تصدر قريبا عن الدار المصرية اللبنانية الرواية الأولى للشاعر على عطا تحت عنوان "أيام الكوثر"، وتأتي بعد ثلاثة دواوين، "على سبيل التمويه"، "ظهرها إلى الحائط"، "تمارين لاصطياد فريسة". وتسلط "أيام الكوثر" الضوء على مرض الاكتئاب الذي تفشى خصوصا في الطبقة الوسطى في مصر في أعقاب ثورة 25 يناير عام 2011، وتدور غالبية أحداثها داخل مصحة لعلاج الأمراض النفسية والإدمان. ويقول الناقد الدكتور يسري عبد الله عن هذا العمل: "هذا نص مسكون بالمرارة والبوح والتدفق السردي المنسال ليس اعتباطيا على الرغم من عفويته الظاهرة، فثمة سارد رئيس يقبض على زمام الحكي في النص، ويضع المقاطع السردية ويعيد توظيفها وتشكيل المشهد السردي برمته، بدءا من لحظات التوتر الدرامي في المفتتح، التي تتجاوز الركود المعتاد للاستهلال السردي، وبما يليق بنص متوتر بالأساس على المسارين النفسي والفني، ثم الحكي عن المكان المركزي (مصحة الكوثر) بشخوصها الغارقين في المأساة، والممثلين لمآس تتجاوز ذواتهم المعتلة إلى واقع محمل بالزيف والاستبداد والكراهية، وصولا إلى التوظيف الدال لتقنية الرسائل، عبر خطاب "حنان" إلى أبيها بكل ما يحمله من مشاعر غضة وإحساس بحتمية استدراك ما فات". ويضيف: "غير أن السارد الرئيس الذي لم يغب لحظة عن نصه، يبدو حاملا وجهة نظر أخرى عبر التعليق السردي في نهاية المقطع". ويؤكد الدكتور يسري عبد الله أن إمكانات التخييل في النص هنا تنطلق من مأسويته واستلهامه جغرافيا سردية جديدة ومختلفة، ولعبه في فضاء مكاني مأزوم بالأساس، وأبطاله بالضرورة غارقون في متن الأزمة، فمستشفى الأمراض النفسية هنا براح شائك للسارد، وفضاء مثقل بالمرارة أمام المتلقى، وسياق معبأ بالانكسارات التي يمتزج فيها الخاص مع العام هنا، ولذلك تأتي المقاطع المتناثرة عن استعادة العوالم الأولى للسارد دالة ليس من كونها وصلا لمساحات التقاطع والجدل ما بين الماضي والحاضر في النص فحسب، ولكن من كونها تقدم التاريخ الشخصي لذات مولعة بالتنفيس عن مآزقها ومآسيها بلا خوف وبلا وجل، فالكتابة هنا درج ليس بالمعنى الصوفي الظاهري الغض، ترتقيه الروح وصولا إلى ذلك الجوهر الإنساني الثري الذي يحوي سر الكتابة والفن والوجود في آن.