خلال مشاركته في القمة الأفريقية الخامسة والعشرين، المنعقدة في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، ألقى المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، كلمة في جلسة نقاشية حول البند الخاص ب"إطلاق عام 2015 عامًا لتمكين المرأة والنهوض بها في سبيل إنجاز أجندة 2063". وقال رئيس الوزراء في مستهل كلمته: "أود بداية أن أنقل إليكم تحيات الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، الذي لم يتمكن من المشاركة في أعمال القمة، في ضوء ارتباطات مفاجئة، كما أود أن أعبر عن سعادتي البالغة بمشاركتي في هذه الجلسة النقاشية المهمة، وأن أشيد باختيار "تمكين المرأة والنهوض بها"، محورا لقمتي العام الجاري، والربط بينه وإنجاز برنامج الاتحاد الطموح لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية "أجندة 2063"، إذ أن إنجاز الأهداف الطموحة وبلوغ الغايات التي يتضمنها هذا البرنامج لن يتأتى إلا بتمكين المرأة التي تمثل نصف المجتمع، وصياغة وتنفيذ ما يلزم من سياسات وبرامج لضمان تمتعها بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، والقضاء على جميع أشكال العنف والتمييز ضدها. وأضاف: "اسمحوا لي أن أتوجه من هذا المنبر بالتحية إلى المرأة الأفريقية التي اضطلعت بدور محوري في حركة النضال للتحرر من نير الاستعمار وأنظمة الفصل العنصري، وما تلاها من جهود حثيثة لبناء الديمقراطية وإرساء دعائم السلم والأمن وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما أتوجه بتحية إعزاز وتقدير خاصة إلى المرأة المصرية صاحبة التاريخ البطولي الحافل التي كانت حجر الزاوية في ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، كما أشيد بدورها الفعال في تنفيذ استحقاقات خارطة الطريق سواء في الاستفتاء على الدستور أو الانتخابات الرئاسية، وإني على ثقة من أنها كما العهد بها ستواصل دورها الوطني خلال الانتخابات البرلمانية القادمة سواء بالمشاركة النشطة في التصويت واختيار من يمثلونها، أو بالترشح في مجلس النواب الجديد. وتابع محلب: "حرصت الحكومة المصرية على إيلاء محور تمكين المرأة أولوية متقدمة على أجندة العمل الوطني، إيمانًا منها بأن التنمية الشاملة لا يمكن أن تتحقق دون مشاركة إيجابية فاعلة من المرأة، وأن قضية المرأة هي قضية مجتمع وليست قضية فئة أو شريحة معينة، ونشدد في هذا الصدد على أهمية تبني استراتيجية شاملة ترتكز على الارتقاء بأوضاع المرأة في مختلف المجالات، لتمكينها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الرعاية الصحية المتكاملة لها، ومن ثم فمن المهم تكثيف الاهتمام بإيجاد آليات لتوفير التمويل اللازم لتشجيع أعداد أكبر من النساء على البدء في إقامة مشروعات متوسطة وصغيرة ومتناهية الصغر، والعمل على إتاحة التدريب اللازم لتمكينهن من القيام بذلك، وإيلاء مزيد من الاهتمام بالمرأة "الريفية" أخذًا في الاعتبار أن قطاع الزراعة يعتبر القطاع الاقتصادي الأول في معظم دولنا. واستطرد: لقد شهدت الجهود الرامية إلى تعزيز وضع المرأة المصرية تطورًا ملحوظًا بإقرار الدستور المصري الجديد عام 2014، والذي تضمَن أكثر من 20 مادة تتصل بشكل مباشر أو غير مباشر بالمرأة المصرية، أكسبتها حقوقًا مهمة غير مسبوقة واستجابت إلى تطلعاتها واحتياجاتها، بهدف تمكينها وتعزيز مكانتها ودورها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ نص الدستور على التزام الدولة بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل في التمتع بكل الحقوق، واتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا في المجالس النيابية، فضلًا عن ضمان حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز، وتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والمعاقة والنساء الأشد احتياجًا، كما شدد على حقها في التمتع بحياة خالية من جميع أشكال العنف