلاب.. النيابة الإدارية تفعّل قنوات تلقّي الشكاوى خلال الامتحانات الثانوية العامة    غدا.. بدء صرف مساعدات تكافل وكرامة للأسر الأولى بالرعاية عن شهر يونيو    الأهلي بزيه التقليدي أمام إنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    إعلام إسرائيلى: إيران أطلقت نحو 200 صاروخ باليستى منذ بداية الهجوم    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-6-2025 في محافظة قنا    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    في اليوم العالمي.. الصحة العالمية تكشف فوائد وشروط التبرع بالدم    محاكمة 3 متهمين في قضية خلية "جبهة النصرة الثانية".. اليوم    الأمن العام الأردنى: إصابة 3 أشخاص بسقوط جسم على منزل فى إربد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    افتتاح كأس العالم للأندية.. موعد والقنوات الناقلة لمباراة الأهلي وإنتر ميامي    غدا .. انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة بالمواد غير المضافة للمجموع    قصور الثقافة تعرض "طعم الخوف" على مسرح مدينة بني مزار الأحد المقبل    غرائب «الدورس الخصوصية» في شهر الامتحانات    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 14 يونيو 2025    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    توجيهات رئاسية مُستمرة وجهود حكومية مُتواصلة.. مصر مركز إقليمي لصناعة الدواء    أنغام تُطرب جمهور الخبر في حفل استثنائي ب السعودية (فيديو)    وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات قوية في شرق طهران    تعرف على أسماء وأماكن لجان الثانوية العامة 2025 بمحافظة الشرقية    قناة مفتوحة لنقل مباراة الأهلي وانتر ميامى في كأس العالم للأندية    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات الصهيونية بحق دول المنطقة    الكويت تدعو مواطنيها فى مناطق التوتر بتوخى الحذر والمغادرة حال سماح الظروف    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    فرنسا تحذر مواطنيها من السفر إلى الشرق الأوسط    الدبيكي: إعتماد إتفاقية «المخاطر البيولوجية» إنتصار تاريخي لحماية العمال    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    احذرها.. 4 أطعمة تدمر نومك في الليل    «تضامن الدقهلية» تطلق قافلة عمار الخير لتقديم العلاج بالمجان    «الأهلي في حتة عاشرة».. محمد الغزاوي يرد على المنتقدين    4 أبراج يتسمون ب «جاذبيتهم الطاغية»: واثقون من أنفسهم ويحبون الهيمنة    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة ماجستير فى كينيا تناقش مفهوم الخطايا عند المسلمين والمسيحيين.. بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها
نشر في البوابة يوم 13 - 06 - 2025

بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها

القيم العامة واحدة فى كل من المسيحية والإسلام.. ولكن موضوع الخطية مثار خلاف كبير

الباحث القس سمير داود: دراسة الخطية أكبر من البحث فى القيم لأن نفوسنا عاصية وأمارة بالسوء

الخطايا فى المسيحية أو الإسلام تجعلنا نبنى أرضية مشتركة لتصحيحها من أجل الحياة بسلام وأمان

يجب أن يكون لدينا حوار دينى مسيحى عملى حقيقى على أرض الواقع
«المجتمع الغربى يختلف كليًا عن المجتمع الشرقى.. وبالتالى ما يُعتبر خطية فى الغرب قد لا يُعدّ كذلك فى الشرق.. والعكس صحيح»

القس سمير داود
فهم العقائد عمومًا، ومفهوم الخطية خصوصًا فى كل من المسيحية والإسلام، يُسهم فى بناء أرضية مشتركة للحوار. من هذا المنطلق حصل الباحث القس سمير داود ونيس إبراهيم على درجة الماجستير من جامعة سانت بول فى كينيا عن رسالته "مفهوم الخطية فى المسيحية والإسلام وأثره على العلاقات المسيحية الإسلامية"
وتتضمن الرسالة 3 أهداف هي:
أولا: ما هى الخطية والتأسيس اللاهوتى فى كل من الإسلام والمسيحية.
