في الآونة الأخيرة تكررت علي مسامعنا كلمة "البلطجة" وأصبحت من المرادفات المتكررة بكثرة على لسان بعض الشباب، وامتدت إلى الأطفال والكبار، بل وصارت سلوكا لكثير من الفتيات. وكلمة بلطجة أصلها تركي وتتكون من مقطعين: "بلطة" وهى أداة للقطع والذبح، و"جي" أي حامل البلطة, ويعود تاريخ كلمة البلطجة إلي فرقة في الجيش العثماني وقت أن كانت مصر خاضعة لحكم العثمانيين, وكانت مساوئهم كثيرة أشاعوا الفساد وتمرد عليهم العامة.. ومنذ هذا التوقيت أصبحت كلمة البلطجة تدل علي الشخص الذي يستخدم القوة للتهديد والإرهاب والتأثير علي الآخرين وإذلالهم والسخرية منهم وتحقيرهم. ومن خلال نظرة تحليلية لإنتشار ظاهرة البلطجة في الشارع المصري قالت الدكتورة هبة العيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس, إن ذلك يرجع إلى اعتقاد الشباب أن البلطجة هي الأسلوب الأمثل للحصول علي ما يريدون سواء كان من حقهم أم لا، منتهزين غياب دولة القانون والانفلات الأمنى كما يحدث حاليا. وأشارت إلى عدة أسباب نفسية تقود إلي البلطجة منها "أنها محاولة لإثبات الذات بشكل غير صحيح كإستعمال العنف أو الإهانة, وأيضا غريزة العدوان وهي من الآليات النفسية التي يستعملها البلطجي لاعتقاده أن البقاء للأقوي, بالإضافة إلى إستعمال الشخص للبلطجة فى محاولة لتأكيد وجوده".
وحددت "العيسوي" أربعة انواع من البلطجة متمثلة في "البلطجة الإجرامية, البلطجة الأهلية, بلطجة القرارات العشوائية, و بلطجة المعارضة". وعرفت البلطجة الإجرامية بأنها "نوع من البلطجة المعروفة تصدر من شخص مجرم يقوم بجرائم نصب أو سرقة أو إستعمال سلاح، وهى نوع معروف يعاقب عليه القانون". وأضافت أن البلطجة الأهلية "تصدر من شخص عادي ليس له علاقة بالسلاح، ولكن في ظل ظروف معينة خضع لإستخدام السلاح, للدفاع عن نفسه بعد إختفاء الأمن وانتشار قطع الطرق وإختطاف الفتيات.. وكل هذه الأمثلة تعد أنواعا مختلفة من البلطجة الأهلية التي باتت تستخدم بشكل عادي". وأوضحت أستاذ الطب النفسى، أن النوع الثالث من البلطجة هو "بلطجة القرارات العشوائية"، ويمكن الإشارة إلي أن قرار الحكومة بتحديد 3 أرغفة لكل مواطن القرار جاء هنا للتحكم في كمية الطعام لكل مواطن، وهذا نوع من التحقير للذات ووإذلال للنفس البشرية. أيضا هناك قرار غلق المحلات له أهداف ظاهرة كتوفير الكهرباء ولكن هذا القرار خلف حالة من الخوف والإرهاب لدي البعض حرصا علي لقمة العيش وهذا القرار يعد دغدغة لمشاعر المواطنين.. بالإضافة إلى قرار وزير التعليم الخاص بعودة الضرب في المدارس، هذا القرار يشجع علي العنف وخلف العديد من الإنتهاكات النفسية للطفل بقرار إداري وهو ما يجعله يندرج تحت البلطجة.. أيضا هناك قرار الضبطية القضائية في علم النفس يعد هذا القرار عبارة عن إعلان رسمي لتوليد جماعات متطرفة هذا القرار خلف حالة من الذعر وساعد علي نشر الرعب لدي البعض وأيضا جعل البلطجة عامل نفسي مؤثر سلبيا علي نفسية البعض. أما "بلطجة المعارضة" فتري "العيسوي" أن المعارض يتمثل دوره في التوافق والإصلاح ولكن ما نراه الآن هو نوع من أنواع العناد إما أن تأخذ الكل أو تترك الكل، وبالتالي لا تظهر المعارضة إجراءات للتصالح, ولكنها تملي شروطا لايمكن تحقيقها علي أرض الواقع, فماذا يفعل المواطن الذي لاينتمي لا للمعارضة وولا للإخوان.. مؤكدة أن هذا يخلف حالة من حالات الغليان لدي الشعب، لأن المعارضة تعاملت مع الشعب بنوع من التحقير والإذلال. ولفتت إلى أن كل ما سبق يؤكد أن تداعيات البلطجة شعور عام بالإهانة وغالبا ما تصدر من شخص فاقد الإحساس بالآخرين, كما أن البلطجة المجتمعية خلفت عدة أنواع من الإساءة النفسية تمثلت في الإهانة والتحقير والتخويف.. بالإضافة إلي أن البلطجة تؤثر علي تقدير الذات المصرية تجعل الإنسان يقلل من قيمة نفسه فيشعر بسوء تقدير كامل. وأكدت "العيسوي" أن ثورة 25 يناير لم تكتمل لأنها كانت تنادي بتقدير الذات، ولكن ما يحدث الآن هو تدمير نفسي للتقدير الذاتي للشعب