من يزعمون أنهم أهل فضل وعلم ودين وأصحاب منهج ورؤية,ثم يسرقون ,فهم يخدعون أنفسهم ,وهذا ما فعله أنصار حازم ابو اسماعيل في مدينة الإنتاج الإعلامي,فقد سرقوا عجلا من الحي الريفي ,وذبحوه وأكلوه,ثم أحكموا الحصار حول المدينة0 لماذا يهاجم «حازمون»مدينة الإنتاج الإعلامي,ومتظاهري ميدان التحرير,ومقر حزب وجريدة الوفد,ونادي القضاة؟ هذه الاسئلة وغيرها تستدعي البحث عن هويتهم. إنهم خليط غير متجانس من اشباه الاسلاميين, فهم غير محسوبين علي اي من فصائل الاسلام السياسي في مصر, وهم لم يظهروا إلا بعد الثورة, بعد ظهور حازم صلاح ابو اسماعيل كمرشح في الانتخابات الرئاسية, ورغم استبعاده من ماراثون السباق,إلا ان انصاره يتشبثون به ,وبظهورهم القوي علي الساحة بصفة دائمة 00فحازم سليل بيت اخواني , فوالده الشيخ صلاح ابو اسماعيل القطب الاخواني المعروف لم يكن ليغرد خارج سربها إلا لسبب مبهم ,اتضح فيما بعد ,وهو جمع هؤلاء الشتات في بوتقة ليسهل السيطرة عليهم ,واستخدامهم من قبل الإخوان. فالسلفيون الثوريون لم يكن لهم ذلك المسمي من قبل, إنما هم امتداد لتنظيم حزب الله الذي ظهر بالاسكندرية في ثمانينيات القرن الماضي , وتم سجن عناصره مع افراد من جماعة الجهاد الاسلامي في عام 1993 تحت مسمي تنظيم «طلائع الفتح», وخرجوا في اوائل الالفية, ولم يكن لهم تواجد يذكر منذ ذلك التاريخ إلا بظهورهم بعد ثورة يناير, لينضموا الي قافلة حازم صلاح ابو اسماعيل ,ويقوموا بإنتاج «حازمون» و«لازم حازم» مع اقرانهم طلاب الشريعة. وهؤلاء خليط غير متجانس علي الاطلاق ,اذ يجمعون بين افكار» الشوقيون «في الاستحلال والتكفير, واعلان الجهاد باعتباره الغاية لإقامة الدولة الاسلامية, و«التكفير والهجرة» ,اذ يكفرون الجيش والشرطة والعاملين في اجهزة الدولة , ويكفرون كل من لا يتبع نهجهم من الاسلاميين الآخرين,بزعم ان عقيدتهم مختلة, فابو الفتوح لديهم كافر هو وحزبه ,والاخوان بعقيدتهم كافرون, و مرسي معتل العقيدة و كافر, وهم لا يحكمون لاحد بالاسلام إلا لمن تبع نهجهم الفكري, ويقدمون انفسهم كصورة محسنة من فكر جماعة «الناجون من النار» و«التوقف والتبيين»0 ووجد «حازمون» في خروجهم للشارع واحتكاكهم بالناس ضالتهم في مجال «الشريعة» ,خصوصا بعد ان وعوا الدرس جيدا في استغلالهم للحشد لابو اسماعيل حتي لا تظهر قيادة سلفية اخري يدعو لها السلفيون ويحشدون لها ,وتكون رقما صعبا في معركة الاخوان للوصول لقصر الاتحادية,بعد تلقيهم اموالا,وفتح الفضائيات شاشاتها لهم , بالإضافة الي استخدامهم كأداة مثلي للتنديد بالعسكر, والإسراع في طي الفترة الانتقالية, ليأتي حكم الاخوان باسرع مما كان مرسوما له . وفي زيارتي لمسجد اسد بن الفرات للاستماع لدرس الاربعاء الذي كان يلقيه «الاسد حازم»- كما يحلو لهم ان ينادوه به - حاولت جاهدا التواصل معهم فكريا, وان افهم من هم ,ووجدت نفسي محاطا من «طلاب الشريعة التكفيريين»، وباقي افراد حركة «حازمون»، وعلي الجانب الآخر من المسجد تجد «السلفيون الثوريون»، حاولت التحدث اليهم لافهمهم, فسألت احد الشباب عن حركة «حازمون» فرفض ان يجيبني لأنه رأي أنني حليق اللحية,وبعد إلحاح قال :انتمي لحركة «طلاب الشريعة»، ونحن هنا من أجل الشريعة وتطبيقها، وسنطبقها ونبطل التآمر عليها من قبل الليبراليين، وكذلك الإخوان المسلمين». فسألته : اتفهم ان الليبراليين بحكم انتمائهم وفكرهم لا يرغبون في الشريعة, فهل جماعة الاخوان المسلمين يرفضون الشريعة؟ فقال: إنهم متآمرون علي الشريعة وعلي الاسلام، ويرفضون تطبيق شرع الله، ويريدون تطبيق شرعهم,حتي ان مرسي وأبو الفتوح.. كلهم خونة وباعوا الإسلام.. ألا تستمع لحواراتهم واعترافهم بوجود إسرائيل؟ واكتشفت ان معظم المنتمين ل«حازمون» هم مزيج من تنظيم طلاب الشريعة والسلفيين الثوريين وتنظيم الوعد وحركة الانصار,وقد تم سجنهم في سجون مبارك واعتقال معظمهم خلال فترة تولي حبيب العادلى وزارة الداخلية, وتم الافراج عنهم بعد الثورة. لذلك لم أندهش كثيرا عندما علمت باعتصامهم امام مدينة الانتاج الاعلامي، وذبحهم العجل فخراً وتيهاً معلنين الجهاد ضد الاعلاميين الكفرة الملاحدة الذين وجب قتلهم، واستباحة دمائهم ,كما قال حازم في خطابه بالمسجد,وأضاف ان شر البلاء يأتي من هؤلاء لذلك وجب الجهاد ضدهم . وتأكدت أن العنف قادم بعد سماعي الدرس ، وذلك عندما رأيت استدعاء ماضي الجماعة الاسلامية وجماعة الجهاد قد بدأ، فنفس المشهد تقريباً يتكرر، حيث المئات من أتباع أبو إسماعيل يسيرون صفوفاً وهم يهتفون، كأنهم ذاهبون الي واحدة من الغزوات بين الكفار والمسلمين، ففي خطاب حازم الذي اعتمد فيه على التركيز علي اخطاء بعض الحركات الإسلامية، وتبيان ما فيها من ضلال بحجة ضلال المنهج , لم ادر بنفسي إلا بعد ان سمعت كلماته لهم ,شاحذا هممهم قائلا : «أنتم الذين ستفكون أسر مصر.. أما هؤلاء الذين رضوا واستكانوا - يقصد باقي الحركات الإسلامية التي تراجعت عن نصرته - فلا تتباكوا عليهم.. إننا في رباط، والرباط بدأ من الآن!».