سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في سادس «عيد عمال» بعد ثورة يناير.. عمال مصر يرفعون شعار «الأفضل لسه مجاش».. الاحتجاجات كبلت الحكومات السابقة في تنفيذ الوعود.. «شريف إسماعيل» يتبنى ثورة تشريعية لإصلاح أحوال الطبقة العاملة
تحل اليوم الذكرى السادسة ل"عيد العمال" بعد ثورتين، 25 يناير، والتي لحقتها بثورة تصحيح ثانية في 30 يونيو، وما بين ثورتين كان وقودهما العمال، وفي العام الثاني للاحتفال تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ما زال عمال مصر يعلقون آمالهم على "الأفضل لسه مجاش". عانت الطبقة العامة المصرية، كثيرًا من الظلم والاستبداد في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، من الظلم والتشريد وسطوة رجال الأعمال، والفصل التعسفي وإغلاق المصانع، والذي كان الدافع الأول لخروج الاحتجاجات في غزل المحلة 2006. كانت وقفات العاملين بالضرائب العقارية، من بين مقدمات خروج الملايين في ثورة يناير التي اندلعت شرارتها على أكتفاف العمال، لكن ما لبث إلا أن أنقض عليها الساسة والأحزاب لتتبدد معها مطالب هذه الفئة الضعيفة. علق العمال بعد ثورة يناير التي نادت بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية، آمالهم في الثورة التي ستكون المنقذ لهم من الوضع السيئ إلى وضع أفضل، إلا أن فترة الفوضي التي شهدتها مصر أعقاب 25 يناير، أبت أن يتحقق هذا الحلم. أزمات العمال خلال حكم الإخوان ولعل أبرز ما عانته الطبقة العاملة، خلال تلك الفترة تعاقب وزراء العمل، حتى وصلوا إلى 9 وزراء في أقل من 6 سنوات، وكل وزير يأتي ليبدأ من جديد، ومعه الآمال والأماني لتحقيق ما فشل فيه سابقه. قبل 30 يونيو وعلى مدى العام الأول من عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، تعرض خلاله العمال لأزمات عديدة، اعتبرتها تقارير عمالية وحقوقية أنها الأسوأ في تاريخ الحركة العمالية والنقابية؛ حيث تعرض 151 عاملًا بالقطاع العام للفصل التعسفي، بعد سنة من حكم الإخوان، و152 حالة تحقيق لعمال أمام النيابة العامة بتهم الدعوة لإضرابات أو اعتصامات، فضلًا عن 33 حالة نقل تعسفى أخرى بسبب ممارسة أنشطة نقابية، وإغلاق ما يقرب من 2500 مصنع. كان نظام حكم الرئيس مرسي أسوأ من "المجلس العسكري" و"مبارك" في الاعتماد على ترسانة القوانين المكبلة للحريات النقابية والعمالية، حيث قام "مرسي" في نوفمبر 2012، استنادًا للإعلان الدستورى الجائر، بإصدار قانون "حماية الثورة" وفيه نال العمال النصيب الأكبر من حظر إضراباتهم واعتصاماتهم، حيث نص على اختصاص النائب العام والنيابة العامة في النظر في بلاغات تتعلق بالاعتداء على الحق في العمل، والمعروفة بحظر الإضراب. واحتلت مصر في عهد الإخوان المركز الأول عالميًا في عدد الاحتجاجات عام 2013. ثورة 30 يونيو ثم جاءت بعد ذلك ثورة 30 يونيو والتي أزاحت الإخوان ونظامهم من على كرسي الحكم؛ حيث شهد الخطاب الرسمي تجاه الحركة العمالية تغيرًا ملحوظًا، في محاولة لإقناع الطبقة العاملة بجديته في الاهتمام بأوضاع العمال ومطالبهم، وكانت البداية بتكليف كمال أبو عيطة القيادي العمالي ومؤسس أول نقابة مستقلة والذي اشتهر بهتافاته من أجل الحد الأدنى للأجور وزيرا للقوى العاملة، في حكومة الدكتور حازم الببلاوي. واستهل أبو عيطة عمله بالوزارة بتصريحات أربعة "وردية" تشغيل المصانع المتوقفة، وعودة العمال المفصولين، وإصدار قانون الحريات النقابية، والحد الأدنى للأجور 1200 للعاملين بالحكومة والقطاع العام. وعلي الرغم من الاتجاه الرافض لتولي كمال أبو عيطة للمنصب من جانب الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، إلا أن الصلح تم بين الاتحاد والوزارة واتفقا على التعاون من أجل مصلحة العمال، ليبدأ أبو عيطة في تنفيذ وعوده حتى خرج من الوزارة لا يذكر له العمال أي خير فلم يتحقق على يديه أي تقدم ملحوظ سوى قرار الحد الأدنى للأجور والذي كان "في باطنه الرحمة وظاهره العذاب". فض اعتصامات العمال بالقوة مفارقة غريبة شهدتها الحركة العمالية عقب 30 يونيو، فعلي الرغم من النوايا الحسنة