القضاة فى انتظار "المذبحة".. خفض سن المعاش يطيح ب 2500 قاض و"التفتيش" سلاح "مكى" لأخونة النادى.. القضاة: هدفهم ذبح المعارضين.. والوزارة: مجرد شائعات

رجال العدالة الناجزة يواجهون ظلما بينً.. تحول القضاة فى مصر إلى متهمين بذنب ربما لم يقترفوه.. وهم الآن فى انتظار مذبحة تاريخية لا حديث داخل الوسط القضائى سوى عن تفاصيلها وآلياتها.. والمؤكد بالنسبة لهم أن كل من يقف ضد مشروع "أخونة القضاء" والسيطرة عليه سوف يقدم ذبيحة لمحرقة "فضيلة المرشد".
كشف مصدر مطلع ل"فيتو"، أن تفاصيل خطة الإخوان المسلمين تكمن فى تعديل سن المعاش للقضاة إلى 55 عاما، بحجة ضخ دماء جديدة فى القضاء بداعى أن سن المعاش يجب أن يكون غير مميز عن فئات العاملين بالدولة، ما سينتج عنه خروج أكثر من ثلاثة آلاف من القضاة المحنكين قانونيا وأغلبهم من المعارضين للنظام الحالى وغير راضين عن أخونة الهيئات القضائية، وسيبقى بعد خروج هؤلاء عدد بسيط دون سن المعاش داخل الهيئات القضائية، وهؤلاء سيتم تصفيتهم من خلال بند عدم الصلاحية فى قانون "التفتيش القضائى"، خاصة أن مساعد وزير العدل للتفتيش القضائى تم تعيينه مؤخرا من قبل الوزير لهذا الغرض، وبذلك يكون قد تم التخلص من كل المعارضين لسلطة المرشد داخل الهيئات القضائية.
"خفض سن القضاة ضرورة لإصلاح القضاء فى مصر".. "المؤسسة القضائية فى حاجة إلى التطوير والتحديث"، هكذا ستكون مبررات أولى الضربات الإخوانية للقضاء الشامخ، ويؤكد مصدرنا الذى رفض ذكر اسمه أن شيوخ القضاة أنهكوا من العمل الشاق، وبالتالى قدرتهم على تواصل العمل يقل بحكم السن، لافتا إلى أن العدد الكبير من شباب القضاة كافٍ لجميع القضايا المطروحة، وأن النزول بسن القضاة أمر طبيعى لا يغضب أحدا، لإتاحة الفرصة لصغار القضاة الأكثر قدرة على التطوير والتحديث.
وصرح المصدر بأنه لتدارك الآثار السلبية لقرار تعديل سن المعاش ولعدم حدوث خلل بالمحاكم فتح وزير العدل منذ أيام باب التظلمات لخريجى كليات الحقوق وجميع من سبق له التقديم للهيئات القضائية منذ عام 2002 وحتى عام 2008 أى الذين هم حاليا يشغلون مكانة محامى استئناف، وذلك بالتقدم بتظلمات القضاة بوزارة العدل وذلك بمبنى دار القضاء العالى، وذلك دون إعلان رسمى من وزارة العدل بالجرائد الرسمية بل فتح باب التظلمات دون إعلانها للرأى العام وبعلم جماعة الإخوان التى سربت الخبر إلى سائر أعضائها بالجمهورية للإسراع بالتقدم إلى لجنة تظلمات القضاة حتى يتم اختيارهم ثم إعدادهم لدورة تدريبية سته أشهر يتم تخريجهم بعدها قضاة ليحلوا مكان من سيتم إحالتهم إلى التقاعد بعد تعديل سن المعاش.
أشار المصدر القضائى إلى أن القضاة سيكون لهم موقف صارم فى حالة خفض سن التقاعد، مشددا على إصرارهم على استمرار سن التقاعد عند ال70 عاما، ومطالبا فى الوقت ذاته بضرورة وضع سن التقاعد فى الدستور عند ال70 حفاظا على الخبرات المتراكمة للقضاة ولحل مشكلة بطء التقاضى.
من جانبه أكد المستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس نادى القضاة السابق أن اتجاه وزارة العدل للتخلص من المعارضين للإخوان عن طريق النزول بسن المعاش بداعى تجديد دماء القضاة أمر غير مقبول، فهو يعنى خروج ما يقرب من 3000 قاض من أصحاب الخبرة للمعاش، وهذا يترتب عليه إعاقة العمل القضائى خاصة أن النزول بالسن ل 10سنوات يعنى عرقلة الجهاز ووقف العمل، فخروج 50 قاضيا سنويا يعنى خروج 500 قاض للمعاش وهذا كفيل بوقف العمل.
