«أنا الدرويش أنا الآسر وأنا المأسور.. أنا الغايب أنا الدايب صبابة والجناح مكسور.. وأنا التايب عن الماء الحرام والعيش.. أنا الدرويش أبو الدراويش.. جناحات قلبى من غير ريش».. لا سلطة تبهرني، ولا أسعى لجمع المال، أقضى يومى في ذكر الله، متعفف أنا.. لست منشغلا بأمور عالمكم، ثرثرتكم اليومية خارج اهتماماتى.. ولن أحارب معكم معارككم التي لا تنتهي، معارككم التي تدخلونها تحت راية «تأمين المستقبل»..ويحرككم فيها «خوفكم من المجهول»..! أنا الدرويش، فلا تسألنى من قال ماذا على من، ومن ترقى فأصبح ذا نفوذ ومال، كما لا يروقنى الحديث حول من توقف عالمه، أو صاحبه سوء الطالع، ما سوء الطالع؟.. ما الطالع؟.. بدل من إضاعة الحياة في كلاميات لا ذكر فيها، اسألني: متى شربت من الكأس الإلهى فارتويت، وأرتديت ثوب الدراويش، فاكتفيت، ومسنى النور الإلهى، فأبصرت، ما لا عين رأت. فقير أنا، زاهد في الترف، أوزع ما يفيض عن حاجتى، على من هم أفقر، وأكثر حاجة، فالفقر درجات، يقف في منتصفها الدراويش، فلا هو يسعى لبلوغ أعلاها، ليلحق بالأغنياء المترفين، ولا يقوى على السقوط إلى أسفل، حيث الظلمة تسكن القلوب. أقضى العمر هائما في رحاب الله، متنقلا من مولد إلى آخر، ومن قرية إلى أخرى، مستظلا بنفحات أولياء الله والصحابة وآل البيت، لا يهمنى أين أقضى ليلتى، ولا متى أصبح، في نهاية اليوم أبحث عن موضع في دنيا الله، حيث الحشائش الرطبة والأرض الصابرة، التحف بالسماء، والشكوى ما «بتعديش على لسانى»