شهدت الانتخابات الرئاسية الأخيرة حضورا واسعا لأقلام (الحبر السحري) الذي ما يلبث أن يتطاير ويختفي أثره بعد سويعات من التصويت به لغير صالح مرشح الجماعة الوحيدة التي والتي.. والتي قدمت للعالم أول رئيس يقوم بضبط (السوستة)، وما وراء السوستة على مرأى ومسمع من أجهزة الإعلام؛ ليثبت للدنيا بأسرها أن الطبع غلاب!. في الوقت نفسه كانت مصر تشهد تطاير وتبخر أوهام أحد أهم أحزاب الحبر السحري التي جرى تجميعها على عجل ومنحت موافقة (لجنة أحزاب خليفة صفوت) في ثوان معدودات، وأغلبهم إن لم يكن كلهم (جُفَاةٌ طَغَامٌ، عَبِيدٌ أَقْزَامٌ جُمِعُوا مِنْ كُلِّ أَوْبٍ وَتُلُقِّطُوا مِنْ كُلِّ شَوْبٍ مِمَّنْ يَنْبَغِي أَنْ يُفَقَّهَ وَيُؤَدَّبَ وَيُعَلَّمَ وَيُدَرَّبَ وَيُوَلَّى عَلَيْهِ وَيُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهِ). تبخرت أقلام الحبر السحري قبل أن ترفع ومحيت صحائفها قبل أن تجف، فمن العدم جاء ساسة الوهم، وإلى العدم يذهبون، ومن الشتات جاءوا، وإلى الشتات يذهبون. ليتهم حتى كتبوا بقلم الرصاص الذي يحتاج لشيء من الجهد لمحوه بأستيكة، لكنهم كتبوا بالحبر السحري الذي تطاير وتطاير معه كل شيء في لحظات. على الناحية الأخرى يبدو تجار القلم السحري مصممين على محو صحائف من لا يرضون عنه، ومن يرغبون في حرمانه من حق المشاركة والتصويت، وكأن الدنيا أضحت (مَعْقُولَةٌ عَلَيهم تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا وَتُورِدُهُمْ صَفْوَهَا وَلَا يُرْفَعُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَوْطُهَم وسَيْفُهَم وَكَذَبَ الظَّانُّ لِذَلِكَ بَلْ هِيَ مَجَّةٌ مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً ثُمَّ يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً). يروي ابن أبي الحديد أن (ابنا لعامر ابن عبد الله بن الزبير قال لولده: يا بني لا تذكر عليا إلا بخير، فإن بنى أمية لعنوه على منابرهم ثمانين سنة، فلم يزده الله بذلك إلا رفعة، إن الدنيا لم تبن شيئا قط إلا رجعت على ما بنت فهدمته، وإن الدين لم يبن شيئا قط وهدمه). ترى هل تفلح حملات الكذب والتسقيط وتشويه الحقائق، وتقديم المسروق في صورة سارق في تغيير الواقع ومحو الحقيقة؟!. يقول أحد الساسة الأتراك تعليقا على إحدي المحاكمات السياسية التي تجري في هذا البلد (النموذج): «في سيليفري (مكان المحاكمة) هناك قاضٍ، هناك مدعٍ، هناك محكمة، ولكن ليس هناك عدالة». ونحن نقول نفس الشيء ونزيد عليه (علهم يعقلون): كانت هناك محكمة وقاض ودفاع، ولم تكن هناك عدالة ولن ينفعكم ساسة الحبر السحري، ولا عملاء القلم السري (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا).