أنتَ حروف تشع في كياني تضيء ليل غربتي تقصي النوم من مخدعي.. تتهافت الفراشات حول سنا طيفك.. تنهل رحيق الشهد من دفء صوتك، من حنان عينيك. يأتي صوتكَ يُقصيني ويُدنيني من آمال تُحلق في سماء البعاد والإياب، من أين أتيت؟ الحزن يغادر مقلتي يتساقط بعيدا عن حنايا مهجتي.. حروف أربعة ناديت بها البهجة.. ترتسم على محياك ولا تنطقها شفتاك، تخجل نظراتك من جرأة حناني تقترب وتتباعد في تؤدة وتأنٍ، وخيالك يدنو ملوحًا عنك بالرحيل. الأحلام يحملها صوتك إلى مكان قصي يكنز الأسرار ويخبئ الأخبار يحتويني الشوق لحصار عقلك فأذهب في نزهة إلى فراديس الخيال..أكتب لك، أناوشك، أخبرك بخطيب جديد بالباب أستنطقك الوصال، طيفك يوصد الأمل.. أغادر مقعدي أدافع عن قصتي الأخيرة، إليك ألقي بيان حبك أردده على نفسي اسمعه وحدي: حبك يحتلني يقاوم أغلال الكتمان..يطارد الخجل الأنثوي بداخلي يمسك به يعتقل حياء الحياء يقيد الخوف يطلق النار على محاولاتي الفرار.. أيام قلائل وأزف إلى غيرك..أمي تمسك باللجام.. بكيت على صدرها صارحتها بشغفي بك بانشغال خواطري بعقلك.. بولعي بحنان يأتيني مضمخ بعبير أنفاسك حين تتكلم.. تحول حضنها إلى أتون من الغضب قالت في قسوة غريبة على رقتها: العرف، التقاليد، الناس، الأهل المجتمع.. تقاليد تكبل المحبة تلقى بها على سطح الغربة..ثورة الغضب ضيعت هتاف البوح..ضممت صورتك في حنايا عقلي..شكوتُ إليك..استمعتَ إليَّ تجيد فن الاستماع لم تعلق تتقن أساليب الفرار..استسلمت لقدري، دخلتُ معتقلي والصمت يدمغ المودة؛ بعنف لم أعهده في أمي الحالمة، هجمت على مستور فكري فتشت خبيئة مشاعري وشت أمي بي لمارد الليل الحزين هتكت وإياه وجودك بكياني في نبض وجداني..جادلتني..عنفتني..خرج صوتك الرابض في أحلامي حنانا يكسو بهجة آمالي اهمس: لا يا أمي لا استطيع الزواج إلا به ؛ هو من أحب..! يتهدج صوت أمي يتهادى فيض أمومتها فتقول بحنان تغلفه غلظة ثورة مكتومة تهمس: يا ابنتي زواج الحب محفوف بالمخاطر، زواج العقل قوي الأواصر مزدان بالبقاء راسخ بالسكينة.. أشرق بدمعي وأجادلها: مشاعري ليست ملكي، تقول في ثورة عارمة: العريس لا يجود الزمان بمثله..لن أدعك تضيعينه في وهم حب من طرف واحد، أسرعت أدافع عن محبة محفورة بداخلي منقوشة في مقلتي عن مجهول حبك في صرح الأماني، انتصرت أمي كعادتها بإغماءة تتقنها دوما..لبست ثوب الزفاف الأسود وكفنت محبتي.وانطلقت بها إلى مثواها الأخير..جاء طيفك يزورني..دموع تتساقط..سألني زوجي: لماذا هذا الجدار بيني وبين قلبك؟.. صارحته.. نبل ورقي عقليته الفريدة جذبتني بقوة من سلبية قلبك، احتواني بألفة، رويدا.. رويدا.. اختفى طيفك تباعدت زيارته لي، أقبلتُ على عقل زوجي التهمته في شراهة. هاتفت أمي ممتنة شاكرة إصرارها على زواج العقل الذي ميز حياتي عن أخريات.. يهمس زوجي في محادثة تليفونية لزميلة له، تغار أفكاري.. تندهش مشاعري تسعد أوصالي أتجمل له، أقرأ ما يكتب، وأجلس بين يديه مستمعة مبهورة بمحاورته لي.. أعود إلى عهدي معك حديثنا كل ليلة مع القمر في التاسعة مساء أجهد نفسي في تقصي طيفك فلا يأتي، أبحث عن صدى غيابك في نبض القلب، فلا أفتقدك.! انتصر العقل انهزمت جيوش الشوق إليك.. لملم الصمت بقايا وهم خلود محبة تُروى بالكتمان، أبادها ضياء وجود زوجي بجانبي..