الحديث عن ثورة 25 يناير ذو شجون.. فليس كل ما في القلب والعقل يقال في هذا التوقيت بعد أن أصبحت اتهامات التخوين جاهزة وبعد أن تحولت أعظم ثورة في تاريخ مصر إلى مؤامرة لهدم الدولة. عندما قامت ثورة تونس العظيمة كنت من أشد المتابعين لها والمؤمنين بها وتملكنى شعور بأن مصر ربما تشهد مظاهرات غاضبة ضد الأوضاع المتردية ولم أتردد في كتابة مانشيت جريدة الأحرار في أواخر ديسمبر تحت عنوان «رياح التغيير تهب على مصر» ورصدت فيه دعوات الشباب للتظاهر وربطها بروح الثورة التونسية فغضب صفوت الشريف وعلق على المانشيت بجملته الشهيرة «مصر مش زى تونس». وعندما بدأت مظاهرات 25 يناير لم يتوقع أحد أنها مقدمة لثورة يخرج فيها الملايين للتنديد بالقمع وانتشار الفساد والتزوير والتوريث ثم تتحول إلى ثورة تغيير لإسقاط النظام وتحقيق العدالة الاجتماعية. وليس هناك أروع من الشعور بالحرية الذي تملكنى منذ يوم 25 يناير وجعلنى أكثر ثقة وتفاؤل.. ونقلت مشاعرى هذه للعديد من زملائى الذين كانت تسيطر عليهم حالة من الترقب والقلق وأحيانا الخوف. وكانت مشاعر الفخر والكرامة تزداد بداخلى في كل مرة أدخل فيها ميدان التحرير وسط آلاف الحالمين بوطن لكل المصريين وليس لفئة دون غيرها. رأيت في عيون الشباب أحلامهم الكبيرة في غد يأتى حاملا لهم العدالة والحرية وكان يخيل لى أنهم سيتحولون إلى عصافير تطير وتغرد في سماء مصر بنشيد العدل والحرية. ورأيت في عيون الكبار فرحة تقفز من تجاعيد القهر والظلم واليأس المرسومة في ملامحهم وكأنهم الآن يلحقون بالأمل الكبير قبل أن ينتهى العمر. رأيت في ميدان التحرير طوال أيام الثورة مصر الحقيقية.. الواعية.. المصممة على إسقاط الظلم والكبت والفساد. ورغم ما حدث بعد ذلك وما يحدث الآن ستظل ثورة 25 يناير حية في قلوب وعقول الملايين الذين يبحثون عن الحرية والكرامة والعدالة. تحية إلى روح شهداء ثورتنا العظيمة.. ولكل الشباب النقى الذي خرج لتحقيق حلمه المشروع. وسنظل أبناء مخلصين لمصر.. نحمى مؤسساتنا ونساند جيشنا ونحارب الإرهاب ونكشف المتآمرين ضد حرية وكرامة هذا الشعب.