التعليم العالي: تراخيص الجامعات الأجنبية «باب خلفي» سمح بانتشار «النصابين».. والمراكز التعليمية تقع في «فخ الانتشار» أمين المجلس الأعلى للجامعات الخاصة: الوزارة لا تمتلك حصرا كاملا بأعداد تلك المنشآت.. والأهالي يتحملون جزءا من المسئولية تخضع الجامعات الخاصة للقانون رقم 101 لسنة 1992 وتعديلاته، وهى كيانات مستقلة من حيث الإدارة والميزانية، تضع لوائحها الداخلية وتخضع لإشراف وزارة التعليم العالي، وقد مضى نحو 20 عامًا على صدور اللائحة التنفيذية للقانون رقم 101 لسنة 1992 بموجب القرار الجمهورى رقم 355 لسنة 1996، ومنذ ذلك التاريخ فقد تم الترخيص ل20 جامعة خاصة وأهلية، ومع ذلك كثرت في الآونة الأخيرة المنشآت الوهمية التي تحمل أسماءً جامعية وأكاديمية ويمارس أصحابها النصب على الطلاب بمسمى الشهادة الجامعية. وأنشئت أول جامعة خاصة في عام 1996، وهى جامعة 6 أكتوبر، ولكن فكرة إنشاء جامعات خاصة بدأت في ثمانينيات القرن الماضي، عندما ناقش مجلس النواب الموضوع في 17 ديسمبر عام 1987، ومع ذلك لم يبت في الأمر حتى أصدر المجلس القومى للتعليم عدة توصيات بضرورة إنشاء جامعات أهلية وخاصة غير خاضعة للحكومة، وقد تبنى الحزب الوطنى المنحل (الحزب الحاكم وقتها) تلك التوصيات، حتى انتهى بإصدار القانون رقم 101 لسنة 1992، الذي ظل غير مفعل حتى عام 1996 عندما أصدر الرئيس الأسبق حسنى مبارك، قرارًا جمهوريًا باللائحة التنفيذية للقانون. وقد نصت المذكرة الإيضاحية للقانون، على أنه تم وضع قانون مستقل ينظم الجامعات الخاصة بعيدًا عن نطاق تطبيق القوانين القائمة وخاصة القانون رقم 52 لسنة 1970، الصادر بشأن تنظيم المعاهد العالية الخاصة، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات الحكومية. ونص القانون في مادته الأولى، على أنه «يجوز إنشاء جامعات خاصة تكون غالبية الأموال المشاركة في تأسيسها مملوكة لمصريين، ويصدر بإنشاء الجامعة الخاصة وتحديد نظامها قرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم». القانون نص أيضًا في مادته الثانية، أنه على الجامعة الخاصة أن توفر أحدث الأجهزة المتطورة التي تستوعب تكنولوجيا العصر، وإعداد المكتبات المجهزة بالحاسبات الآلية المناسبة، التي تضم أحدث المراجع العلمية العربية والأجنبية، وتوثيق الروابط العلمية والأدبية والثقافية، وتبادل البعثات والمنح مع الجامعات الأخرى والهيئات العلمية والبحثية العربية والأجنبية. ونصت المادة الثالثة على أن «يكون للجامعة شخصية اعتبارية خاصة، ويمثلها رئيسها أمام الغير، تتكون من أقسام أو كليات أو معاهد عليا متخصصة أو وحدات بحثية، وبيَّن القرار الصادر بإنشاء الجامعة الأحكام المنظمة لها وبصفة خاصة: تشكيل الجامعة، وتشكيل مجلس الجامعة وغيره من المجالس الجامعية واللجان المنبثقة عنها واختصاصاتها ونظم العمل بها، وبيان الدرجات العلمية والشهادات والدبلومات التي تمنحها الجامعة والشروط العامة للحصول عليها، وشروط قبول الطلاب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وقيدهم، ونسبة الطلاب المصريين الذين يقبلون بالجامعة على ألا تقل نسبة الدرجات الحاصلين عليها في شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها عن 65% من مجموع الدرجات، وبما يحقق تكافؤ الفرص بينهم». وتؤكد نصوص قانون الجامعات الخاصة صعوبة إنشاء جامعة خاصة دون الحصول على تراخيص، إلا أن الكيانات الوهمية التي تمارس أعمال النصب على الطلاب تقوم بإنشاء كياناتها بتجهيز قاعات للدرس، والإعلان عن خدماتها بعيدًا عن أعين وزارة التعليم العالي، وبعض هذه الكيانات تكون في الأساس حاصلة