والتمييز.. وفي هذا الإطار، سيعمل مجلس النواب فور انتخابه على ترجمة ما تقدم إلى قوانين ومراجعة العديد من التشريعات القائمة لضمان المساواة بين الجنسين وعدم التمييز، وذلك التزامًا بمواد الدستور ذات الصلة، كما ستعكف الحكومة على صياغة الخطط والبرامج اللازمة لوضع هذه القوانين موضع التنفيذ. وأكمل محلب: في السياق ذاته، يسعى المجلس القومي للمرأة، باعتباره الآلية الوطنية المعنية بالنهوض بالمرأة، إلى تبني مقاربة شاملة لتمكين المرأة، تضمن تحقيق النمو الاقتصادي والحد من الفقر والتشغيل الكامل واللائق، وتعزيز مبدأ المساواة بين الجنسين وتفعيله، وإدماج منظور النوع في سياسات وبرامج الدولة، بهدف الاستفادة الكاملة من الطاقات والكفاءات البشرية المتاحة، وهو ما ينسجم مع أهداف استراتيجيتنا القارية لتحقيق التنمية الشاملة "أجندة 2063". وأضاف: تواجه المرأة الأفريقية تحديات جسيمة، في مقدمتها ارتفاع نسبة الأمية، وانخفاض مستوى التعليم، وعدم تمثيلها في المناصب الرسمية خصوصًا العليا منها بالنسبة الكافية، وهو ما يملي على دولنا تكثيف الجهود للتعامل مع هذه التحديات. ومن ناحية أخرى، لا تزال قارتنا تعاني من تدهور أوضاع السلم والأمن في مناطق عديدة منها، فضلًا عن نشوء أنماط جديدة من التهديدات الأمنية غير التقليدية مثل الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار في البشر، وقد كانت المرأة من أكثر الفئات تضررًا من هذه التهديدات، خصوصًا فيما يتعلق بوقوعها ضحية للعنف الجنسي في مناطق النزاعات المسلحة، وتلك التي تنشط بها الجماعات الإرهابية، وكذا من قبل شبكات الاتجار في البشر. ومن هنا، أود التأكيد على أهمية أن تتضمن المقاربات المعنية بالتعامل مع هذه التحديات مراعاة للطبيعة الخاصة للمشكلات التي تواجهها المرأة التي تجد نفسها في كثير من الأحيان ضحية للتمييز على أساس النوع، وأن تشتمل على حلول فعالة لها. وقال: وإذ نحتفل هذا العام بمرور عشرين عامًا على تبني خطة عمل بكين، وخمسة أعوام على إطلاق مبادرة عقد المرأة الأفريقية، يتعين تقييم ما تم صياغته وتنفيذه من برامج وخطط في إطار هذين المسارين وغيرهما من المسارات والآليات، وبحث ما تحقق من إنجازات على الأرض، وذلك للبناء على الدروس المستفادة من تطبيق هذه المبادرات الطموحة لضمان أن تحقق صياغة وتنفيذ "أجندة 2063" ما نصبو إليه من تمكين حقيقي للمرأة الأفريقية، وتحسين أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية. وأردف رئيس الحكومة: إذ أتشرف بتمثيلي لإقليم شمال أفريقيا في هذه الجلسة النقاشية المهمة، أود أن أشيد بالتحسن الملحوظ في مكانة المرأة في هذا الإقليم في السنوات الأخيرة، والتي شهدت تفعيلًا للدور السياسي للمرأة بعد كفاحها الطويل من أجل الحصول على حقوقها الأساسية وتعزيز دورها المجتمعي، حيث كانت المرأة في مصر وتونس وليبيا في طليعة الصفوف المطالبة بالحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية في ثوراتها، وكانت كذلك الدعامة الرئيسية في تنفيذ الاستحقاقات الديموقراطية بدول المنطقة، حيث قدمت بذلك تجربة ثرية ملهمة لغيرهن. هذا، كما نجحت دول الإقليم في تحقيق تطور ملموس على صعيد تمتع المرأة بحقوقها السياسية حيث ارتفعت نسبة تمثيل المرأة في المجالس النيابية بشكل ملموس خصوصًا في الجزائر وتونس وموريتانيا، كما تحسنت مؤشرات صحة المرأة، وارتقت المستويات التعليمية والأكاديمية للسيدات في دول المنطقة، وتم تكثيف جهود التصدي للعنف والتمييز، تعزيزًا لأوضاع المرأة وتمكينًا لها من التمتع بالمكانة التي تستحقها في المجتمع. وفي ختام كلمته أكد رئيس الوزراء على مساندة مصر لكل المبادرات الرامية لتمكين المرأة الأفريقية، والارتقاء بأوضاعها، والحفاظ على ما اكتسبته من حقوق، وضمان حياة كريمة لها، انطلاقًا من دورها المؤثر في تحقيق التنمية السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية الشاملة.