الكويت من أكبر الدول التى لها مشروعات استثمارية داخل مصر، حيث تعدت ال 16 مليار جنيه، موزعة على مختلف نواحى الاستثمار، ما يعنى توفير فرص عمل للمزيد من المصريين، إضافة إلى 650 ألف مصرى يعملون داخل دولة الكويت التى لا تنسى فضل مصر عليها منذ استقلالها فى بداية الستينات، ووقوف الجيش والشعب المصرى بجانبها خلال الغزو العراقى لها.. "فيتو" التقت رشيد حمد الحمد، سفير الكويت بمصر، وتناولت معه العلاقات المصرية – الكويتية، وهل تغيرت فى ظل حكم الإخوان، ومشكلة العمالة المصرية والاستثمارات الكويتية فى مصر، وغيرها من القضايا الأخرى المهمة.. فإلى نص الحوار: - ماذا عن العلاقات الدبلوماسية المصرية - الكويتية؟ * العلاقات بين مصر والكويت جيدة، والدليل أن أول مباركة للدكتور مرسى فور فوزه بالرئاسة كانت من قبل دولة الكويت، حيث كانت زيارة وزير الخارجية الكويتى له للتهنئة، وإبلاغه بدعوة سمو الشيخ أمير الكويت صباح الأحمد الصباح له لزيارة دولة الكويت. - هل هناك نوع من الاختلاف فى تعامل الحكومة الكويتية مع مصر فى ظل حكم الإخوان عن تعاملها فى عهد مبارك؟ * ليس هناك أى اختلاف فى المعاملة؛ لأننا نتعامل مع حكومات اختارتها الشعوب، سواء كان هذا خلال الأنظمة السابقة أو الأنظمة الحالية.. فنحن نتعامل مع حكومات لا أفراد. - بصفتك كنت وزيرًا للتعليم.. كيف يمكن النهوض بالتعليم فى دولنا العربية؟ * النهوض بالتعليم وتطويره فى المنطقة العربية يحتاج أموالًا ضخمة، وهذا غير متوفر للأسف فى أغلب الدول العربية، الجانب الآخر لتطوير التعليم هو الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة فى هذا المجال، وهو ليس عيبًا كما يعتقد البعض. - هل هذا معناه أنكم استعنتم بتجارب معينة للنهوض بالتعليم فى الكويت؟ * بالفعل.. فالكويت مثلها مثل بعض دول الخليج، والتى قامت بالاستعانة ببعض الشركات العالمية المتخصصة فى مجال تطوير التعليم فى إنجلترا وأمريكا، وخصوصًا فى مجال الرياضيات، وبعض المناهج العلمية الأخرى، والعمل على تطبيقها، بما يتلاءم مع طبيعتنا العربية، وأتوقع أن يكون لها أثر طيب فى المرحلة القادمة. - ما حقيقة المبادرة الكويتية لإطلاق سراح مبارك؟ * هذه مجرد إشاعة، ونحن نحترم أحكام القضاء، وهو شأن داخلى للحكومة المصرية، وليس من حقنا التدخل فى ذلك. - صرحت بأن الشعب المصرى، وليس مبارك، هو من له الفضل فى تحرير الكويت.. أليس هذا تناقضًا وتغييرًا فى مواقفكم مع تغير الأحداث؟ * مبارك كان رئيس مصر ويمثلها، ونحن لم نغير مواقفنا، كشعب كويتى نشكر حسنى مبارك لمبادراته فى تحرير دولة الكويت، فدوره لا نستطيع إنكاره، وأيضا مبادراته فى إرسال الجيش المصرى فى وقت تخلى عنا فيه الآخرون، فهذا شىء يحسب له لا عليه، وفى النهاية مبارك من جاء به الشعب المصرى، أى أن الشعب ومبارك وقتها كان جزءًا لا يتجزأ. - ولكن هناك الكثير من المحامين الكويتيين قرروا الدفاع عنه.. ألم يكن هذا بمساعدة حكومة الكويت؟ * هذا غير صحيح.. لكن هناك من الكويتيين من يحب مبارك، وفعل ما فعله بصفته الشخصية، وليس كممثل عن الدولة، وأرى أن هذه حرية شخصية، وليس من حقى ولا من حق حاكم الكويت فى ظل ما نتمتع به من حرية أن نردع أحدًا فعل ذلك. - قلت: نرفض التعاون مع الأحزاب المصرية.. لماذا؟ * قصدت بعدم التعاون مع الأحزاب فيم يتعلق بالاستثمارات والمشروعات، وهذا الأمر أثاره بعض أعضاء "حزب النصر" خلال الزيارة التى قام بها رئيس حزب النصر لى فى السفارة عندما سألنى هل يمكن أن يكون هناك استثمارات بين الحكومة الكويتية وبين الحزب.. فكان ردى له: لا؛ لأننا كسفارة نمثل دولة، وبالتالى نحن لا نتعامل إلا مع الحكومات فى سياق اتفاقات دبلوماسية. - ماذا عن الاستثمارات الكويتية فى مصر.. وهل تأثرت بعد الثورة.. وماذا حدث بشأن التعويضات؟ * الاستثمارات الكويتية فى مصر من أضخم الاستثمارت الأجنبية، حيث يبلغ حجمها حوالى 16 مليار جنيه، مستثمرة فى مجالات عديدة، ومنها: الزراعة والصناعة والعقارات والسياحة، وهى بالفعل تأثرت، لكنها مستقرة إلى حد ما، أما بالنسبة للتعويضات فهذا من شأن الحكومة المصرية؛ لأن المشروعات على أرضها، وليس للكويت شأن بها. - الاستثمارات الكويتية فى مصر.. هل هى فى تزايد أم تراجعت؟ * عدد الشركات الكويتية فى مصر بلغت 650 شركة، بحجم استثمارات تعدت ال 16 مليار جنيه، تعمل فى مختلف المجالات الاستثماراية، من سياحة وزراعة وصناعة، لكنها الآن فى مصر فى حالة توقف، وهناك فرصة للاستثمار، لكن بعد أن تستقر الأمور الأمنية؛ لأن رأس المال جبان. - ماذا عن ال 630 مليون جنيه التى منحت لمصر كقرض حسن.. وهل هناك مراقبة على هذا القرض؟ * الصندوق الكويتى المسئول عن هذه القروض، وهو الموكل بالمراقبة، خاصة فى مصر؛ لأنها من أكبر الدول التى استفادت من الصندوق، والصندوق حريص على وضع شروط معينة للمشروعات التى توضع فيها تلك القروض، ويراقب خطوات المشروع من البداية حتى النهاية، ولا خوف على هذه الأموال، ومصر من الدول المنتظمة والملتزمة بالسداد لهذه القروض فى التوقيتات المحددة لها. - مشكلة أراضى العياط وأكتوبر ودمياط والمملوكة للمستثمرين الكويتيين.. هل تم حلها؟ * بالفعل هناك 20 ألف فدان مملوكة للمستثمرين الكويتيين منذ عام 2002، وقد تم شراؤها على أنها أراضى زراعية، ثم اتضح أنها لا تصلح للزراعة، لذا صدر قرار بتحويلها إلى أراضى مبانى، وبالتالى ارتفعت قيمتها المادية بصورة ضخمة، وقد تحدث عن تلك المشكلة الرئيس مرسى، وقدم مبادرة لحلها، وتم الاتفاق على تقييم الأرض مرة أخرى، وقد شكلت لجنة تتبع رئيس الوزراء، وحضرتها بنفسى، وهناك رغبة لحل المشكلة مع هؤلاء المستثمرين، مقابل دفعهم 120 مليار جنيه، كفارق سعر، وهناك رغبة من الحكومة بأن تحل هذه المشكلة، ورغبة أخرى من المستثمر؛ إذ إنهم جميعًا متمسكون بتلك الأراضى بعد أن تحولت إلى عمرانية، وهم والحكومة المصرية يرون أنها ستتيح فرص عمل كبيرة للمصريين. - العمالة المصرية فى الكويت.. ما حقيقة انضمامها الى النقابات العمالية الكويتية؟ * هذا ممنوع.. فلا يجوز للعمالة المصرية أو غيرها أن تنضم لأى نقابة كويتية، والعامل المصرى يخضع للعقد الذى وقعه مع الشركة التى سيعمل بها داخل الكويت، والعقد شريعة المتعاقدين، يحفظ له حقوقه وواجباته، ولا شأن للكويت ولا نقاباته إلا بما جاء فى عقد الكفيل. - قلت سأقضى على موضوع الكفيل.. كيف سيتم ذلك؟ * بالفعل.. فنحن بصدد إقامة هيئة رسمية تحل محل الكفيل، وستقوم بتنظيم هذه العلاقة، فى إطار رسمى، بحيث لا يضار العامل ولا صاحب العمل، وبها الكثير من المرونة والتسهيلات لصالح العمال، أى أن رجال الأعمال، سواء كانوا أفرادًا أو حكومات لا بد أن يتعاقدوا من خلالنا، حتى لا يحدث طغيان من أحد على أحد، ووقتها لا حاجة للعامل المصرى بنقابة تحميه. - هل تخشى الكويت أن يصيبها ما أصاب الدول العربية من ثورات أطاحت بحكامها؟ * الكويت لا تخشى ذلك؛ لأننا فى ربيع مستمر، ولدينا ديمقراطية حقيقية، فنحن أول دولة فى المنطقة يوضع لها دستور ومجلس تشريعى منذ عام 1962، لذا فإن الشعب الكويتى اختار حاكمه بأسلوب حر، بدون استبداد أو قهر، كما كان فى الدول التى قامت فيها ثورات الربيع العربى، فستجد غالبية الشعب الكويتى راضيًا بنظام الحكم فى الدولة. - هل هذا معناه أنه لا يوجد سلبيات بدولة الكويت؟ * أى دولة ونظام حكم لا بد أن تجد به سلبيات، وأنا أقول إن هناك بعض الممارسات من الأجهزة الحكومية مثل هيئة الإسكان، وهناك بعض المشاكل المتعلقة بالمطالبة بزيادة الأجور فى بعض المؤسسات، وهذه مشاكل نجدها عادية، ومن الممكن إيجاد حلول لها، أما بالنسبة للشعب الكويتى ككل فليس لديه أى مشاكل، حيث إن تعليمه مجانى، وله حق فى السكن، وخدماته كلها مجابة، وله نصيب فى ثرواته التى حبى بها الله دولة الكويت، لذا تجد جميع الكويتيين يشعرون بالراحة. - هل أمير الكويت يتحكم فى كل السلطات داخل الدولة؟ * الأمير هو أصل الحكم فى الكويت، وبيده كل السلطات، حيث إن لدينا ثلاث سلطات يقع على عاتقها بناء هيكل الدولة، وتحفظ حقوق المواطن؛ وهى السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، وهناك قانون يحدد لكل سلطة ما لها وما عليها، وأمير الكويت هو الحاكم على كل هذه السلطات، لكنه لا يتدخل فى أعمالها، وتدخله يكون فى حالة حدوث مشاكل داخل هذه المؤسسات، فيتدخل ويحلها، مثل المشاكل التى حدثت بين الحكومة ومجلس الأمة، حيث وجد عدم تعاون بينهم، فتدخل على الفور وقام بحل مجلس الأمة، ولم ينتظر وقتًا حتى لا تتعطل مصالح الدولة، وهذا هو قرار رجل الدولة القوى الحكيم، الذى يحسم القرارات فى وقتها ودون انتظار. - لماذا لم يتم حتى الآن تفعيل تجربة السوق العربية المشتركة؟ * السوق العربية لا بد أن يتم الاهتمام بها بصورة كبيرة فى الفترة القادمة، وأعتقد المقدمة كانت عقد أول قمة اقتصادية، والتى انطلقت من دولة الكويت، وكان شعارها التركيز على الجانب الاقتصادى وليس الجانب السياسى، وبعد عامين كانت القمة الثانية فى شرم الشيخ، وناقشنا فيها قضية المشروعات الصغيرة ومشروعات السوق العربية المشتركة، لكن حتى الآن التعاون ليس على المستوى المطلوب، والمشكلة فى تغير الحكومات، والتى للأسف لم تكن على مستوى المسئولية، وهى أنظمة لم يكن لديها الاستعداد للمشاركة فى هذا العمل، وعلى الأنظمة الجديدة أن يكون لها دور أكبر فى هذا الموضوع مستقبلا. - لماذا لم يتم تفعيل منظومة الدفاع العربى المشترك؟ * هذا كان موجودًا فى بداية إنشاء الجامعة، ويمكن أن يحدث إذا تم توحيد كلمتنا السياسية كعرب، فاتفاقيات الدفاع المشترك لم يتم تفعيلها بسبب اختلاف توجهات الحكومات، فكل دولة لها توجه خاص، وهذا حدث وقت غزو العراق للكويت، حيث انقسمت الدول العربية على نفسها، فمنها من كان معنا والآخر كان ضدنا.