حذرت المخابرات الإيطالية ومخابرات غربية كثيرة، حسب صحيفة لاستامبا الإيطالية السبت، من تنامي وتزايد عدد المسلحين الأجانب في البلقان، خاصة الدول التي تجمع أقليات من أصول ألبانية، مثل كوسوفا ومقدونيا إلى جانب ألبانيا نفسها. وأوضحت الصحيفة، أن الأجهزة المختصة في إيطاليا تتابع بقلق كبير تنامي وانعكاسات حضور جبهة النصرة وداعش في عدد من الدول الناطقة بالألبانية، في ظل إحصاء ما لا يقل عن ألف مقاتل أجنبي في صفوف التنظيمين في سوريا من جهة، وكثافة حركة السفر من هذه الدول نحو سوريا والعكس. انغلاق ومافيا وأضافت الصحيفة، أن خطورة هذا الحضور المتنامي في دول البلقان، أن السبب الأول في هذا الوضع الجديد، هو الطبيعة القبلية المعقدة في هذه المجتمعات من جهة ما يُعقد أي محاولة اختراق، أو توظيف من قبل الأجهزة الاستخباراتية المعنية؛ بسبب الانغلاق الاجتماعي لهذه الدول على امتداد قرون طويلة، بما في ذلك أثناء الحكم الشيوعي في ألبانيا وفي سائر دول يوغوسلافيا السابقة. أما السبب الخطير الثاني، فيتمثل - حسب الصحيفة - في اعتماد التنظيمات الإرهابية الجديدة على شبكات وقاعدة معقدة من العلاقات مع عالم الجريمة المنظمة، خاصة المافيا الألبانية التي تعد من أشرس وأعنف المنظمات منذ سنوات طويلة، التي لعبت دورًا كبيرا في تهريب المخدرات وتهريب البشر والتجارة في الرقيق الأبيض والجنس، قبل التحول إلى تجارة السلاح منذ اندلاع الحرب في البوسنة ثم في كوسوفا، وأثبتت قدرتها على اختراق أعتى الإجراءات الأمنية المضادة بسهولة مثيرة، بفضل شبكاتها الواسعة ونفوذها ومواردها المالية الضخمة، في دول ما بعد الشيوعية الألبانية واليوغوسلافية التي تعاني بشكل عام من ضعف الدولة واستشراء الفساد الإداري والرشوة. وأكدت الصحيفة أن 2014، كانت بداية الوعي الحقيقي بالخطر الذي تشكله هذه التنظيمات العاملة بدول البلقان، خاصة بعد تفكيك السلطات في تيرانا عاصمة ألبانيا، شبكة معقدة متخصصة في الترويج للتنظيمات الإرهابية في سوريا، خاصة الجبهة وداعش، والتجنيد وتزوير وثائق السفر والتمويل لفائدة التنظيمين بقيادة الإمامين الألبانيين، بوجار هيسا وغنيشي بالا. وأوردت الصحيفة على لسان مصادر أمنية إيطالية، أن "الشبكات الألبانية أصبحت اليوم إحدى أخطر الشبكات العاملة في أوربا، على مقربة من إيطاليا، بعد تزايد الشكوك في دور الخلايا الألبانية في العمليات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا، التي تهدد بلجيكا اليوم، باعتبارها القاعدة الخلفية للتخطيط والدعم للعمليات الإرهابية في أوربا". وقالت لاستامبا: إن الخلايا الألبانية الكثيرة مثل خلية إمام جامع بريستينا في كوسوفا شوكت كراسنيكي، تحولت إلى وكالة أسفار حقيقية لتأمين وتسهيل حركة المقاتلين الأجانب والألبان والأوربيين الذين يعجزون عن التحول إلى سوريا لسبب أو لآخر، فمع شبكات الألبان يُصبح كل شيء ممكنًا. ولكن المخاطر الحقيقية لهذه الشبكات لا تقف عند تهديد ألبانيا أو مقدونيا مثلًا، ولكن خطرها يمتد ليشمل أوربا بأسرها؛ بسبب انتشار الجاليات الألبانية والناطقة بالألبانية في كامل دول القارة، وفي الدول القريبة منها، خاصة في إيطاليا. وكشفت الصحيفة آخر الأمثلة التي تورطت فيها الشبكات الألمانية في إيطاليا، مثل تسفيرها أحد المتهمين بالإرهاب الذي أطلقت إحدى المحاكم الإيطالية سراحه في انتظار محاكمته، المغربي أنس العبوبي، الذي نجح رغم منعه من السفر في الخروج من البلاد والتوجه إلى سوريا عبر ألبانيا. وقالت الصحيفة: إن السلطات الإيطالية التي عملت على معرفة تفاصيل هروب الشاب المغربي، وضعت يدها على شبكة كاملة في إيطاليا نفسها تعمل في مدن عدة، في إقليم لازيو، الذي يضم مدنًا مثل روما، أو البيمونتي، وعاصمته ميلانو، الشبكة التي يُديرها في إيطاليا، لكن انطلاقًا من سوريا، لافدريم مهاجري، الموظف السابق في بعثة الحلف الأطلسي في كوسوفا، والناشط الكبير في صفوف داعش على شبكات وصفحات التواصل، والصور والفيديوهات الكثيرة التي نشرها والتي تظهره، محتضنًا رءوس ضحاياه من العسكريين السوريين، الذين نحرهم كما تكشفه تسجيلاته. ويأتي الكشف عن شبكة مهاجرين، بعد الكشف عن شبكة أخرى تورطت في تهريب أبرز الوجوه الإيطالية في تنظيم داعش، ماريا جوليا سيرجيو، التي التحقت بالتنظيم منذ 2013، بفضل زوجها الحالي الذي فرت معه من إيطاليا، الألباني ألدو كوبوزي، لتصبح اليوم من أبرز المجندين للإيطاليين والإيطاليات، خاصة بين معتنقي الإسلام حديثًا، في صفوف داعش. وتؤكد الصحيفة، أن الإسلام الألباني التقليدي الذي كان يتميز بالاعتدال والعقلانية، سقط في ظرف سنوات قليلة بعد الشيوعية وبعد حروب البوسنة السابقة، في براثن التنظيمات الإرهابية، ويستعد على ما يبدو إلى فتح جبهة جديدة لكل من جبهة النصرة وداعش، قريبة من أغلب العواصم الأوربية، خاصة الجنوبية التي فتحها داعش في جنوب المتوسط على سواحل مدينة سرت الليبية.