على تراخيص للعمل كمعاهد تدريب فني، وتحصل على تراخيص في هذا الشأن من وزارة الصناعة، وبعضها الآخر يكون تابعًا لجمعية أهلية باعتباره جزءا من أنشطة الجمعية الثقافية، ولا يحصل على ترخيص العمل كمعهد عالٍ أو فوق متوسط، لكنه يحصل على تراخيص من وزارة الشئون الاجتماعية بتطوير وتدريب الشباب، ثم يمارس القائمون على المكان النصب على الطلاب من خلال الإعلان عن المنشأة باعتبارها أكاديمية بحثية أو معهدًا علميًا. بعض تلك الكيانات تكون في الأساس حاصلة على تراخيص للعمل كمراكز تعليمية من وزارة الشئون الاجتماعية أو كمعاهد فنية حاصلة على تراخيصها من وزارة التربية والتعليم، ثم تستغل شعار إحدى الجامعات الحكومية وتدعى تبعيتها لتلك الجامعة عن طريق توقيع بروتوكول تعاون مع أحد مراكز التدريب بتلك الجامعة، وتستغل من خلاله شعار الجامعة، وهذا ما أتاح لوزارة التعليم العالى كشف تلاعب عدد من هذه المنشآت، وتحديد خمسة معاهد منها في أغسطس الماضى وإغلاقها من خلال لجنة الضبطية القضائية. مصادر بوزارة التعليم العالي، أكدت أنه من الأبواب الخلفية التي يطرقها القائمون على تلك الكيانات الوهمية، أنهم يلجئون إلى الحصول على تراخيص بالعمل من جامعات أجنبية وهمية وكيانات مشبوهة في دولها، ويروجون دعاياتهم للعمل في مصر مع تصديق شهادات الخريجين من الجامعات الأجنبية التي منحتهم تراخيص العمل، ليكتشف الطالب بعد ذلك وهمية تلك المؤسسات؛ لأنها في الأصل جهات غير معترف بها في مصر وشهادتها ليس لها قيمة. وساهم في انتشار تلك الكيانات الوهمية، أن الجامعات المعترف بها أصبحت هي الأخرى تتكالب على التعامل مع المكاتب أو المعاهد الوهمية لتدخل الحلقة المشبوهة، فالمراكز بالجامعات أصبحت ستارا قانونيا لهذه المعاهد الوهمية حتى أصبح الوضع خارج سيطرة الدولة، وانتشرت تلك الكيانات الوهمية في أنحاء الجمهورية، وقد دفع هذا الأمر المسئولين إلى التفكير في إنشاء قانون موحد للتعليم العالى في مصر، يشمل كل الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية والمعاهد العليا، بحيث يكون هناك توحيد للنظام التعليمى وفقًا لخطة الدولة، وهو المشروع الذي يواجه مشاكل كبيرة تهدد استكماله. من جانبه كشف الدكتور محمود فهمي، أمين المجلس الأعلى للجامعات الخاصة، أسباب انتشار كيانات «بير السلم» كما يسميها، وهى المنشآت التي يطلق أصحابها عليها مسميات جامعية دون سند قانونى أو ترخيص رسمي؛ حيث قال: السبب الرئيسى في انتشار تلك الكيانات الوهمية هو رغبة أولياء الأمور الذين لم يحصل أبناؤهم على درجات علمية تؤهلهم للالتحاق بإحدى الجامعات المعترف بها، فيلجئون إلى مثل تلك الكيانات، ويستغل أصحاب تلك المنشآت جهل الطلاب وأولياء الأمور بالجامعات المعتمدة والمعترف بها، وتلك المنشآت الوهمية تمارس النصب على الطلاب من خلال إعلانها قبولهم دون الحاجة إلى تنسيق. «فهمي» أكد أيضًا أن المشكلة الأساسية التي تواجه وزارة التعليم العالى وتساهم في نشر هذه الكيانات الوهمية، أن الوزارة لا تمتلك حصرا كاملا بأعداد تلك المنشآت، وبعض القائمين على تلك الكيانات يغيرون مقراتهم، حتى إذا تم إرسال لجان الضبطية القضائية إلى المنشأة وجدوها مغلقة. من جهته، شن الدكتور إسماعيل إبراهيم، المشرف على قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة 6 أكتوبر، هجومًا شديدًا على مؤسسات التعليم العالي، ووصف التعليم بأنه تحول إلى تجارة، قائلًا: «من الأسباب التي تجعل التعليم مجرد مشروع وهمي، هو سريان مبدأ التجارة، والنظر إلى التعليم الجامعى كمشروع تجاري، يهدف إلى الربح قبل أن يكون مشروعًا تعليميًا تنمويًا».