يالها من مفارقة عجيبة لدينا الآن مهندس لمشروع النهضة الذى بشرنا به الإخوان منذ شهور طويلة، ولكن ليس لدينا مشروع للنهضة!.. فقد اعترف مهندس المشروع، كما أسماه إخوانه، بأنه لا يوجد مشروع ولا يحزنون، وكل ما لديهم مجرد اقتراحات لا ترقى لأن تكون مشروعا، أو طبقا لنص كلامه «مجرد مقترح لا تملك جماعة الإخوان تصورا نهائياً له»! لقد فسر البعض هذا الاعتراف المفاجئ والمثير للمهندس خيرت الشاطر بوجود خلاف بدأ ينشب حثيثا بين عدد من قادة جماعة الإخوان، وعلى رأسهم خيرت الشاطر ومؤسسة الرئاسة وتحديدا الرئيس مرسي.. فهم رأوا أن إعلان الشاطر عدم وجود مشروع كامل للنهضة إنما يلقى بظلال من الشكوك حول مصداقية الوعود التى أطلقها رئيس الجمهورية إبان حملته الانتخابية، والتى خاضها تحت راية هذا المشروع.. وبالطبع يصعب تصور ذلك فى تقديرهم إلا فى ظل علاقات ليست على ما يرام، بين رئيس الجمهورية المنتخب ومن كان يطمع قبله فى هذا المنصب حتى ولو كان يجمعهما الانتماء لجماعة واحدة! وربما أصاب أصحاب هذا التفسير أو أخطأوا لأنه فى الوقت الذى يمكن رصد شواهد تدل على عدم صفو العلاقة بين د.مرسى -بعد أن أصبح رئيسا- والمهندس الشاطر الذى ضاعت منه الرئاسة، فإننا يمكن أن نرصد أيضاً شواهد أخرى مختلفة تدل على متانة هذه العلاقة.. ففى الوقت الذى انتقد فيه المهندس الشاطر إصرار حكومة د.مرسى على إقامة مباراة السوبر بين الأهلى وإنبي، فإن بينها التنسيق بين الرجلين لا يتوقف وآخر مظاهره تولى الشاطر ملف العلاقات المصرية مع حماس وموضوع إقامة المنطقة الحرة مع غزة، وجاء فى هذا السياق اجتماعه مع عدد من شيوخ قبائل سيناء. لذلك.. دعنا من هذا التفسير الذى يحتمل الصواب والخطأ معا، وأن كانت التجارب التاريخية لا تستبعده لأن التنافس الشخصى والغيرة الشخصية كان لها دور فى أحداث سياسية عديدة. ولنهتم أساسا بالمعنى المباشر لاعتراف مهندس مشروع النهضة حول عدم وجود مشروع للنهضة، وتأكيده أن الموجود لدى الجماعة مجرد اقتراحات غير متكاملة لا ترقى لمستوى مشروع. إنه اعتراف فى الغالب وجدوا أنفسهم مضطرين له الآن بعد أن وصل الإخوان إلى السلطة، حتى لا يساءلهم أحد عن هذا المشروع الذى روجوا له مبكرا فى الانتخابات البرلمانية أولا وبعدها فى الانتخابات الرئاسية ومنحوا الرجل الأقوى فى جماعتهم لقب مهندس النهضة! تلك هى الحقيقة الأهم التى يجب أن نتوقف عندها، وهى أن من آل إليهم حكم بلادنا ليس لديهم مشروع للنهوض بها وحل مشاكلها العديدة اجتماعيا.. أى أن إدارة أمور بلادنا سوف تسير على هذا النحو بشكل عشوائى وغير مخطط أو فى أحسن الأحوال طبقا لسياسة التجربة والخطأ.. ولا يبدو أن حكامنا الجدد عازمون على سد هذا النقص المعيب لديهم بصياغة تصور كامل ومتكامل لأفكار النهضة التى فى حواراتهم.. بل إنهم رموا المسئولية فى حجر الناس عندما خرج المهندس الشاطر علينا ليقول إن نجاح مشروع النهضة مرهون بوعى الشعب.. أى إذا أخفق حكامنا الجدد سيقولون لنا أنتم سبب هذا الإخفاق لأنكم ناقصو الوعى بالنهضة ومتطلباتها. وهكذا أصبح قدرنا أن نتهم دائما من حكامنا ..مرة بأننا غير مؤهلين للديمقراطية ومرة أخرى بأننا غير مؤهلين للنهضة .