ثانيا: ارتباط مفهوم الخطية بالعقائد والطقوس والممارسات فى المسيحية والإسلام
ثالثا: الفهم المعاصر للخطية وأثره على العلاقات المسيحية الإسلامية
وأكد القس سمير أن الأهداف التى طرحها فى عمله الأكاديمى الفريد تدور حول سؤال هل فهمنا للعقائد مثل عقيدة الخطية سواء فى المسيحية أو الإسلام يجعلنا نبنى أرضية مشتركة لأن هناك بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بأنها خطية، على سبيل المثال الشذوذ الجنسي، فالمسيحية تعتبر ذلك خطية سواء على المستوى الدينى أو الأخلاقى أو الاجتماعي. فلابد من فهم المسلم لمفهومى كمسيحى عن الخطية يتطابق مع ما تعلنة كلمة الله فى الكتاب المقدس وهو نفس الشيء فى الإسلام النقطة الأخيرة فهمنا للمعتقدات يجعلنا ندرك أهمية أن يكون لدينا حوار دينى مسيحى عملى حقيقى على أرض الواقع فليس فقط مفهوم الخطية لكن كل ما يتعلق بالمسيحية والإسلام أن الأوان أن تدرس هذه العقائد بانفتاح كبير تحت مظلة أكاديمية علمية سواء من الأزهر أو كنائس المختلفة وما تمثلها من كليات اللاهوت المعتمدة.. وحول هذه الرسالة الفريدة فى مضمونها التقينا القس سمير بالكنيسة الانجليكانية. البوابة التقت مع الباحث وكان هذا الحوار.

القس سمير داود يتحدث لمحرر «البوابة»

■ فى البداية لماذا نوقشت الرسالة فى كينيا؟
لم نكن نقصد كينيا تحديدًا، بل كنت أبحث عن برنامج يُعنى بالإسلام والعلاقات المسيحية الإسلامية. وأثناء مشاركتى فى مؤتمر كليات اللاهوت فى أفريقيا، الذى عُقد فى مصر، التقيت بعميد جامعة القديس بولس فى كينيا، دكتور "ديفوس شيرمونيون" وبترشيح من رئيس الأساقفة، المطران سامى فوزي، تم الاتفاق على تبادل الخبرات بين كليات اللاهوت، وبخاصة بين كلية القديس أثناسيوس التابعة لإقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية الإنجيليكانية، وجامعة القديس بولس فى كينيا، وهى جامعة عريقة وكبيرة، ومعتمدة دوليًا. وبناءً على هذا التعاون، تم ترشيحى للدراسة فى جامعة القديس بولس فى كينيا، للالتحاق ببرنامج الماجستير هناك، مقابل تدريس أبجديات اللغة العربية.
■ فى العادة يتم اختيار قيمة مشتركة والبحث فيها لتأكيد التعايش بين الأديان لماذا اخترت الخطية وهل تصلح لتكون كذلك؟
فى العادة هذا ما يتم مناقشته لكن تأثيره على المجتمع لا يتجاوز إلا عدد محدد من الناس وهناك عدد من القيم المشتركة فى كل من المسيحية والإسلام. لكن كان موضوع الخطية مسار خلاف كبير فى كل من المسيحية والإسلام هذا الموضوع له أثره سواء على القيم الأخلاقية الممارسات الدينية كما يمتد أثره للمجتمع ككل فعندما يقع حادث أو جريمة لابد ان تجد أن هناك وصية دينية كسرت تمثل خطية يمتد أثرها على المجتمع الأفراد والأخلاق والقيم. فاعتقد أن موضوع الخطية دراسته أكبر من دراسة القيم المجتمعية فقط إذا عرفنا أن نفوسنا عاصية ومتمردة وأمارة بالسوء.
■ يقال إن فى الغرب الكذب هو الخطية الكبرى وفى الشرق الخطية الكبرى الزنا ما حقيقة ذلك وما تعليقك عليه وهل الخطية الكبرى فى الاسلام غير فى المسيحية؟
المجتمع الغربى يختلف كليًا عن المجتمع الشرقي، وبالتالى ما يُعتبر خطية فى الغرب قد لا يُعدّ كذلك فى الشرق، والعكس صحيح. فعلى سبيل المثال، ينظر الغرب إلى الجنس باعتباره غريزة طبيعية يمكن إشباعها فى أى وقت، دون أن يرتبط ذلك برابط دينى أو أخلاقى يبعث على تأنيب الضمير. ومن هذا المنطلق، لا يُعدّ الجنس خارج إطار الزواج خطيةً عند الكثيرين فى المجتمعات الغربية. كما أن الحياة فى الغرب تُبنى على الفردانية؛ فكل شخص حرٌّ فى خياراته الشخصية، ولا يُسأل عادةً عمّا فعل أو ارتكب، ما دام ذلك لا يتعدى على حرية الآخرين. أما فى المجتمعات الشرقية، فالأمر مختلف؛ إذ تُولى المجتمعات أهمية كبرى للأعراف الدينية والاجتماعية، ويُنظر إلى السلوك الشخصى على أنه جزء من النسيج العام للأسرة والمجتمع. لذلك، يختلف مفهوم الخطية بين الشرق والغرب، ويضعف لدى الغربيين التمييز بين "خطية كبيرة" و"خطية صغيرة"، كما هو الحال فى السياق الدينى أو الاجتماعى فى الشرق.
الخطايا الكبرى فى المسيحية والإسلام
فى المسيحية، لا يوجد تقسيم رسمى للخطايا إلى "كبيرة" و"صغيرة" كما هو الحال فى الإسلام. فالمبدأ اللاهوتى العام يقول إن "الخطية خطية"، بغض النظر عن اسمها أو مرتكبها، لأن أى خطية تُعد انفصالًا عن الله.
أما فى الإسلام، فهناك تفريق واضح بين الكبائر والصغائر، وتُسمى كذلك "ذنوبًا" أو "آثامًا" أو "معاصي"، وهى مصطلحات أكثر تداولًا من كلمة "خطية" التى تُستخدم فى المسيحية. وقد توعّد الله فاعلى الكبائر بعقوبات فى الدنيا والآخرة إن لم يتوبوا. من أمثلة هذه الكبائر: الزنا، وقد ورد فيه قوله تعالى: "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا" (الإسراء: 32). الكذب، وخاصة الكذب الذى يؤدى إلى الظلم أو شهادة الزور. وقد جاء فى الحديث النبوي: "وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدى إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار" (رواه البخارى ومسلم).
■ هل توجد أيضا خطية صغرى؟
- حسب المفهوم الإسلامى إذا كان هناك كبائر فبالتالى يكون هناك خطايا صغرى فى ومن أمثلة ذلك نسيان ذكر الله أو التقصير فى السنن والنوافل. لكن المسيحية لا تذكر هذا المفهوم عن الخطية.
■ ما أبرز تعليقات المناقشين حول الرسالة؟
- فى البداية كان المشرف على الرسالة الدكتور. "عدن جيرسو" دكتور مسلم كينى حاصل على دكتور فى الفلسفة من جامعة تركيا ومحاضر فى العديد من الجامعات فى كينيا وكان يجيد اللغة العربية جيدًا كذلك هناك مشرف آخر هو دكتور "جون كيبوي" أستاذ دراسات اللاهوت النظامي. أم الذين باشروا فحص الرسالة دكتور "جون بويير" أستاذ الفلسفة الإسلامية، وطرق البحث العلمي، ودكتور "جوزيف موتيه" عميد طلبة كلية سانت بولز وأستاذ التاريخ الإسلامي، العلاقات المسيحية الإسلامية.
ويُعد هذا الموضوع جديدًا من الناحية الأكاديمية، فعلى الرغم من وجود تاريخ طويل وحافل من الحوارات المسيحية–الإسلامية، إلا أن مفهوم "الخطية" لم يُشرح بوضوح لأتباع الديانة الأخرى. فغالبًا ما كانت الشروحات تتم داخل كل مجتمع دينى ووفقًا لثقافته الخاصة، دون أن يكون هناك جهد منهجى لتقديم هذا المفهوم للطرف الآخر بلغة علمية مفهومة. كما أن معظم الدراسات السابقة كانت إما بالعربية أو بالإنجليزية، ولكنها لم تتناول موضوع "الخطية" من منظور مقارن، بل اقتصرت على عرض المفهوم داخل كل ديانة على حدة. وحتى بين العلماء الحاصلين على درجات أكاديمية فى الدراسات الإسلامية أو المسيحية، نادرًا ما نجد من تطرّق إلى شرح مفهوم الخطية فى الإسلام بلغة إنجليزية موجهة لغير المسلمين، أو العكس.
