أمريكا مشغولة الآن بالانتخابات الرئاسية، فلم يتبق سوي نحو ستة اسابيع علي موعد اجراء هذه الانتخابات.. هكذا وجدتها عندما ذهبت اليها قاصدا أكثر من مدينة بدأتها بنيويورك.. لذلك الحملات الانتخابية تتسم الآن بالسخونة الشديدة، يسعي فيها كل من أوباما ورومني الى النيل من خصمه وتشويه صورته لدي الناخبين لحثهم علي عدم التصويت له. وبعد أن هدأت معركة الهجوم علي السفارات الأمريكية التي دارت بين المرشحين نشبت معركة آخري بينهما حول احترام الناخبين! معركة الهجوم علي السفارات بدأها رومني لاظهار منافسه أوباما في صورة الرئيس الذي ألحق الأذي والضرر بمصالح بلاده في منطقة مهمة من العالم هي منطقة الشرق الأوسط، حينما انتهج سياسات افقدت الولاياتالمتحدة حلفاءها خاصة في دول الربيع العربي وجعلت أعداءها لا يهابونها كما قالت ليز تشيني ابنة نائب الرئيس بوش.. لكن أوباما عندما كشر عن أنيابه لعدد من الدول العربية كان من بينها مصر نجح في تجاوز الفخ الذي نصبه له رومني. أما المعركة الجديدة الخاصة باحترام الناخبين فقد خسرها رومني منذ البداية، وكل ما يفعله الآن هو محاولة حصر وتقليل هذه الخسائر وقد بدأت هذه المعركة التي شدت انتباه قطاع ليس صغيرا من الناخبين الأمريكيين عندما تم تسريب فيديو يتحدث فيه المرشح الجمهوري بغير احترام عن نسبة 74٪ من الناخبين أيدوا انتخاب منافسه أوباما في واحد من استطلاعات الرأي الأخيرة والتي أظهرت تقدم الرئيس الأمريكي. ففي هذا الفيديو الذي لم يتمكن رومني من تكذيبه سخر المرشح الجمهوري من هؤلاء الناخبين واتهمهم بأنهم منحوا تأييدهم لمنافسه لأنهم يريدون أن يستمروا عالة علي الحكومة، فهم لا يدفعون ضرائب دخل ولا يعملون ويعتمدون علي الاعانات في حياتهم وعلاجهم! وهكذا لم يكتب رومني فقط باعلان انحيازه مثل بقية كل الجمهوريين للاغنياء والمجاهرة بالسعي لخدمتهم بتخفيض الضرائب التي يدفعونها.. لكنه في ذات الوقت ضبط متلبسا بمعاداة الطبقة المتوسطة في أمريكا والهجوم عليها والسخرية. لذلك انتهز أوباما تلك الفرصة الذهبية لكي يجهز علي منافسه الجمهوري بلكمة قوية.. وتحقق له بعض ما اراد لانه وضع رومني في موقع الدفاع عن النفس حاليا مما اكسبه حذرا اضافياً من تعاطف الناخبين اظهرته آخر استطلاعات للرأي رصدت تقدمه عن رومني بفارق يصل الي خمس نقاط.. غير ان المعركة الانتخابية لم تنته بعد والايام القادمة قد تحمل معها مفاجآت جديدة لأن ايا من المتنافسين لم يسجل حتي الآن تفوقا كاسحاً. عموما ما يجب ان يلفت انتباهنا من هذه المعركة هو أن من ينحاز للاغنياء لا يحترك غيرهم من الفقراء وابناء الطبقة المتوسطة بل ويحتقرهم، حتي وان حاول ان يظهر عكس ما يبطن او يدعي انه محب للفقراء والغلابة.. ولو طبقنا ذلك علي بلادنا سوف نعرف هؤلاء الاغنياء الذين يكذبون علينا ويخدعوننا.. انهم فقط كانوا يتاجرون بهموم الغلابة للوصول الي السلطة مستغلين معاناتهم الاقتصادية.. وبالطبع يهمهم استقرار هذه المعاناة حتي يستمروا في الحصول علي اصواتهم والبقاء في السلطة.. أي لاتنتظروا منهم خيراً.