التي أعلنتها حكومة الببلاوي في الاستجابة لمطالب العمال، إلا أن قوات الجيش قامت بفض اعتصام عمال السويس للصلب بالقوة وإلقاء القبض على عدد من العمال، وكذلك دخول الدبابات إلى ساحة شركة غزل المحلة أثناء الإضراب لإرهاب العمال، فضلا عن الخطاب الإعلامي الموجه ضد أي احتجاجات عمالية واعتبارها جزءًا من محاولة الإخوان المسلمين لإرباك الدولة. وعلى الرغم من من تبني هذه السياسة في التعامل مع الاحتجاجات العمالية إلا أنها لم تتوقف؛ حيث نظم العمال خلال شهر أغسطس من العام قبل الماضي 25 احتجاجًا، ثم توالت بعدها الاحتجاجات العمالية وشهدت معظم قطاعات الدولة خروج العمال للتظاهر والاعتصام، والذي كان سببًا رئيسيًا في إقالة حكومة الدكتور حازم الببلاوي. الحد الأدنى للأجور لم يكن قرار حكومة "الببلاوي" قبل إقالتها حول الحد الأدنى للأجور، هو السبب الرئيسي وراء اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات العمالية، فقد جاء إهمال شركات قطاع الأعمال العام، وعدم تطهير مؤسسات الدولة من الفساد، الأسباب الرئيسية وراء الموجة الاحتجاجية التي اندلعت في الفترة الأخيرة، والتي اعترف خلالها المسئولون بأحقية العمال في مطالبهم إلا أن البعض ذهب ليعيد نفس الاتهامات القديمة التي وُجهت للعمال المضربين مثل العمالة، وأنها تأتى ضمن خطة خارجية تستهدف زعزعة الاستقرار، وأنه لا وقت للمطالب الفئوية. واعترف الببلاوي في خطاب استقالة حكومته بأن الاحتجاجات العمالية كانت سببًا في تدني أداء الحكومة، قائلًا: "البلد معرّض لمخاطر، ويبقى أن نساند للخروج من النفق، هذا ليس وقت المطالبات الفئوية أو المطالب الشخصية، هذا وقت مصالح البلد فوق الجميع". حكومة محلب ثم جاءت حكومة المهندس إبراهيم محلب، ليبدأ عهد جديد للعمال بعدما استهل عمله بزيارة أحد قلاع الصناعة المصرية في الغزل والنسيج بالمحلة الكبري يرافقه عدد من الوزراء، واستبشر العمال على يديه خيرًا، حتى أن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر قام بمبادرة لوقف الإضرابات العمالية وإعطاء الحكومة فرصة لدراسة كافة المطالب العمالية ووضع جداول زمنية لتحقيقها. وما بين مؤيد ومعارض لهذه المبادرة بالفعل تبنت حكومة محلب مبادرة لوقف الإضرابات والاحتجاجات العمالية لمدة ثلاثة شهور وعدت خلالها ببحث حلول حقيقية لكافة المشكلات العمالية المتجددة، إلا أنه منذ تولي الحكومة الجديدة مهام عملها، شهد الشارع العمالي موجة احتجاجية كبيرة تنوعت بين احتجاجات عمالية وسياسية وصلت 1044 احتجاجًا، بمتوسط 37 احتجاجًا يوميًا، وثلاثة احتجاجات كل ساعتين؛ حيث بلغت الإضرابات العمالية خلال شهر فبراير الماضي فقط 255 إضرابًا. وجاء بعد ذلك قانون التظاهر الذي استطاع في وقف أي احتجاجات عمالية، على الأرض، إلا أن المشكلات ما زالت كما هي دون تغيير. حكومة شريف إسماعيل حكومة المهندس شريف إسماعيل، وتولي محمد سعفان، حقيبة القوى العاملة، اتجهت للتأكيد أن إنهاء كافة المشكلات العمالية "مرهون" بثورة تشريعية كبيرة للقضاء على كل ما يعانيه العمال من الفصل التعسفي، وضياع الأجور. ويعلق العمال آمالا كبيرة على مجلس النواب، لا سيما وأن لجنة القوى العاملة بالمجلس، أغلبها من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر. ويأتي في مقدمة هذه التشريعات قانون العمل، والذي من المتوقع أن يكون بديلا للقانون المعمول به حاليًا "سيئ السمعة"، ليبدأ مرحلة جديدة في توفير الأمان الوظيفي للعاملين في القطاع الخاص. ويتطلع العمال بعد مد الدورة النقابية للمرة السادسة على التوالي لإجراء انتخابات عمالية حقيقية يختار العمال فيها ممثليهم الحقيقيين المدافعين عن حقوقهم لدى الإدارات المختلفة، إلا أن الأمر متوقف على قانون التنظيمات النقابية وحماية حق التنظيم، والذي قامت الوزارة بدورها في إرساله إلى مجلس الوزراء، تمهيدًا لإرساله إلى مجلس النواب. وفي هذا السياق أكد محمد سعفان، وزير القوى العاملة، أن الانتهاء من إقرار القانون من الممكن أن يعجل إجراء الانتخابات العمالية، لتكون خلال 6 أشهر، بدلا من الانتظار حتى مايو 2017.