وقد لاحظت ذلك شخصيًا أثناء مناقشة الرسالة، إذ كانت اللجنة المشرفة – وبعضهم متخصصون فى الدراسات المسيحية – يسمعون للمرة الأولى عن مفاهيم إسلامية أساسية، مثل: عدم وجود "الخطية الأصلية (Original Sin) أو مفهوم "وراثة الخطية"، الذى يُعد ركيزة أساسية فى اللاهوت المسيحي. من هذا المنطلق، أعتبر هذه الرسالة بمثابة بذرة أولى فى مجال دراسة مفهوم الخطية فى كل من المسيحية والإسلام، وهى محاولة لردم الفجوة المعرفية بين الديانتين. وقد كان للموضوع تأثير واضح على الطلبة المسيحيين من أفريقيا، الذين كانوا يعتقدون أن مفهوم الخطية متطابق فى الديانتين. كما أثّر الموضوع فى بعض الطلبة المسلمين الذين كانوا يتصورون أن المسيحية تُبيح جميع الخطايا ولا تضع لها ضوابط دينية أو أخلاقية، وهو تصور خاطئ شائع.
■ ما أثر هذا الموضوع على العلاقات المسيحية الإسلامية؟
- كما ذكرت سابقًا، فإن فهم العقائد عمومًا، ومفهوم الخطية خصوصًا فى كل من المسيحية والإسلام، يُسهم فى بناء أرضية مشتركة للحوار. فمثلًا، الشذوذ الجنسى يُعد خطية فى المسيحية من الناحية الدينية والأخلاقية والاجتماعية، وهو كذلك فى الإسلام. ومن هنا، فإن فهم المسلم لرؤية المسيحى للخطية يجب أن يكون منسجمًا مع ما تعلنه كلمة الله فى الكتاب المقدس، والعكس صحيح. إن إدراكنا المتبادل لهذه المفاهيم لا يقتصر على "الخطية" فحسب، بل يشمل كل ما يتعلّق بالإيمان المسيحى والإسلامي، ويمهد لحوار حقيقى وفاعل على أرض الواقع.
■ كيف يؤثر هذا المفهوم على الواقع المعاصر اليوم؟
- فى الواقع، بدأ مفهوم الخطية ينفصل تدريجيًا عن جذوره الدينية، وأصبح يرتبط بمجموعة من المفاهيم الثقافية والاجتماعية المتنوعة. وقد ساهمت التيارات الدينية المختلفة داخل كل من المسيحية والإسلام فى تعقيد هذا المفهوم، حيث لم يعد الحكم الدينى هو المعيار الوحيد لتقييم تصرفات الأفراد، بل أصبح واحدًا من عدة معايير تشمل الأطر الثقافية والاجتماعية وحتى السياسية. فعلى سبيل المثال، يختلف تعريف الخطية لدى المسيحيين الليبراليين عن نظرائهم المحافظين أو أتباع لاهوت التحرير فى أمريكا اللاتينية. وهذا التباين لا يعكس فقط تنوع التوجهات اللاهوتية، بل يشير أيضًا إلى انتقال المفهوم من إطار دينى محدد إلى إطار أوسع يستند إلى مبادئ مثل قبول الآخر، والتسامح، واحترام التعددية. غير أن هذا "التحرر" من المفهوم الدينى جعل من الصعب الوصول إلى تعريف مشترك للخطية، بل وأضعف إمكانية الحكم الأخلاقى الموحد على الأفعال، مما زاد من صعوبة فهم الآخر وقبوله، إذ بات كل فرد أو تيار يُعرّف الخطية وفق مرجعيته الخاصة.
■ ما المدة التى قضيتها فى كينيا؟
- امتد البرنامج على مدار عامين دراسيين، تضمن دراسة مجموعة من المواد، كانت أبرزها مادة "العلاقات المسيحية الإسلامية"، والتى تُعد جوهر برنامج الماجستير فى سنته الأولى. وقد اشترط البرنامج أن يكون موضوع الرسالة مرتبطًا بأثره المباشر على هذه العلاقات. من هذا المنطلق، وقع اختيارى على "مفهوم الخطية"، لما لاحظته من سوء فهم مشترك يحيط به، خاصة فى السياق المعاصر، سواء من الطرف المسيحى أو الإسلامي. فقد رأيت أن توضيح هذا المفهوم يسهم فى تصحيح كثير من التصورات المغلوطة، ويمهّد لحوار أكثر عمقًا وصدقًا بين الطرفين. أما فى السنة الثانية، فكان على الطالب إعداد مقترح الرسالة والدفاع عنه أولًا، ثم كتابة الرسالة الكاملة وتقديم الدفاع النهائى أمام اللجنة الأكاديمية.
