كشفت دراسة مصرية عن الكثير من الدلائل التي تركها الفراعنة للتأكيد على ما تمتعت به المرأة في مصر القديمة من تقدير إنساني ومكانة اجتماعية، وما حققته من نجاحات في مختلف المجالات الحياتية، حتى صارت ملكة تحكم البلاد. وقال عالم المصريات الدكتور محمد يحيى عويضة، في دراسة أصدرها بمناسبة يوم المرأة المصرية، إن من أشهر المعالم الأثرية التي تركها قدماء المصريين، وتبين مدى تقدير ملوك مصر القديمة للمرأة الفرعونية، هي منطقة وادي الملكات في غرب مدينة الأقصر، وهي أحد أودية جبل القرنة التاريخي في غرب مدينة الأقصر بصعيد مصر، والغنية بمئات المقابر وعشرات المعابد التي شيدها ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة. ووادي الملكات هو المكان الذي دُفنت فيه زوجات الفراعنة في الأزمنة القديمة، وكان يسمى «تا - ست - نفرو»، أي أبناء الفرعون، حيث يضم الوادي مجموعة من المقابر لملكات وأميرات مصر القديمة. ويقول عويضة في دراسته، إن وادي الملكات في غرب الأقصر وما يضمه من مقابر رائعة للملكات والأميرات وزوجات ملوك مصر الفرعونية، وفي مقدمتهن المقبرة المتفردة للملكة نفرتاري زوجة الملك رمسيس الثاني وأحب زوجاته إلى قلبه، هو دليل على المكانة الكبيرة التي احتلتها المرأة في مصر القديمة، وكيف حرص حكام مصر الفرعونية على إقامة وادٍ يضم مجموعة مقابر رائعة لزوجاتهم وأميراتهم على غرار وادي الملوك الذي يضم مقابر ملوك الفراعنة في الجانب الشمالي من جبل القرنة، وعلى مقربة من وادي الملكات الذي يضم مقابر ملكات وأميرات الفراعنة، حيث أقيم وادي الملكات في الجبل ذاته والمنطقة نفسها التي أقيم فيها وادي الملوك، ونقشت للنساء مقابر مماثلة للرجال. وبحسب "عويضة" فإن وادي الملكات هو المكان الذي حُفرت ونقشت فيه مقابر الزوجات الثانويات والأميرات فيما يسمى بعصر الرعامسة، أي رمسيس الأول ورمسيس الثاني وحتى رمسيس الحادي عشر، وهو العصر الذي كان ملوكه وحكامه أكثر تقديرًا للمرأة وعناية بها وبمكانتها ودورها في المجتمع ومساواتها بالرجل في كل شيء. وتنتشر في ربوع مصر المعالم الأثرية التي تؤرخ لمسيرة سيدات شهيرات ونساء نبيلات وآلهة أيضًا، فقد وصلت مكانة المرأة في مصر القديمة إلى مكانة لم تصل لها النساء في أي موقع آخر على كوكب الأرض، فقد وصلت المرأة في مصر القديمة إلى مواقع عظيمة وكانت أشهر الآلهة من النساء، مثل الإلهة إيزيس إلهة الأمومة في مصر القديمة والتي كانت من أهم معبودات الفراعنة وأقيمت لها عدة معابد من أشهرها معبدها في جزيرة فيلة بمدينة أسوان. ومن المعالم الأثرية التي تؤرخ لمكانة المرأة في مصر القديمة، معبد نفرتاري، المعروف باسم معبد أبوسمبل الصغير، والذي أقامه الملك رمسيس الثاني تكريمًا لزوجته الملكة نفرتاري، ومعبد الملكة حتشبسوت في غرب مدينة الأقصر، ومقبرة "حتب - حرس" في الجيزة، ومعبد دندرة الذي كُرس لعبادة الإلهة حتحور ربة الحب والجمال والموسيقى في مصر القديمة. أما أكثر النساء تأثيرًا في مصر القديمة فقد كانت الملكة نفرتيتي، زوجة الملك أمنحتب، ويقول الدكتور محمد يحيى عويضة، إن نفرتيتي التي يجري البحث عن قبرها في غرب مدينة الأقصر، كانت صاحبة شخصية عظيمة وحديث جذاب وفلسفة نسوية متفردة جعلتها المرأة الأكثر تأثيرًا ربما في التاريخ بأسره. ويؤكد في دراسته التاريخية أنه لا يوجد معبد أو أثر مصري قديم لا يحتوي على تمثال أو نقش أو رسم يُبرز ويسجل المكانة المتميزة التي تمتعت بها المرأة في مصر القديمة، بجانب برديات تحوي وصايا الحكماء والآباء بحسن معاملة المرأة ومعاشرتها كشريك في الحياة، وأن يوفر الرجل لزوجته جميع مستلزمات الحياة من ملابس وطيب وعطر وكل ما يحفظ لها مكانتها وصورتها في عيون المجتمع المحيط بها، وأن يتشاور معها وأن يشاركها الرأي في كل قرار يخص حياتهما وحياة أبنائهما. ويشير "عويضة" إلى أن المرأة كانت تشارك زوجها في العمل فتقف بجانبه في الحقل وفى ورش الصناعات والحرف المختلفة، وأن قدماء المصريين قدسوا المرأة واحترموها وأنزلوها مكانة كبيرة في قلوبهم وفي كل ما يخص حياتهم ووطنهم، واستحدثوا منصبًا غير مسبوق، هو لقب "الزوجة الإلهية" لتكريم نساء ملوكهم. ووصل بهم الأمر في تقديس وتقدير النساء إلى إقامة مقصورة خاصة في معابد هابو الضخمة بغرب مدينة الأقصر لدفن ثلاث أميرات في قلب المعبد وإقامة جناح خاص بذات المعبد لتبقى زوجات الملوك على مقربة من أزواجهن في طقوس العبادة وإدارة شئون البلاد. ع.ج/ ط.أ (د ب أ) هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل