نعم كان ثمة رجل اسمه غسان كنفاني وكان له وجه طفل وجسد عجوز، عينان من عسل وغمازة جذلة لطفل مشاكس هارب من مدرسة الببغاوات وجسد نحيل هش كالمركب المنخور عليه أن يعالجه بإبر الأنسولين كي لا يتهاوى فجأة تحت ضربات مرص السكري هدية الطفولة لصبي حرم من وطنه دونما ذنب. كانت تلك مقدمة الكاتبة غادة السمان لحبيبها المناضل الفلسطيني غسان كنفاني الذي ولد في مثل هذا اليوم 8 أبريل عام 1936 بعكا واغتيل عام 192. وارتبط كنفاني بقصة حب عنيفة مع غادة السمان تخللتها الكثير من الرسائل التي نشرتها غادة السمان في كتاب تحت عنوان«رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان» والتي أكدت أنها نشرت تلك الرسائل لتعرف الجميع الجانب العاشق في ذلك المناضل الفلسطيني. وترصد فيتو 5 رسائل من غسان إلى غادة كما وردت في الكتاب. أول الرسائل تحت عنوان أول الرسائل جاءت كلمات غسان كالتالي«أعرف أن الكثيرون كتبوا إليك، وأعرف أن الكلمات المكتوبة تخفي عادة حقيقة الاشياء خصوصًا إذا كانت تعاش وتحس وتنزف على الصورة الكثيفة النادرة التي عشناها منذ أسبوعين ورغم ذلك فحين أمسكت هذه الورقة لأكتب عنك كنت أعرف أن شيئًا واحدًا فقط أستطيع أن اقوله وأنا أثق في صدقه وعمقه وكثافته وربما ملاصقته التي يخيل الآن إنها كانت شيئًا محتومًا وستظل الأقدار التي صنعتنا إنني أحبك». غربة تحت هذا العنوان قالت غادة السمان أن غسان أرسل لها تلك الرسالة التي يروي فيها عن حياته بعيدًا عنها فيقول«مرهق إلى أقصى حد ولكنك أمامي هذه الصورة الرائعة التي تذكرني بأشياء كثيرة عيناك وشفتاك وملامح التحفز التي تعمل في بدني مثلما تعمل ضربة على عظم الساق حين يبدأ الألم في التراجع سعادة الألم التي لا نظير لها افتقدك يا جهنم يا سماء يا بحر افتقدك إلى حد الجنون إلى حد اضع صورتك أمام عيني وأنا أحبس نفسي هنا كي أراك». ويكمل الأديب الفلسطيني «لن أنسى فأنا ببساطة أقول لك لم أعرف أحدًا في حياتي مثلك قط لم اقترب من أحد كما اقتربت منك ولذلك لن انساك إنك شيء نادر في حياتي بدأت معك ويبدوا لي أني سأنتهى معك». رسالة غزة من غزة يكتب غسان إلى غادة تلك الرسالة التي يحدثها فيها عن وجوده في أحد المنتديات الأدبية فيقول: «إنني معروف هنا وأكاد أقول محبوب أكثر مما كنت أتوقع أكثر بكثير وهذا شيء في العادة يذلني لأنني أعرف بأنه لن يتاح لي الوقت لكي أكون عند حسن ظن الناس وأننى في كل الحالات سأعجز في أن اكون مثلما يتوقعون مني». عتاب في رسالة مؤرخة فبراير 1967 يعاتب غسان كنفاني غادة السمان لأنها لا تكتب له فيقول «ماذا تريدين أن أقول لك الآن وصلت إلى المكتب استرق النظر إلى اكوام الرسائل والجرائد والطرود على الطاولة كأنني لا أريد أن تلحظ شيئًا لهفتي وخيبتي اليوم فقط كنت متيقنا إننى لن أجد رسالة منك طوال الأيام ال17 الماضية كنت أنقب في بريد الصباح، متي ستكتبين، متى سترجعين؟ متى ستشعرين إني استحقك؟ إننى انتظرت وانتظر وأظل أقول لك خذيني تحت عينيك». غضب بعد تلك الرسالة غضب غسان كنفاني في رسالة أخرى كتبها يقول فيها «أنت بعد لا تريديت أخذي تخافين مني أو من نفسك أو من الناس أو من المستقبل لست أدري ولا يعنيني ما يعنيني أنك لا تريدين أخذي وأن اصابعك قريبة مني تحوطني من كل جانب كأصابع طفل صغير حول نحلة ملونة تريدها وتخشاها وتطلقها ولا تمسكها ولكنها تنبض معها، لماذا انتى معى هكذا إننى أفكر بك ليل نهار أحيانا أقول لك إنني سأخلصك مني ويكون قراري مثل قرار الذي يريد أن يقذف نفسه في الهواء».