"حا يانحيل الخصر حا.. يا فورد ماركة مصر شي.. الأربع حداوى إنشالوا حا.. وبقم كوتش تنط بيه". بهذه الكلمات تغنى سيد سليمان بمنولوجه الأشهر "الحمار"، فعلى الرغم من الشهرة الواسعة التي حققها الفنان الكوميدى "إسماعيل يس"، والفنان "محمود شكوكو"، و"على الكسار" في فن المونولوج، فإن سيد سليمان سيظل هو "مونولوجست مصر الأول"، على الأقل زمنيًا. يعتبر سيد سليمان من الجيل الأول الذي أوجد فن المونولوج في مصر، لكنه لم يحقق الشهرة أو المكانة التي كان يستحقها، وربما كان ذلك بسبب منولوجه الذي تسبب له في أزمة كبيرة؛ سنتعرف عليها في السطور الآتية. ولد سيد سليمان في النوبة، أرض الذهب بجنوب مصر، في 3 يونيو سنة 1901 م، وكان والده يعمل محاميا، والتحق الفتي الصغير بمدارس الفرير، وتعلم الفرنسية، ولكنه لم يكمل تعليمه بسبب ضائقة مالية تعرض لها والده، وبعدها عمل في عدة مهن كبائع في المحال والمقاهى وغيرها. مشواره الفنى كان لدى سيد سليمان موهبة في تقليد الممثلين والمشاهير العالميين، مما جعله يلتحق بالعديد من الفرق المسرحية كفرقة بديعة مصابنى والكسار، وفرقة أمين صدقى، وببا عز الدين، وسافر إلى القاهرة وعمل مع نجيب الريحانى في مسرحياته: "الدنيا على كف عفريت" و"الدنيا لما تضحك". أما عن مشواره السينمائى فقد بدأه في السينما الصامتة بفيلم "البحر بيضحك ليه" عام 1928، من إخراج الفنان الكبير استيفان روستى، ليستمر مشواره السينمائى ويقوم بالتمثيل في 28 فيلما أشهرها "مغامرات عنتروعبلة، معا إلى الأبد، أنت حبيبي، رصاصة في القلب"، كما عمل في عدة مسرحيات أبرزها "إلا خمسة، حسن ومرقص وكوهين"، وأشهر أدواره هو دور "عم آدم" في مسرحية "إلا خمسة" مع الفنانة الكبيرة مارى منيب، والتي اشتهرت في المسرحية بجملة: "انتى جاية اشتغلى إيه؟" عمله بالمونولوج بدأ سيد سليمان عمله بفن المونولوج، وكان له العديد من المونولوجات الشهيرة مثل "ديالوج السكران" مع مفيدة أحمد، "العبيط وعروسته المطلقة" مع بديعة مصابني، و"تيكى تك تيكى تم تم "، و"التلميذ العبيط"، "يا ابن الحلال"، "هلاقيها منين" مع رتيبة رشدى، وغيرها، وكان يُكتب على السهرات الخاصة به "سيد أفندى سليمان.. مونولوجست مصر الأول". يقال إنه كان السبب الرئيسى الذي جعل إسماعيل يس يترك الغناء ويتجه لفن المونولوج، بعد أن كتب "إسماعيل يس" في مذكراته أن سبب شهرته كان مونولوج غناه لسيد سليمان في إحدى الحفلات. كانت القضايا التي يناقشها سيد سليمان في مونولوجاته على الأخص اجتماعية، ولم يتوقف على ذلك فقط، بل تطور ليناقش قضايا سياسية وقومية، مثل مونولوج "الحمار" الذي اندهش جمهوره آنذاك من كونه يغنى لحمار، ولكن المونولوج كان مليئًا بالإسقاطات السياسية، والذي كان ضمن كلماته: "صاحب نظر وحدق وحسيس.. ويمشى ف الشارع بحساب.. لا يؤذى مجاريح ولا مداهيس.. حمار سيكورتاه للركاب.. متمدن وبرنجى ونهيقه بالأفرنجي". الأزمة يعتبر سيد سليمان هو السبب في ظهور الرقابة عام 1927م، وذلك بعد أن قدم مونولوج "الشيخ جونسون" على أحد المسارح في روض الفرج، وكان يقول في مطلعه: محسوبكم جونسون العائق.. قوى في الأبهة لائق ماشى أتمختر بلطافة.. للنزهة فكرى لائق بصيت لقيت قدامى.. حاجة حلوة وزى البطة قريت عليها بخفة.. وغمزتها زى البطة أنا أموت أنا أدوب.. انت عروستى لم تكن الكلمات نفسها سبب الأزمة، بل لأن سيد سليمان كان يرتدى لهذا المونولوج بنطلونا وقميصا و«صديرى» لبدلة سموكن، ويرتدى فوقها جبة حريرية، وكان يرتدى فوق رأسه عمامة. فكان المقصود من المونولوج هو محاربة معاكسة السيدات في الشوارع، ولكن بعدما اشتهر المونولوج، وأصبح الجمهور يتهافتون عليه لسماعه، سمع به رجال الأزهر، واعتبروه إهانة لهم ولصورة "الشيخ" عند العامة، فثار غضبهم، وبدءوا ينشرون المقالات المهاجمة للمونولوج في الصحف، وقدموا ضد "سيد سليمان" بلاغات للداخلية، مما كان السبب في توجيه إنذار له بألا يغنى أي مونولوج قبل أن يعرضه على الرقابة أولا، هذا بالإضافة إلى منعه من غناء "الشيخ جونسون" مرة أخرىنهاية مشواره الفنى مثل سيد سليمان بعدها فيلم "الفانوس السحرى"، وبدأ في الاختفاء عن الساحة الإعلامية إلا في بعض المسرحيات، وظل بعيدًا عن أضواء الشهرة إلى أن رحل عن عالمنا في 12 يوليو 1981، عن عمر يناهز الثمانين عامًا تاركًا وراءه ميراثا من الضحك والسخرية اللاذعة. طالع أيضا ص11