هل تراجعت قصص الحبِّ الرومانسى الجميل القائم على التضحية التى تنتهى بالزواج، بعد أن يعلن الجميع روايات الاستسلام لهذا الحبِّ والزواج؟ هل أصبح من النادر أنَّ العلاقة الزوجيَّة القائمة منذ البداية على أساس من الحبِّ حيَّة ومستمرة على مدى السنين، متحدِّية كل الضغوط التى تفرضها ظروف العصر الحالى بإيقاعه السريع اللاهث؟ توضح الكاتبة الصحفية الفرنسيَّة «ماريان ألبير»، فى دراسة حديثة لها أنَّ الزواج فى زماننا يقوم على معايير كثيرة، ليس الحبُّ من دعائمها فى كثير من الأحيان، وأصبح الزواج يعقد على نحو سريع لا تمهّل فيه ولا تؤدة، ولأمور نفعيَّة وفى ظروف طارئة أحياناً.. وتضيف «ماريان» أنَّ الكثيرين ممن يقبلون على الزواج يرددون مقولة «الحبُّ يأتى بعد الزواج»، على الرغم من أنَّ أمثلة عديدة لزيجات تعقد من حولهم فى انتظار أن يأتى الحبُّ بعد إتمام الزواج، وتكون النتيجة فى الغالب أنه يطول الانتظار ولا يأتى الحبُّ المنتظر، أو يأتى فى صورة غير حقيقيَّة تحمل فى داخلها مقولات مثل «الحب لا يقدم لنا الطعام والشراب والملبس».. وكثيراً ما تجد الأزواج والزوجات فى حالة تقبّل ورضوخ لمثل هذه الأقوال، وربما بالسخرية ممن يؤكدون أنَّ الحب نعمة كبرى تضىء ظلام الحياة وتحقق المستحيل. وتتساءل الكاتبة «ماريان ألبير»: هل تَراجع الحبُّ الذى يجعل الحياة الزوجيَّة مذاقاً جميلاً؟ هل أصبح النظر فى عين الحبيب ولمسات الأيدى الحانية فى جلسة رومانسيَّة يلوّنها ضوء القمر والنجوم فى السماء مشهداً يندر حدوثه، ليحل محله مشهد الصفقة التى تتم بين عائلتين؛ من أجل زواج مصلحة لكليهما.. وتشير «ماريان» إلى أنَّ التحول الكبير إلى الماديَّة فى عصرنا الحالى، وإلى إهدار قيم الحبِّ السامية، أدى إلى تزايد أعداد غير المتزوجين من الرجال والنساء بشكل مستمر فى معظم أنحاء العالم، وإلى تزايد النساء اللاتى يعشن حياتهنَّ بغير شريك، وكأن الزوج فى عصرنا الراهن أصبح لا ضرورة له. من الظواهر المؤسفة التى تكشف عنها الدراسة، وتستحق المزيد من الدراسات، ارتفاع سن الزواج، وزيادة حالات الانفصال بعد الزواج بشكل ينذر بالخطر؛ بحيث وصل المعدل فى بعض الدول الأوربيَّة إلى حالة انفصال من بين كل ثلاث حالات زواج. والسؤال الذى يتردد كثيراً فى الدِّراسات التى تتناول العلاقات الزوجيَّة: هل تزايد معدلات الطلاق وارتفاع سن الزواج وتزايد غير الراغبين بعلاقة الزواج، يرجع إلى أنَّ من يسعى إلى الزواج حالياً لا يضع الحبَّ فى المقام الأول من اهتماماته؟ لتحل محله أشياءً ماديَّة تغلب المصلحة والمنفعة؟ هل أصبح شعار «لا وقت للحبِّ» هو الرائج فى أوساط الأجيال الجديدة التى لا تريد أن تعرف المعانى الجميلة للحبِّ؟! نقلا عن مجلة "سيدتى "