لكل مجال خبراء يدركون خباياه ويعرفون ويدركون ما لا يدركه غيرهم , والسياسة ولعبة الحكم لها خبراء لهم نظرة مختلفة عن رجل الشارع و يكون للخبير وزن ثقل عندما يكون متخصصا فى شئون التنظيم الحاكم,اذا جاز التعبير, وهذا يجعل الحوار مع الدكتور عبد الرحيم على الباحث السياسى المتخصص فى التنظيمات الإسلامية ضرورة, حول فالى نص الحوار . -هل وصل الإخوان لحكم مصر بصفقة مع امريكا وما طبيعة هذه الصفقة ؟ - الاخوان يدركون منذ فترة طويلة طبيعة المعادلة في الشرق الوسط ويعرفون جيدا ان الامريكان هم الذين يرسمون السياسات في المنطقة بما فيها من يحكم ومن لا يحكم وفقا لمصالح واشنطن , وانطلاقا من هذا , ادرك الإخوان انهم لن يصلوا للحكم الا بتعاون وثيق مع الامريكيين وبمساعدة من الادارة الامريكية ولادراك الاخوان بانهم جزء من معادلة الحكم فى مصر وان امريكا تعلم ذلك , عملت جماعة الاخوان المسلمين علي بناء جسور التواصل من فترة طويلة مع الامريكيين , ساعة في ارتفاع , واخرى فى انخفاض حتى جاءت سنة 2004 ورفعت كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية السابقة شعار "الفوضي الخلاقة " وبدأت امريكا تعطى اشارات فى شكل تصريحات لمسئوليها ويلتقطها الاخوان فى محاولات مستميتة للاستفادة منها لاظهار الجماعة بانها بديل يعتمد عليه وقد كان مع تطورات الاوضاع حتى ثورة يناير . -وهل لديك امثلة على هذه الاشارات والشفرات ؟ نعم .. ففى 2005 , قالت امريكا لامانع من وصول الاسلاميين للسلطة ووقتها تلقف الاخوان هذا التصريح الشهير وخرجوا فى مظاهرات بلغت 50000 فرد علي رأسهم الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح استجابة للامريكان والتقطت جماعة الاخوان الاشارات وبدأت لقاءات تتم بين الامريكان والاخوان في القاهرة متمثلة في باحثين يعملون في اجهزة الاستخبارات الامريكية يقابلون الاخوان والجماعة تدرك انهم ليسوا باحثين و بدأت الرسال المطمئنة تصل للاخوان بهذه الطريقة . - وما الذى تستفيده الولاياتالمتحدة من اخوان مصر بعد وصولهم للحكم ؟ استفادة كبيرة فالاخوان قوة وسيطة فى المنطقة العربية وامريكا تريد منها تحقيق مصلحة استراتيجية خاصة بها وهى قيام الجماعة بتذويب المناطق التى بها خلاف بين الحضارة الامريكية والقيم الاسلامية وبين الولاياتالمتحدة وجماعات الاسلام السياسى المتشددة , بحيث تكون الجماعة اسفنجة تمتص غضب الشباب المسلم وتكون الجماعة قبلتهم بدلا من تنظيم القاعدة . -وهل كانت ثورة يناير جزءا من هذا المخطط الامريكى الاستراتيجى ؟ ليست الثورة فى حد ذاتها وانما تم خطفها وسرقتها من جانب جماعة الاخوان المسلمين، ولدىّ معلومات مفادها ان اتصالات مكثفة تمت بالقاهرة وبالتحديد جسر السويس بين الامريكيين والاخوان عقب سقوط الرئيس التونسى زين العابدين بن على بالثورة التونسية وتمت بين "قمة" جهاز الاستخبارات الامريكية و أعلى قمة فى الجهاز السياسى للاخوان وسجلت مباحث جهاز امن الدولة "المنحل" تلك اللقاءات والاتصالات كاملة وقدمتها فى قضية مشهورة وحرق الاخوان هذا الملف اثناء التظاهرات وهو ملف من 60 ورقة , لم يتبق منه الا نسخة واحدة , حصلت عليها ووضعتها فى خزينة لندن ليعرف المصريون ما حدث فى تلك الفترة . - وماذا تحوى هذه الأوراق وهل فيها أسرار خطيرة ؟ - بالتأكيد , ومنها اتصال ممثل الاخوان فى تركيا بالرجل الثانى فى الاستخبارات الامريكية، ثم اقتراح المسئول السياسى للاخوان فى مصر عقد لقاء بين اربعة اجهزة استخبارات فى العالم , وهى: امريكا و المانيا وفرنسا وانجلترا، وكان الهدف من ذلك التنسيق على أعلى مستوى بينها وبين الاخوان لضمان عدم طعن جماعة الاخوان المسلمين من الخلف عندما تساند القوى التى تؤيدها امريكا او عندما يسطو الاخوان على الحدث ويوجهون الامور وجهة اخرى وهو ما حدث بالفعل فى ثورة يناير قبل وبعد تنحى مبارك . - وماهى دوافع واشنطن لفعل ذلك مع ان نظام مبارك لم يكن على الاقل معاديا لها ؟ - بالعكس .. أمريكا لم تكن تريد استمرار نظام مبارك وكان لديها اربعة تصورات لمستقبل الحكم فى مصر قبل الثورة , واختارت منها الذى يحقق لها مصالحها , الأول: أن يورث مبارك للقوات المسلحة وهى لا تريد حكما عسكريا فى مصر , والثانى: أن تأتى قوة حقيقية تناصب الولاياتالمتحدة العداء ويكون لديها القدرة على مناهضة المخططات الامريكية فى المنطقة وهى لا تريد ذلك , والثالث: أن يظل النظام قائما و يتم التغيير من الداخل أو يأتى تيار اسلامى معتدل من وجهة نظرهم ينفذ الاجندة الامريكية وقد ظهر هذا البديل المناسب لواشنطن عندما وصل الاخوان للحكم , وأصبح هناك تجانس كبير بين الامريكان والاخوان ولكن الجماعة لا تعلم ان الادارة الامريكية ليست وحدة واحدة فهي تنقسم بين جمهوريين وديمقراطيين وعندما حدث تجانس بين الديمقراطيين والاخوان انقلب الجمهوريون الموجودون في الكونجرس ووقفوا وقفة مضادة لمصر . - من وجهة نظرك , من يحكم مصر الآن، مرسي أم مكتب الإرشاد ؟ -بالتأكيد , مكتب الإرشاد هو الذي يحكم مصر،كما أن هناك بعض الافراد يتحركون علي الساحة السياسية بدون أي وجه حق، وكل هذه الامور تؤكد ان مكتب الإرشاد هو الذي يحكم مصر وليس قصر القبة . - من اين تتلقي الجماعة اموالها بعيدا عن اشتراكات الاعضاء ؟ -جماعة الاخوان تمكنت خلال مسيرتها من بناء علاقات مع العديد من الدول البترولية مبكرا ،مثل:السعودية والبحرين والامارات وهناك امراء في السعودية اعضاء في جماعة الاخوان وبالتالي هؤلاء الاشخاص والافرع الموجودة في العديد من البلدان تقوم بضخ الكثير في جبعة التنظيم الدولي الذي يرأسه المرشد في مصر فضلا عن اشتراكات الأعضاء . -وماذا عن علاقة قطر بالجماعة الآن ؟ .. قطر لها حدود بمعني انها عضو في منظمة التعاون الخليجي ومعظم الدول الموجوده في تلك المنظمة تجد في وصول الاخوان للحكم خطرا عليها وعلى مصالحها لان الاخوان فى تلك الدول ينادون بتحويل الدول الخلجية الي ملكيات دستورية فيها الملوك يملكون ولا يحكمون وهذا ضد توجه الدول الخليجية ولذلك نجد ان قطر تتراجع الان عن مساندة الاخوان بضغط من تلك الدول . -ما رؤيتك للانتخابات البرلمانية القادمة ؟ أتوقع ان تشهد الانتخابات البرلمانية القادمة مفاجأة فى غير صالح الاخوان الا اذا حدث تزوير لها من جانب الجماعة وحزبها السياسى "الحرية والعدالة" . - هل يكمل الرئيس مرسي دورته الرئاسية الاولي دون ثورة شعبية جديدة ؟ في ظل ازدياد الاسعار والغاء الدعم وارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير اتوقع ان نهاية العام الحالي ستشهد انفجار قنبلة وهي ثورة الفقراء والجياع اذا لم تجد الحكومة حلولا سريعة وعاجلة لحل مشاكلهم وتحسين احوالهم المعيشية او على الاقل اشعارهم ببارقة امل حقيقة فى حدوث ذلك .