لا أخفى عليكم سرا أننى وضعت نفسى فى ورطة حقيقية ،عندما اقترحتُ إجراء حوار مع زعيمى الفشر،أبو لمعة والخواجة بيجو ،تزامنا مع كدبة أبريل, أما لماذا وضعت نفسى فى ورطة ؟،فالإجابة باختصار شديد :أننى اكتشفت أن ضيفىّ الكريمين ، لم يغير الموت فيهما شيئا ، فلا يزالان يفشران بنجاح منقطع النظير ،على الموتى ، حتى أن «أبو لمعة» أقنعهم وأقنعنى بأنه سحب استمارة الترشيح لرئاسة الجمهورية ،من مقر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ، بغرض الترشح فى الانتخابات ، كما لم يضع صديقه «بيجو» الفرصة ، حيث أقنعهم «فاشرا» بأنه تلقى عرضا من «أبو لمعة « ،ومرشحين رئاسيين آخرين، لتولى منصب «النائب» . بصعوبة بالغة جمعت بين الصديقين ،»وقد يجمع الله الشتيتين بعد أن ظنا كل الظن ألّا تلاقيا»، وبين القبور وتحت ضوء خافت يشعُّ من مصباحي هاتفىّ المحمولين، جلس ثلاثتنا ،أبو لمعة والخواجة،وكاتب هذه السطور، يحيطنا جمع غفير من الموتى ،حضروا لمؤازرة أبو لمعة في معركته الانتخابية،ومعرفة برنامجه الانتخابي ،وبدا جميع الحضور مشدوهين أمام «فشر» أبو لمعة الساحر ، وبدوا مقتنعين بوعوده لهم،رغم أن أيا منهم ليس من جنوب مصر . -بادرت «أبو لمعة» بالسؤال عن أحواله وصحته بعد رحيله ،منذ أكثر من 10 سنوات، فباغتنى بالإجابة شاكرا على كل حال، مؤكدا أنه وجد فى الموت راحة من أعباء الحياة ، وأضاف : سئمتُ تكاليف الحياة ،ومن يعش ثمانين عاما لا أبا لك يسأم! -قاطعته مندهشا : ألا زلت تحفظ الشعر؟ فردّ علىّ ممتعضا :إيه يا حضرت ، إنت مش عارف إن أنا كنت معلم أجيال ،وناظر مدرسة ، لا يشق له غبار . -يأبى الخواجة أن يطول به الصمت أكثر من ذلك ، فيقتحم الحوار سائلا أبو لمعة عن معنى كلمة «غبار»؟، فيردّ الأخير : والله ياخواجة معرفش ، أنا حفظتها كدة وخلاص. -فينفعل الخواجة قائلا : والله يا خبيبى ، إنت جننتنى في الدنيا والآخرة ،إزاى كنتُ مدير مدرسة السعيدية ، بجلالة قدرها ، ومش عارف معنى كلمة زى دى؟ّ -ينظر أبو لمعة شذرا لصديقه ، لا سيما أنه شعر بالحرج أمام زملائه الموتى وسأله : طيب يا خواجة ،أنا معرفش ،تعرف إنت معناها ؟ -استبد الصمت بالخواجة ، ثم أردف : بصراخة، لأ،فانتهز أبو لمعة الفرصة ،وعقّب بقوله: يبقى تخرس خالص، فضجّ المؤتمر الانتخابى بالضحك والقهقهة.. -فى محاولة منى للإمساك بزمام الحوار ، وإنجاز المهمة التى أتيتُ من أجلها،وجهتُ سؤالى ل»أبو لمعة»: ما حقيقة ترشحك فى الانتخابات الرئاسية المقبلة ؟ -بحضور لافت،وذهن متوقد ، لم يؤثر فيه الموت ، أجاب : وإيه العجيب فى كدة ، منفعش أبقى رئيس واللا إيه؟ ، على الأقل ، أنا أحسن من البهوات اللى سحبوا استمارات الترشيح، .. -يدخل الخواجة على الخط متسائلا: يا أبو لمعة ، يا خبيبى ، المثل بيقول :لو كان المتحدث مجنون يبقى المستمع عاقل ، فإزاى يا خبيبى ، قوللى إزاى قدام الناس اللى إنت لاممهم وضاحك عليهم ،وقايلهم إنك هترشح نفسك فى الانتخابات ، وإنت أصلا ميت ؟ -تغزو الدهشة ملامح «أبو لمعة» الطفولية ، متسائلا : أنا متُ، إمتى ، وإزاى محدش قاللى إني أنا مت ؟ -يزداد الخواجة انفعالا مرددا : والله يا خبيبى ، إنت ميت من زمان .. -يصمت أبو لمعة برهة ،ثم يضيف : طيب إزاى يا خواجة يا ناصح أنا مت ،والحزب الوطني ، كان بيخلينى أصوّت فى الانتخابات اللى فاتت دى كلها ؟ -يجيب الخواجة : ده يا خبيبى كان قبل الثورة ، عشان يفوز فى أى انتخابات كانت بتتعمل.. -قبل أن يستطرد أبو لمعة والخواجة فى الكلام ،سألتُ الأول :ما رأيك فى ثورة 25 يناير؟ -مبتسما يعقّب : أكيد ثورة 25 يناير ، قامت فى شهر يناير ؟! -يشتاط الخواجة قائلا :أكيد يا خبيبى ، ثورة يناير قامت فى شهر يناير ، أمال في شهر طوبة؟ -يقاطعه أبو لمعة ساخرا : اهدى شوية يا خواجة ، إنت مش عاجبك حاجة ؟،الغلط مش عندى ، الغلط عند المغنواتى ، اللى بيقول: شهداء 25 يناير ماتوا فى أحداث يناير ، من ساعتها وأنا متلخبط ومش فاهم .. -أحاول إثناء أبو لمعة عن الاستطراد فى الاستظراف المبهج بطبيعة الحال، مطالبا إياه بالصدق فى إجاباته ،فينفعل قائلا: إلزم حدودك يا حضرت ، متنساش إن إنت بتتكلم مع رجل عمره فى حياته ما كدب.. -هذه المرة يلطم الخواجة على خديه ورأسه متسائلا: يا أبو لمعة ، إنت عمرك ما كدبت؟ أمال مين يضّرب بيه المثل فى الفشر والقلش؟ -يستشعر أبو لمعة الحرج فيرد قائلا: اسم الله عليك إنت يا خواجة ..فيرد الأخير : يبقى تسكت خالص،لأننا دافنينوا سوا. -أجدد السؤال ل»أبو لمعة»: هل تابعت الثورة ؟ فيتجاهل نصيحة الخواجة الأخيرة ، ويؤكد أنه كان بالفعل فى ميدان التحرير منذ الشرارة الأولى للثورة، وأنه شارك فى كل مراحلها ، ومن حقه الآن جنى ثمار هذه المشاركة ، بالترشح فى الانتخابات الرئاسية .. -لا يزال الخواجة على انفعاله الغاضب سائلا صديقه : إنت بتقول إيه ؟ إنت شكلك شارب خاجة، ثورة إيه؟ وانتخابات إيه؟ -بثقة يُحسد عليها ، يرد أبولمعة ، اسكت إنت يا خواجة ، شكلك بتنام كتير من ساعة ما مت .. -يقاطعه الخواجة : أنا خلاص هتجنن! لكن صديقه يسخر منه بقوله: إنت هترمى جتتك علينا ، إنت مجنون من غير حاجة، ثم يوجه حديثه لى بعدما ضبط نظارته الطبية : بص يا حضرة، قبل الثورة ، كنت بجمع زملائى الموتى دول ، وفكرنا مرارا ناخد زمام المبادرة ونقوم احنا بالثورة ، بس بصراحة ، ولأن الكدب خيبة ، كنا بنتراجع فى اللحظة الأخيرة .. -سألته :ليه؟ فأجاب :لأن الكدب خيبة زى ما قلت لحضرتك ، كنا بنخاف، متنساش برضه إن إيد الأمن كانت طايلة ،وكان ممكن يبهدلونا ويعتقلونا ،واحنا ناس ميتين ، منستحملش البهدلة والذل ده، وكمان عندنا عيالنا بنجرى عليهم ، مين يتولى أمرهم ، لو احنا اتحبسنا واللا اُعتقلنا؟ -شكلك بتفشر عليّ يا أبو لمعة وهتحرجنى أمام مجلس التحرير والقراء،هكذا رددتُ، وبدا أبو لمعة مبتهجا كأنما وجد أمامه صيدا ثمينا يمارس عليه فشره،فوضع يده على كتفى قائلا:دى تالت مرة أقول لك : الكدب خيبة ، ولو انت مش مصدقنى ، دى ورق جبناه من جهاز أمن الدولة بعد اقتحامه،بيقول إن أنا كنت باعمل اجتماعات سرية بالموتى،بهدف قلب نظام الحكم ، وإن العبيط ده - مشيرا إلى الخواجة- هو قائد الجناح العسكرى للتنظيم.. -عندما سمع الخواجة العبارة الأخيرة، هندم نفسه، وتحسس جيوبه ،وأخرج من أحدها: «ولّاعة وقصّافة»، مُقرا بأنه كان الذراع العسكرية،وأن الولّاعة والقصّافة،كانتا من أبرز أدواتهم فى مخططهم لقلب نظام الحكم. -يجدد أبو لمعة نظراته الساخرة للخواجة متسائلا: إنت هتعيش الدور واللا إيه، شكلك يا خواجة صدقت، دا أنا بهزر.. -وبينما يستشعر الخواجة الحرج ، تنطلق الضحكات من جميع الحاضرين، على الفخ الذي نصبه أبو لمعة له. -وبالنسبة للانتخابات الرئاسية ، هل ستترشح فيها فعلا ؟