■ ما أبرز سمات الحياة فى كينيا وأهم معالمها؟
- كينيا دولة زراعية فى المقام الأول، وتتميز بمناخ استوائى معتدل، حيث تهطل الأمطار الموسمية على مدار ما يقرب من تسعة أشهر متواصلة فى بعض المناطق. وعلى عكس ما هو مألوف فى مصر، فإن فصول السنة فى كينيا تختلف تمامًا؛ ففصل الشتاء يبدأ من شهر مايو ويمتد حتى يناير أو فبراير من العام التالي، بينما يكون الصيف فى الأشهر الأخرى، مصحوبًا بدرجات حرارة تصل غالبًا إلى 30 درجة مئوية، مما يؤدى إلى نزوح مياه المحيط طوال العام نحو السواحل.
تُعد كينيا من الوجهات السياحية الشهيرة، لما تتمتع به من طبيعة خلابة، حيث تضم عددًا كبيرًا من المحميات الطبيعية والغابات المفتوحة التى تحتوى على تنوع كبير من الحيوانات البرية، بالإضافة إلى الشواطئ الجميلة على المحيط، خصوصًا فى مدينة ممباسا. ويزور البلاد عدد كبير جدًا من السياح سنويًا للاستمتاع بهذه المظاهر الطبيعية. أما العاصمة نيروبي، فهى مدينة حديثة تضم العديد من المبانى المرتفعة والمراكز التجارية الكبرى (المولات)، وتُعد من أكثر مدن كينيا تطورًا من حيث البنية التحتية والخدمات.
المجتمع الكينى يتميز بالبساطة والانفتاح، فهو مجتمع مسالم ومحب، يكاد يخلو من الشجار والعنف فى الحياة اليومية، ويُلاحظ أن عدد المدخنين قليل جدًا، مما يعكس طبيعة صحية إلى حد كبير.
أما من الناحية التعليمية، فإن التعليم يُعتبر قيمة أساسية فى المجتمع الكيني، وتُعتمد ثلاث لغات رئيسية فى الحياة اليومية:
1. لغة القبيلة، وهى اللغة الأم.
2. اللغة السواحلية، وهى اللغة المشتركة بين مختلف القبائل والمجتمعات.
3. اللغة الإنجليزية، وهى اللغة الرسمية وتُستخدم على نطاق واسع، ويتحدث بها الجميع، من الكبار إلى الصغار، بطلاقة.
■ كيف تتعايش الطوائف المسيحية والأديان الأخرى فيها؟
تُعد المسيحية الديانة الأكثر انتشارًا فى كينيا، حيث يُقدَّر أن أكثر من 80٪ من السكان يدينون بالمسيحية، بمختلف طوائفها. أما الإسلام، فيمثل نحو 11٪ من السكان، وهو منتشر بشكل خاص فى المناطق الساحلية مثل ممباسا ولامو، بالإضافة إلى بعض المناطق الشمالية الشرقية القريبة من حدود الصومال. صحيح أن بعض المسلمين فى كينيا من أصول صومالية أو إثيوبية، لكن نسبة كبيرة منهم يحملون الجنسية الكينية ويُعدّون جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني.
فى المجتمع الكيني، تُعتبر حرية المعتقد قيمة أساسية ومحترمة. فلا يُسمح لأى شخص أن يُسأل عن دينه، ولا يجرؤ أحد على التدخل فى معتقدات الآخرين. لكل فرد مطلق الحرية فى عبادة ما يشاء، سواء كان مسيحيًا أو مسلمًا أو يهوديًا أو هندوسيًا أو حتى لا دينيًا، ما دام لا يفرض معتقده على الآخرين بالقوة أو الإكراه.
هذا المبدأ فى احترام الحرية الدينية ترسّخ بشكل أعمق بعد تفجير السفارة الأمريكية فى نيروبى عام 1998، حيث بادر قادة الأديان إلى تنظيم لقاءات مشتركة للدعوة إلى السلام ونبذ العنف والتطرّف، مما عزّز ثقافة التعايش والتسامح الديني.
ومن مظاهر هذا التعايش أيضًا أن الزواج فى كينيا لا يُقيَّد بالدين، بل يمكن أن يتم بين أشخاص من ديانات مختلفة، طالما هناك محبة وإخلاص واحترام متبادل. ومن الطبيعى أن تجد فى العائلة الواحدة أفرادًا مسيحيين ومسلمين يعيشون فى تناغم. فالتنوع الدينى لا يُنظر إليه كتهديد، بل يُعتبر وسيلة للحفاظ على وحدة الأسرة واستقرار المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.