النظام تعامل مع السعد والريان بطريقة الشريك والجلاد لغز هى عند ظهورها..ولغز أكبر حين اختفت..عملت تحت سمع وبصر وشراكة النظام ثم انقلب عليها فجأة وصادر أموالها وأدخل من لم يتمكن من الهرب من رجالها السجون وسط حالة ضبابية فى الإعلام الرسمي، ساهمت بقصد وبسوء نية فى اخفاء الحقائق التى لا تزال طى الكتمان. حول هذه الشركات... عن «توظيف الأموال» نتحدث.. ذلك اللهو الخفى الذى هدد الاقتصاد المصرى لأكثر من عشر سنوات بمباركة رجال الدين وأباطرة الحكم.. ثم انزوى لحاجة فى نفس يعقوب أو حسنى مبارك، تلك الحاجة لم تعلن بعد. عرف المجتمع المصرى شركات توظيف الأموال فى ثمانينيات القرن الماضى عندما أعلنت شركات الريان والبدر والسعد والهدى مصر والهلال والشريف عن منح عملائها أرباحاً شهرية تصل إلى 03٪ وأن استثماراتها إسلامية وشرعية بعد مساعدة المؤسسات الرسمية الدينية بالإفتاء بحرمة فوائد البنوك اندفع آلاف المودعين لاستثمار أموالهم فى هذه الشركات التى غطت اعلاناتها الصحف بصور رجال الدين مثل الشيخ متولى الشعراوى ومشاهير السياسة والفن والرياضة وهم يفتتحون مشروعات هذه الشركات. وجاء فى تحقيقات مباحث الأموال العامة والنيابة أن شخصيات سياسية كبيرة بالدولة وابناء وزراء متورطون فى القضية وساعدوا اصحاب هذه الشركات فى استقطاب وخداع المودعين مقابل عمولات عرفت بكشوف البركة. ففى كتاب توظيف الفساد لبدر عقل يؤكد أن فساد المسئولين فى النظام السابق تمثل فى استخدام السلطة من أجل الكسب الحرام وهو ما حدث مع شركات توظيف الأموال فقد ساهم فى نموها وتدعيمها فساد المسئولين السابقين الذين كسبوا الكثير وراء تسهيل عملها من خلال توظيف القوانين لخلق الفرص لهذه الشركات لجمع الملايين وتهريبها للخارج مقابل فائدة كبيرة لهؤلاء المسئولين حتى أن المدعى الاشتراكى السابق عبد القادر أحمد على أصبح موضع الاتهام بعد زيادة ثروته من نصف مليون جنيه إلى 3 ملايين جنيه بشكل فجائى وحين سئل أقر بوجود 52 شخصية سياسية منهم وزراء ووزراء سابقون و21 عضو مجلس شعب وعدد من المحافظين السابقين متورطون باستغلال نفوذهم وسلطاتهم من انحرافات شركات توظيف الأموال كمساهمين ومودعين منهم كمال حسن على رئيس الوزراء 4891 الذى قدم خدمة العمر للشركات عندما اطاح بالدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد فى حكومته من أجل عيون تجار العملة الذين أصبحوا اصحاب شركات التوظيف فيما بعد كما يوجد المهندس عثمان أحمد عثمان رئيس لجنة التنمية بالحزب الوطنى الذى كان بمثابة الأب الروحى لبعض هذه الشركات وشريكا لأشرف السعد فى مصنع الملابس بنسبة 04٪ وبرر عثمان شراكته بأن هذه الشركات قامت بموافقة صريحة من الحكومة ومعنى استمرارها عشر سنوات أن هناك شرعية لوجودها ومعترف بها من قبل الدولة، وكان هناك أيضا عبد الحميد حسن محافظ القاهرة والنبوى إسماعيل وزير الداخلية. ووقتها أعلن أصحاب شركات الريان «نحن دولة داخل دولة والكل «يقبض» منا وعائد الودائع كانت تحدد حسب أهمية المودع ونفوذه وموقعه على خريطة السلطة حتى وصل العائد فى بعض الأحيان 001٪ أيضا كانت غالبية الصحف المصرية شيطانا أخرس فقد سكتت عن النقد وقول الحق بالحصول على الرشاوى والحملات الإعلانية والتعاقد على المطبوعات ومنها