"الخلاف في الرأى لا يفسد للود قضية".. عبارة لا يعترف بها النظام، الذي لم ينجح في الحفاظ على قطاع كبير من مؤيديه، وحولهم إلى خندق المعارضين بل والخونة أحيانا، لمجرد الخلاف في الرأى واختلاف الرؤى ووجهات النظر في مرحلة ما، فكان بإمكان النظام الحفاظ على أشخاص من النخبة لهم وزنهم السياسي والشعبي، كمؤيدين وداعمين، أمثال عمرو موسى وحمدين صباحى وكثيرين، لكنه حولهم إلى معارضين ومناهضين وفى الأفضل الأحوال "صامتين"! ولا شك في أن إهمال النظام لرئيس لجنة الخمسين عمرو موسى، دفع الأخير إلى التفكير في إنشاء ما أسماه مؤسسة حماية الدستور، وبدا الأمر وكأنه اعتراض على تجاهله وإبعاده من المشهد السياسي، وكذا الأمر بالنسبة لحمدين صباحى الذي لعب دورا مهما في إضفاء الشرعية والديمقراطية على الانتخابات الرئيسية الأخيرة ورغم ذلك تم دفعه دفعا لتبنى مواقف مناهضة وغاضبة، ولو احتوى النظام موسى وصباحى لكان أفضل. كان الدكتور حازم عبدالعظيم، الناشط السياسي، والقيادى بالحملة الانتخابية للرئيس عبدالفتاح السيسي، أول المتحولين من القطاع المؤيد والداعم، إلى القطاع المعارض، وكتب "عبد العظيم" على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" شارحًا أسباب انتقاله إلى صفوف المعارضة: "تغير موقفى كان تدريجيا وتراكميا وبدأ أثناء مشاركتى في الحملة، لم تعجبنى أمور كثيرة في أسلوب وشخصية وطريقة إدارة الرئيس السيسي للبلاد بدءا من الحملة.. لم يعجبنى أثناء الحملة عدم وجود برنامج سياسي مكتوب ولا حتى رؤية مكتوبة وهذا سبب هروب شباب الحملة من المناظرات حول البرنامج الانتخابي، ولم يعجبنى استخدام السيسي المفرط للعواطف والمشاعر في إدارة شئون الدولة بوجه عام.. لم يعجبنى ثقافة المونتاج في لقاءات الرئيس سواء وقت الحملة أو بعدها! كنت أفضل العفوية على الهواء"، وبعد إعلان تحوله للمعارضة، لم يسلم عبد العظيم من التهم مثل أنه كان يحلم بمنصب وزارى ولم ينله ما جعله ينقلب على النظام وصار الرجل، الذي قد تتفق أو تختلف مع مواقفه، من المغضوب عليهم والضالين. لم ينجح النظام السياسي في استيعاب حركة 6 أبريل التي شاركت بقوة في مظاهرات "30 يونيو" للإطاحة بالمعزول محمد مرسي، فبعد احتجاج الحركة على إخلاء سبيل الرئيس المخلوع حسنى مبارك، شن الإعلام هجومًا إعلاميًا شرسًا ضدها، وقابلت الحركة كل أشكال التخوين. ولعل تعاطى النظام مع أزمة جزيرتى تيران وصنافير، كانت نقطة تحول للعديد من المؤيدين، وقام النظام بالتضييق والضغط، على من رأى أن الجزر مصرية، بحسب ما أعلنه الإعلامي وائل الإبراشي، في حلقة سابقة من برنامج العشرة مساءًا، الذي يقدمه على فضائية "دريم"، كما تم الضغط على الدكتور أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، الذي كان من أشد مؤيدى النظام، عندما أعلن رفضه عن تنازل مصر عن الجزيرتين مؤكدًا أن تيران وصنافير مصريتان إلى الأبد، وأن المسألة ليست رأيًا بل حقائق وقواعد لملكية الأوطان، فتم منع نشر مقال للدكتور النجار في صحيفة الأهرام التي يترأس مجلس إدارتها، ما دعاه لنشر المقال على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، ليتناقله النشطاء، ويحقق شهرة، أكبر من التي كان من الممكن أن يحققها حال نشره في صحيقة الأهرام!.. كما تعرضت أسماء بارزة للإهانة لعل أبرزهم السفير معصوم مرزوق لمجرد أنه طرح وجهة نظر مغايرة. والغريب أن النظام يصر على المضى قدما في خسارة أنصاره ومؤيديه "عند أقرب محطة"، ولا يراجع حساباته، وهو أمر مثير للجدل، لا سيما أن كثيرا جدا من هؤلاء تتملكهم حالة من الفجر في الخصومة ويصبحون عبئا ثقيلا، ليس على الوطن فقط، بل على الشعب أيضا.