أضاف عبدالعزيز أن هناك خطرا آخر يهدد العدالة فى مصر، وهو أن العجز فى كبار القضاة وأصحاب الخبرة سيكون كبيرا خاصة أن فتح الباب للذين سبق لهم تقديم طلب للالتحاق بالهيئات القضائية من صغار السن لا تتوفر فيهم الخبرة الكافية بأمور العمل القضائى قائلا: "القضاة لا يقبلون التدخل فى أمر العدالة وإن كنا نريد استقلال القضاء فعلينا نقل تبعية التفتيش القضائى للمجلس الأعلى بعيدا عن سلطة وزارة العدل، ولابد من إضافة أعضاء منتخبين وبالتالى لا يمكن السيطرة على القضاء أو التدخل فيه".
وأشار عبدالعزيز إلى أن استقلال القضاء يقوم على استقلال مالى وآخر إدارى والمقصود به التفتيش القضائى، وبالتالى فإن إصرار وزير العدل على بقاء هذا الحق فى حوزة الوزارة يعنى أن الوزارة التابعة للسلطة التنفيذية تمارس التسلط على السلطة القضائية بدلا من تنفيذ مطالب القضاة بإضافة أربعة أعضاء جدد للمجلس الأعلى للقضاء بالانتخاب.
فى حين أكد المستشار محمد حامد الجمل، رئيس هيئة قضايا الدولة أن محاولات وزير العدل لأخونة القضاء المصرى والتخلص من القضاة الذين يعارضون الإخوان أمر ليس بجديد، فخلال العامين الماضيين عرف الجميع أن ثورة 25 يناير لم يكن لها قيادة أو تنظيم وإنما استولى عليها الإخوان والسلفيون ويحاولون السير على سياسة التمكين من خلال الهيمنة على مفاصل الدولة بدليل الحملات الضارية ضد الهيئات القضائية منذ صدور قرار المحكمة الدستورية ببطلان انتخابات مجلس الشعب السابق ثم أعقبها هجوم ضارى على القضاء الإدارى ومجلس الدولة وصدرت إعلانات دستورية باطلة لتحصين قرارات مرسى، وهذه الحملة مازالت مستمرة لذلك، فيما تسعى وزارة العدل بقيادة "مكى" لذبح معارضى النظام مثلما تحايل الإخوان لإقالة النائب العام.
حذر الجمل من أن محاولات استغلال التفتيش القضائى وفتح الباب للراغبين فى الالتحاق بالعمل القضائى، كوسيلة للتخلص مما يقرب من 2500 قاض سيؤدى للاحتقان فى صفوف القضاة وازدياد الصدام بين السلطتين القضائية والتنفيذية خاصة ونحن أمام دولة لا تلتزم بالقانون.
واستبعد المستشار محمد الدكرورى، رئيس محكمة الاستئناف ما تردد عن وجود مخطط للتخلص من القضاة المعارضين للإخوان المسلمين، لأنه من غير المعقول الإقدام على هذه الخطوة التى ربما ينتج عنها اهتزار أداء العمل للقضاة، وشدد على أهمية الاستفادة بالقضاة الكبار نظرا للخبرات التى اكتسبوها عبر سنوات طويلة، مضيفا أن الرغبة فى تجديد دماء القضاة أمر جيد لكن ليس بمذبحة الكبار، لأنهم وحدهم القادرون على تأهيل شباب القضاة ولعدم حدوث خلل بالمحاكم التى سيترتب عليها بطء التقاضى.
ونفى المستشار زغلول البلشى، مساعد وزير العدل للتفتيش القضائى، ما تردد عن أن وزارة العدل تخطط للتخلص من عدد كبير من القضاة المعارضين للإخوان عن طريق النزول بسن المعاش خمس أو عشر سنوات، وفتح باب التظلمات للذين يرغبون فى الالتحاق بالهيئات القضائية، موضحا أن تحديد سن المعاش للقضاة يخضع لقانون السلطة القضائية، ولا يستطيع "مكى" أو غيره الإقدام على هذه الخطوة لوجود ضوابط حددها القانون بأن سن تقاعد القاضى هو 70 سنة.