«ويحك يا رجل...وهل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون...ألم تستطيع طوال سنوات عمرك الطويلة اقتناص زيارة قصيرة لأمريكا لتدرك الفارق الهائل جداااااا بينها ومصر..يا رجل إنها مقارنة ظالمة..لأمريكا..أما مصر فحدث ولا حرج»..ما سبق لا يتعدى كونه النموذج المثالى والمراجعة النهائية للرد على مقال أستاذنا القدير فهمى هويدي، الذي منحنا بداية الأسبوع الجارى جرعة « فكاهة» –نادرا ما نجدها فى أيامنا الجارية- ، فالرجل بعد أن أعلن صراحة انه «قتيل هوى رئيس أهلى وعشيرتى» – الدكتور محمد مرسى – أبى يترك مسيرة العشق، تنتهى دون أن ويكللها بمقال لم تنقصه إلا عبارات من نوعية « احمدوا ربنا على النعمة الإلهية اللى انتوا فيها..وأمريكا زي مصر والدليل المحكمة الدستورية..ولكم فى أوباما أسوة حسنة يا معارضة». أستاذنا «هويدي» كتب فى الزميلة «الشروق» صباح السبت الماضى تحت عنوان « الدستورية والرئيس»، مؤكدا أن ما تشهده الساحة السياسية والتشريعية فى مصر أمر عادى، ليس هذا فحسب ، لكنه أمر يحدث فى اكثر الدول ديمقراطية، ومع رجال يشهد التاريخ بحكمهم الرزين والنزيه، حيث قال: وقف الرئيس يلقى خطبته فى حفل توليه منصبه، فى حين ظهر خلفه أعضاء المحكمة الدستورية بكامل عددهم. وفى الخطبة قال إنه لن يسمح لمجموعة من الأشخاص يخضعون فى قضائهم لمجموعات الضغط السياسى بأن يسهموا فى إفشال برنامجه الإصلاحى. وحين أطلق هذه العبارة اتجهت كاميرات التليفزيون صوب القضاة الذين ظهرت على وجوههم علامات الامتعاض والضيق. وقبل ان تتسرع عزيزى القارئ وتصرخ «ويحك يا رجل ..هل يحدث هذا فى مصر» سارع «هويدى» – مع حفظ الفارق فى السن- ليؤكد لنا أن المشهد – سابق الذكر – لا يتعدي كونه لحظة عابرة فى خطاب الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» أمام قضاة المحكمة الدستورية. استاذنا الكبير انبرى طوال المقال فى الحديث عن إمكانية حدوث خلاف دستورى ما بين الرئيس وقضاة المحكمة الدستورية، مقدما الحجة تلو الأخرى ، مستندا لدراسة أعدها أحد المتخصصين فى هذا الشأن. ولأنه كما يقولون:«إذا عرف السبب بطل العجب» فقد جاءت الفقرة الأخيرة من المقال ذاته لتؤكد أن «هويدى» كان يكتب ويسرد ويرفق لمآرب أخرى ، وتحديدا تقوية موقف الدكتور محمد مرسى أمام المحكمة الدستورية، ومن قبلها قوى المعارضة التى رفضت ممارسات الرئيس وجماعته ضد المحكمة وقضاتها حيث قال : إذا كان ذلك يحدث فى «أحسن العائلات» فلماذا نعتبرها كارثة سياسية عندنا؟ ومن جانبنا لا يسعنا التعليق سوى على أمرين أولهما أن التاريخ – على حد علمنا لم يؤكد لنا يوماً ان أمريكا من "أحسن العائلات"، كما أن صديقنا "هويدى" لم يذكر لنا وقائع من نوعية حصار مقر المحكمة الدستورية فى أمريكا، ونصب الخيام حولها، ولم يؤكد لنا أن الرئيس الأمريكى وجماعته قاموا بتعديل الدستور من أجل الإطاحة بقاضية أغضبتهم قليلاً.