في مثل هذا اليوم من عام 2003، أطفأ الموت شمس الفنانة القديرة أمينة رزق بعد صراع طويل مع المرض، وفارقت الحياة عن عمر ناهز 93 عامًا، اختارت أن تقضيهم في محراب الفن والإبداع. رحلت "ماما أمينة"، الأم الأشهر في تاريخ السينما المصرية، التي بدأت مسيرتها الفنية عام 1924، حين قدمت من مدينة طنطا في دلتا مصر إلى القاهرة، بصحبة عمتها أمينة محمد، التي كانت تعمل بالتمثيل أيضا، واستقر بها الحال في القاهرة التي كانت مركز إشعاع فني نشط في تلك الحقبة، والتحقت بفرقة رمسيس وبدأت مشوارها مع التمثيل منذ ذلك الوقت، وحتى قبيل رحيلها بقليل بدأب وحب ومثابرة. كان أول ظهور لها في الفيلم الصامت "سعاد الغجرية" عام 1928، لكن بدايتها الحقيقية كانت من خلال أعمالها مع يوسف وهبي، الذي كونت معه ثنائيا فنيا ناجحًا، وقيل إنها ارتبطت معه بقصة حبها الوحيدة التي لم تكلل بالزواج، ولهذا لم تتزوج طيلة حياتها. وكانت البداية في فيلم (أولاد الذوات) عام 1932، الذي قامت فيه بدور البطولة، وهو نفس الوقت الذي كانت فيه أمينة رزق بطلة فرقة يوسف وهبي، ويعتبر هذا الفيلم هو أول فيلم مصري ناطق، وقد أخرجه محمد كريم، أحد رواد السينما المصرية في ذلك الوقت. استطاعت أمينة رزق أن تصبح "الأم الأسطورة" في تاريخ السينما المصرية، بمشاعرها الفياضة المشحونة بالحزن والحنان؛ حيث تمكنت ببراعة شديدة من تجسيد مشاعر الأمومة، وهي ما تزال شابة لم يصل بها قطار العمر إلى العام 35، في فيلم "الأم"، عام 1945، وظلت هكذا على عطائها الفني، بالرغم من عدم زواجها مطلقًا، لتتوالى أدوار الأم في مختلف أفلامها مثل "دعاء الكروان" و"بورسعيد" و"بداية ونهاية"، وكذلك قدمت في الأدوار التي قدمتها صورة الزوجة العاقلة والمضحية من أجل أبنائها. تمتعت الفنانة الراحلة برصيد فني كبير؛ حيث شاركت في 152 فيلمًا، و210 مسرحيات، و96 عملا تليفزيونيا، و178 عملا إذاعيا، وعملت أمينة رزق مع 45 مخرجًا سينمائيًا، و26 مخرجًا مسرحيًا، و24 مخرجًا تليفزيونيًا، وكان من أبرز أعمالها "بائعة الخبز"، و"أريد حلا"، و"دعاء الكروان"، و"بداية ونهاية"، و"التلميذة". عينت أمينة رزق عضوًا بمجلس الشورى المصري في مايو 1991، كما حصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ورفضت في سنواتها الأخيرة فكرة الاعتزال، رغم حادث السيارة المؤلم الذي تعرضت له، وأصابها بكسور في ساقها اليمنى.