بوتيرة أسبوعية يكشف موقع ويكيليكس أدلة جديدة حول تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية اللامحدود على ألمانيا، لكن ألمانيا كدولة ذات سيادة يجب ألا تسكت على التجسس الأمريكي عليها، كما يرى الصحفي الألماني ماتياس فون هاين. ما هو ممكن تقنيًا يتم فعله دون مراعاة ل "الصداقات" والتحالفات. وبالنظر إلى ما نشره موقع ويكيليكس مؤخًرا بات ينبغي على كل شخص في ألمانيا أن يتذكر ما جاء على لسان شارل ديجول حين قال: "لا توجد صداقة بين الدول وإنما مصالح فقط". يبدو أن الولاياتالمتحدة تعتقد على الأرجح أن من مصلحتها مراقبة مركز السلطة في ألمانيا على مدى عقود من الزمن، ولحظة بلحظة. فقائمة البيانات، المنشورة الآن والمأخوذة من 56 خط اتصال تتعلق حصريا بمكتب المستشارية الألمانية، كما أن اهتمام الأمريكيين انصبّ على مراكز الاتصالات الخاصة بالمستشارة أنجيلا ميركل والمستشارين السابقين غيرهارد شرودر وهيلموت كول، سواء في العاصمة السابقة بون أو الحالية برلين. ومع ما تم الكشف عنه الأسبوع الماضي أصبحنا نعلم حتى الآن ما مجموعه 125 خط اتصال، تم التجسس عليها على مدى عقود، لكن هذا ليس سوى جزء صغير من خطوط الاتصال التي تم التجسس عليها بمساعدة جهاز المخابرات الخارجية الألمانية انطلاقا من مدينة باد أيبلينغ الألمانية، فعددها أكبر ب 300 مرة ويصل إلى 40000! ورغم ذلك فإن مكتب المستشارية نفسه، الذي تم التنصت عليه، يُبقي هذه القائمة طي الكتمان ويتكتم عليها مراعاةً للولايات المتحدة. ولا يحق إلا للقاضي الإداري السابق المتقاعد كورت غراوليش الاطلاع عليها وتدقيقها كي يقدم بخصوصها تقريرا إلى البرلمان الألماني في الخريف المقبل. قبل نحو شهر واحد فقط أوقف النائب العام الاتحادي الألماني هارالد رانغِه التحقيقات المتعلقة بالتنصت على الهاتف المحمول الخاص بالمستشارة ميركل، فالوثائق المقدمة، التي اطلع عليها رانغه، لم تكن كافية لرفع دعوى قضائية. وهنا يجب معرفة أن المدعي العام ليس مستقلا، إذ إنه ملتزم بتعليمات وزير العدل. فضلا عن ذلك فإن الحكومة الألمانية لا تعطي أي انطباع برغبتها في الضغط والعمل ضد الأنشطة التجسسية الأمريكية الممارَسة عليها، بل يتم التستر على المعلومات وإخفاؤها من قِبَل أعلى المستويات في الدولة الألمانية، مراعاةً للحليف والشريك الأمريكي القوى، لكن هذا التصرف لا يبدو كتصرف دولة ذات سيادة، ناهيك عن الرأي العام والوسط السياسي الألمانيين اللذين يسيران، نظرا للبحث التقني الواسع، على طريق واحد مباشر يبتدئ بالمخاوف الغامضة ويعبُر باليقين ويمر بالفزع والغضب وينتهي بالتراجع واللامبالاة. ولكن ليس من صغائر الأمور أن تلقى قوة أجنبية شبكة مراقبة تقنية كثيفة على بلد بأكمله. وهنا لا تنفع التصريحات التي يصدقها السُّذَّج وطيّبو النية كتلك التي أطلقها نيد برايس، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، حين قال: "ما كان للمراقبة في الخارج أن يكون لها أساس من وجود، لو لم توجد مصالح متعلقة بها تخص الأمن القومي"، فهذه المصالح الأمنية القومية يتم تفسيرها بشكل واسع النطاق للغاية، كما أنها ومنذ وقت طويل لا تخدم"الحرب على الإرهاب" فقط، والتي يتم استحضارها كثيرا. ويَظهر هذا بوضوح شديد بالعودة والنظر إلى المدى الزمني للتنصت، ففي يونيو عام 2001، أي قبل ثلاثة أشهر من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، نشر البرلمان الأوربي تقريرا عن برنامج التنصت الأمريكي المسمى إيكيلون، والاستنتاج الذي كان في ذلك الحين، وما زال حتى اليوم قائما، هو أن: الولاياتالمتحدةالأمريكية تستخدم مهاراتها التجسسية في خدمة مصالحها الاقتصادية. وتضمن التقرير أمثلة ملموسة عن التجسس في المجال الصناعي، وذكر أن حكومة الولاياتالمتحدة ومنذ عام 1990 "تساوي على نحو متزايد بين الأمن الاقتصادي والأمن القومي". هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل