قرابة العام ولا يزال يرى دم نجله أمامه، رافضًا تقبل العزاء، حتى تدخل العقلاء والحكماء من أهالي منطقة سقارة بالبدرشين، التابعة لمحافظة الجيزة، في وضع نهاية للصراع الدموي بين أبناء العائلة الواحدة. تفاصيل الواقعة من بدايتها يرويها الحاج حسني عبدالحليم حسن الحمزاوي، المستضيف لعملية الصلح، قائلًا: «يعملوها العيال ويقعوا فيها الكبار»، مثل شعبي ينطبق جملة وتفصيلًا على خلافات دامية استمرت لقرابة العام، بين أولاد عمومة من نفس البلد، وبل من نفس البيت، ظلوا لعشرات العقود، إخوة متحابين إلا أن نفخ الشيطان في نار الخلافات بينهم بسبب مشاجرة بسيطة بين أطفال طرفي المشاجرة وهما عائلة الحاج عبدالحميد رمضان وشهرته «أتاتة»، وبين عائلة الحاج محمد حسن محمد حسين، تلك المشاجرة التي استدعت تدخل شباب الطرفين، والتي تطورت لحد الاشتباكات بالأيدي، والتي أدت إلي سقوط نجل الحاج أتاته قتيلًا وسط بركة من الدماء. ويضيف الحاج حمزاوي أن القتيل لم ينه العقد الثالث من عمره ولديه من الأبناء ثلاثة ولدين وبنت أكبرهم في عمر الزهور لم يتجاوز الخمسة أعوام، ومنذ ذلك الحين ووالد القتيل يرفض تقبل العزاء، ومحاولات صلح مستمرة وصلت قرابة ال6 أشهر واجتماعات يوميه تبدأ من السادسة مساءً وتستمر حتى الثالثة من فجر اليوم التالي، وما إن قاربت على إتمام الصلح، الأمر الذي لم يأت على هوى أهل الفتنة الذين نفخوا في النار مرة أخرى، لتعود مطالبات والد القتيل بالدية، والتهجير لأهل القاتل من البلدة كلها، والدم مقابل الدم، إلا أن أهل القاتل بعد محاولات مستميتة لبيع منزلهم وأرضهم وكل ما يملكون ولا أحد غريب يجرؤ للتدخل للشراء كون المنزل مشتركا بين العائلتين، كذلك الأرض وأهل القتيل يرفضون الشراء، معللين ذلك «إزاي ندفع فلوس في أملاك قتلة ابننا». وتابع الحاج حمزاوي: من هنا تدخل العقلاء وعدد من كبار البلدة مرة أخرى في مفاوضات استمرت قرابة ال3 أشهر، والتي انتهت بحمد الله اليوم بقبول والد القتيل تقبل واجب العزاء في نجله، مقابل ثلاثة شروط لا تنازل عنها كان أول تلك الشروط أن يتقدم أهل القاتل بالكفن، ودية مالية لا تقل عن ثمن 100 ناقة، إلي جانب الشرط الأخير والاهم وهو التهجير، ولكن دون ترك أهالي القاتل للبلده بأكملها، مكتفين بترك منزلهم، والسكن بعيدًا عن مكان تواجد أهالي القتيل، لحين ظهور مشترٍ. واختتم حمزاوي بأن والد القتيل سيبدأ، اليوم السبت، في تقبل العزاء في نجله، بعد أن أخره لقرابة العام، على أن يبدأ عقب صلاة المغرب، والمتوقع استمراره حتى الساعات الأولي من صباح الغد، لافتًا إلى أن الواقعة قد تكون معتادة لدى عدد من العائلات أو في كثير من البلدان ولكن الغريب في بلدتنا أنها الواقعة الأولى من نوعها التي تصل فيها حدة الخلافات لتقديم الكفن، فلم تحدث تلك الواقعة من قبل، خاصة وأن هذه المرة حدثت بين أبناء نفس العائلة فهم أولاد عمومة وخالة في ذات الوقت.