، هكذا سألت أبو لمعة، فأجاب :والله،مخبيش عليك ، الموضوع ده بفكر فيه بقوة، وباقعد مع نفسى ساعات، وأقول ليه يا واد يا أبو لمعة مترشحش نفسك فى الانتخابات ليه ،مادام اللى رايح واللى جاى أمام لجنة الانتخابات بيسحب استمارة الترشيح ، ومخبيش عليك، أنا اتسحبت من كام يوم ، والجماعة دول نايمين ، ورحت سحبت استمارة .. -وهل بالفعل ناوى تكمل المشوار للنهاية ؟ هكذا سألت أبو لمعة ، فتساءل :وليه لأ، إنتوا هتلاقوا رئيس أحسن منى فين ؟ على الأقل أنا مش على رأسى بطحة ، ولا من الفلول ، وما ليش علاقات مشبوهة بالخارج.. -سألت أبو لمعة : وهل يمكنك استيفاء الشروط المطلوبة للترشح؟ فأجاب: قصدك ال30 ألف توكيل، بسيطة ، كل الناس الموتى دول هيعملوا لى توكيلات.. -فى هذه اللحظة يتدخل الخواجة ممارسا انفعاله المستمر، مرددا : يا خبيبى ، أبوس إيدك، متخرجناش أكتر من كدة ، الناس تقول علينا إيه ؟ -بخبرة السنين يُهّدىء أبو لمعة من روع صديقه الغاضب بقوله : اهدى يا خواجة ، أنا عارف إنك بتتنفسن علىّ، وصعبان عليك أبقى رئيس،على العموم متزعلش، لو نجحت هخليك النائب بتاعى ،فابتهج قائلا : آه يا خبيبى لو كان كدة معلش، بس خللى بالك أنا عندى عروض كتير من مرشخى الرئاسة. -لم يرق كلام الخواجة لصديقه فعقّب ساخرا: ليه فاكر نفسك أيمن نور، لكن بيجو قاطعه بنبرة أكثر سخرية : لأ يا خبيبى ، إنت اللى فاكر نفسك أبو إسماعيل ! -حاولتُ فض الاشتباك المحتدم بين الصديقين بسؤال «أبو لمعة» عن أبرز ملامح برنامجه الانتخابى؟ فارتبك قليلا ،ثم أردف قائلا: آه طبعا ، عامل برنامج ميخرش المية ، بس مش هقولك عليه، عشان المنافسين ميغشهوش منى،وينجحوا على قفايا ! -أتعبنى فشر أبو لمعة والخواجة ، وتوقفت عن استكمال الحوار معهما عند هذا الحد ،لا سيما مع إصرارهما على الكلام فى السياسة فقط،وبينما كنتُ ألملم أوراقي،إذا بهما يخوضان في حوار طريف ،إليكم تفاصيله : -أبو لمعة: شوف يا خواجة، وانا في آخر رحلة ليا في الاسكيمو،قبل ما أموت طبعا، كنت لابس الجلابية الدبلان المخططة بتاعة اخويا شلبي، ومقيّل تحت شجرة جيلاتي! بيني وبينك أنا نمت وأنا فاتح بقّي علشان اول ما حتة جيلاتي تستوي، تقع فى بقّي على طول، بس لجل البخت الاسود، تعبان شاف بقي مفتوح افتكره جحر راح داخل فيه !!-الخواجة : دا اكيد تِعبان صغيّر بقى اللي عرف يدخل في بقّك ده أبو لمعة: صغيّر مين يا خواجة، ده طوله 700 متر- !! الخواجة : يا سلام، دخل التعبان اللي طوله 700 متر في بقك وانت نايم من غير ما تحس ولا تصحى؟ -أبو لمعة: لأ ما انا صحيت في نصه كده، لقيت ده داخل فى بطني قعدت أشد فيه وهو يتزفلط.. أشد فيه وهو يتزفلط، لحد ما دخل كله جوه بطني الخواجة : يا خبر أبيض، وعرفت تطلّعه؟- -أبو لمعة: أبدا وحياتك، عملت البدع علشان أطلعه ما فيش فايدة، آخر ما غلبت رحت قالع ونازل له!! الخواجة : نازل له فين؟- -أبو لمعة: فى بطني ! وهو شافني نازل راح واخد ديله في سنانه وطالع يجرى، وأنا وراه يدخل يمين أدخل وراه، يدخل شمال برضه وراه، لحد ما وصل بيت الكلاوي، راح داخل البيت وقفل الباب على نفسه!! الخواجة : طبعا ماعرفتش تدخل وراه ورحت مروح- -أبو لمعة: لأ، أروّح ازاي؟، إنت عارف تحت بيت الكلاوي فاتح واحد حلاق، قلت أخش آخد دقني واستنى التِعبان لما يخرج، نص ساعة كده ولقيته مطلّع راسه من الباب، بص يمين بص شمال ماشافنيش راح متسحّب خارج، رحت خاطف الموس من ايد الحلاق وهاجم على التعبان، شوف يا خواجة، هيّ ضربة واحدة بالموس قسمته نصين!! الخواجة : بضربة واحدة قسمت التعبان ال 700 متر؟ ....أبو لمعة: بالطول وحياتك.