مؤسسة روز اليوسف التى أبرمت عقد المطبوعات مع شركة الريان بمبلغ 2 مليون جنيه بعدها أوقف عبد العزيز خميس رئيس مجلس إدارة المؤسسة حملته ضد هذه الشركات مؤكداً أنه كان على يقين من روح المبالغة التى سيطرت على بعض المحرريين فى حملتهم ووصفها بالشعواء. فجأة اكتشفت الحكومة أن هذه الشركات فاسدة وتتهرب من الضرائب وأن أوضاعها غير قانونية ومخالفة وكانت صفقة الذرة الصفراء حين طلبت الحكومة فتح اعتماد استيراد لها رشوة على سكوتها على تلك الشركات وأعلنت شركة الريان الرفض واندمجت مع السعد فى 8891 ليصحو بعدها اللهو الخفى حسنى مبارك لينتقم من هذه الشركات فأشار عليه زكريا عزمى بضرورة ضرب شركات توظيف الأموال من أولها إلى آخرها، وعلى الفور تم القبض على الريان والسعد وضاعت أموال الناس فى البداية واكتشف فى النهاية أن أموال المودعين سددت سواء فى صورة نقدية أو عينية. وكان أشرف السعد فى أحد حواراته من لندن قد أذاع أن أسباب تدهور شركات توظيف الأموال بدأ حينما أراد الريان إنشاء شركة النقل العام «مينى باص» وبعد أن وقع العقد واشترى السيارات قام البعض بالوشاية لدى مبارك بأن الريان سيكرر ما فعله أبو رجيلة فى اربعينيات القرن الماضى حينما سيطر على شركة النقل فقامت الحكومة بمنع الريان من تنفيذ الشركة لتبدأ بعدها سلسلة من المضايقات بدأت بمنعها من شراء بنوك أو الاستثمار فى انشطة حقيقية ثم القضاء عليها نهائيا. ووقتها أصدر رئيس البنك المركزى «على نجم» تصريحاً بأن شركة الريان تحقق خسائر فاندفع المودعون طلبا لسحب أموالهم، وكشف السعد عن توابع انهيار شركات التوظيف بتحرك اللهو الخفى من المسئولين السابقين ببيع مصنع زانوسى للثلاجات ب71 مليون جنيه فى حين أنه «أى السعد» قدم للمدعى الاشتراكى عرضا لبيع المصنع لمستثمرين بمبلغ 57 مليون جنيه، لكن بيع المصنع ب71 مليوناً فقط ولنفس المشترى واستفادت اطراف خفية بباقى الثمن. ويحمل الكاتب الصحفى عبد القادر شهيب فى كتابه «الاختراق - قصة شركات توظيف الأموال» شيوخ وعلماء الدين بالدولة المسئولية عما حدث وعلى رأسهم الشعراوى والقرضاوى وصلاح أبو إسماعيل والمحلاوى وعبد المنعم النمر وحافظ سلامة وعبد الصبور شاهين الذين اغرقوا المجتمع فتاوى تحرم فوائد البنوك وتدعو لوضع الأموال فى شركات التوظيف مشاركين فى الافتتاح والدعاية حتى أن د. عبد الصبور شاهين أصبح هو شخصيا عضو بمجلس إدارة الريان. ويؤكد د. حمدى عبد العظيم الرئيس السابق لأكاديمية السادات والخبير الاقتصادى أنه كانت هناك مخاوف كبيرة من الدولة المتمثلة فى رأس الدولة حسنى مبارك من تصاعد وسيطرة التيار الإسلامى على الاقتصاد بعد أن توحشت شركات توظيف الأموال وزاد عدد مودعيها. وتبدأ قصة دور الطرف الثالث فى القضاء على شركات توظيف الأموال فحين ظهر الريان كان الاتجاه للنظام السابق ضد البنوك الاسلامية الإسلامية مرجعين ذلك إلى أن أية مشروعات استثمارية للتيارات الإسلامية ستقويهم ضد الدولة وضد النظام وبالتالى كانوا يريدون تجريد هذا التيار من أى قوة مالية خوفاً من تمويلهم بالأسلحة أو التمويل للعمل السياسى من هنا جاء الهدف لضرب توظيف الأموال على أساس أن الاتجاه فى ظل الإدارة الأمريكية ريجان وكارتر ضد المد الإسلامى الذى اعتبروه خطراً ومرتبطاً بالإرهاب.