جثمان الرئيس الراحل هوجو شافيز يحنط ثم يسجى فى المتحف العسكري، هكذا جاءت نهاية شافيز، اقتبس العالم فكرة التحنيط من الحضارة المصرية القديمة التى آمنت بفكرة الحياة بعد الموت. واقتبس قدماء المصريين الفكرة من مراقبة حركة نهر النيل الذى يفيض كل عام ويعيد الحياة للأرض الجافة مجدداً، ولاحظوا شروق الشمس فى الصباح ومغيبها كل مساء كأنها تموت وتعود للحياة مرة أخرى . بالإضافة إلى أن المصريين القدماء كانوا مولعين بحياة أسموها "حياة الجنة الأبدية "وأسمى ما يتوقون إليه هو العودة للعالم السفلى عالم أوسيريس إله الموت. بالإضافة إلى أنهم اقتنعوا بأن الإنسان مشكل من عدة عناصر كما كان هناك اتصال مباشر بين حماية هذه العناصر وهيكل الموت. هذه العناصر تتمثل فى الآتى هيكل الجسد هيت، بالإضافة إلى الروح التى تمثل بطائر له رأس الموت، إلى جانب "كا" مضاعفة إنها تشبه الموت، إلى جانب القلب إيب (أي-ب) وهو مصدر الخير والشر، أيضًا هناك الاسم (رن) اسم الموت، وهناك أيضًا الظل (شوت) وهو يرافق الجسد والروح، إلى جانب النفس أو الروح الحسنة وهى (أخ). ووفقاً للمعتقدات المصرية القديمة للفراعنة أن أهم عنصر هو الجسد والطريقة المثلى لحفظه هو القيام بتحنيطه. وكان الفراعنة يتبعون عدة طرق للدفن وذلك حسب منزلة الشخص ومستواه الاجتماعى، وفى البداية كان أمر التحنيط محصوراً على الفراعنة وموظفى الدولة الكبار، ولكن بعد ذلك انتشر التحنيط ليشمل الرعية . وكان المجتمع المصرى فى هذا التوقيت مقسمًا إلى أربع طبقات هى: طبقة الملك والملكة، طبقة النبلاء ومن هم فى المنزلة الملكية، طبقة الجنود(نفر) من الناس، طبقة الناس الفقراء . ولقد تناول القدماء المصريين عدة خطوات متبعة لحنيط جثمان الملك أو الملكة تتمثل فى الآتى، كان الفراعنة يبدءون بتفريغ الصدر من خلال جرح فى الخاصرة اليسرى يجرح بحجر صوان، ثم يتم غسل الأحشاء بخمر النخيل وبعد ذلك تحشى بشجر المر والبصل ومواد أخرى، وكانوا يستعملون النترون للتجفيف وكانت الأحشاء توضع فى أوعية خاصة عدد هذه الأوعية كان أربعة أوعية لحفظ الكبد والرئتين والمعدة والأمعاء، وبعد أن حفظت الأعضاء كانوا يلفون الجسم بلفافات كتانية التى كانت تحوى النترون الجاف لتسرع من تجفيف الجسم وكانت الأربطة الكتانية تجدد عدة مرات بعد أن يزال النترون عن الجسم، وكان الجسم يغطى بزيوت عطرية وخمر النخيل ثم بعد ذلك يعبأ بمادة صمغية وشجر المر والقرفة والزيوت العطرية والبصل ومواد أخرى، بالإضافة إلى تغطية المومياء بمادة صمغية ذائبة والمفتوح كان يخيط إلا القلب فكان يترك فى وضعه الطبيعي. الرأس كان يفرغ منها الأنف بواسطة خطاف من النحاس أو البرونز الذى كان يثقب قاعدة الجمجمة وكان يسهل نزول الدماغ بجرشه، أما الجمجمة كانت تفتح بشق من الرقبة . وكان الجسم يمدد على الطاولة الخاصة بالتحنيط كانت تصنع من الحجارة بشكل منحنى وكان الجسم كله يغطى بالنترون المراحل نفسها كانت تتم بالنسبة للرأس كانت تملأ أماكن العيون والآذان وثقوب الأنف باستعمال شمع النحل، وأحياناً كان يغطى سطح الجسم بطبقة من الذهب والأميوليت هو (أدجات) العين المقدسة . أما الجسم كان يضمد بعناية كل عضو على حدة كما الأصابع والأكف والأقدام والأرجل والأذرع توضع متقاطعة على الصدر، الجسم يغطى بضمادات طويلة من الكتان المغطسة بمادة صمغية تحمى الجسم من الصدمات ولا تسمح للبكتريا بالدخول للجسم، وكانت الأحشاء بعد ذلك تغطى بضمادات وتوضع فى أربعة أوعية، كل وعاء يحمى من قبل إله. أغطية الأوعية الأربعة تتخذ أشكال أبناء حورس الأربعة، الوعاء ذو رأس الإنسان يحمى الكبد، الوعاء ذو رأس البابون (نوع من السعادين) رأس (هابي) يحمى الرئتين، الوعاء ذو رأس ابن آوى رأس (دواموتيف) يحمى المعدة، أما الوعاء ذو رأس الصقر رأس (كيبهسنويف) يحمى الأمعاء للمحافظة على هيئة الميت، وكانوا يستعملون قناعاً يلصق يشبه وجه الشخص الميت، وبعد أن تجف كانوا يصنعون قناعاً فضياً أو ذهبياً يوضع مكان الرأس ليساعد الروح كى تتعرف على صاحبه وكان المصريون القدماء يحرصون على الحفاظ على أجسادهم بعد الموت لذلك بدءوا يضعون المومياوات فى توابيت. ومن أشهر الفراعنة المحنطين تحتمس الثانى، رمسيس الخامس، أمنحتب الأول، ميريت آمون، رمسيس الثانى . ولقد عرف المصريون القدماء صنعة التحنيط منذ عهد السلالة الأولى 3100ق .م وتطورت هذه الصنعة لديهم لتبلغ أوج كمالها ورقيها فى عهد السلالة الواحدة والعشرين عملية التحنيط بحد ذاتها كانت تجرى وفق طرق وأساليب مختلفة يلعب المقام والجاه والثراء دورًا كبيرًا فى تحديدها، ووفقًا لما قاله المؤرخ الإغريقى هيرودوت كانت هناك ثلاث طرق رئيسية للتحنيط، بسيطة ومتوسطة وموسرة، النوع الأول كان من نصيب الفقراء الذين كان تحنيطهم يقتصر على غسل الجثة وتجفيفها فى الملح، فيما حظى التجار وأرباب الحرف والموظفين الصغار بالنوع المتوسط، حيث كان زيت الصنوبر يستخدم لإذابة أحشاء الميت واستخراجها من دبره ثم تجفف الجثة وتلف بالكتان، أما النوع الأخير، أى الأكثر إتقانا وتفصيلًا، فكان من نصيب الأغنياء والنبلاء، ويجرى فيه إخراج جميع الأحشاء من الجسد بعناية . وعلى الرغم من قدم نشأة فكرة التحنيط إلا أنها استمرت خاصة مع القادة الشيوعيين، إبتداء من "لينين "عام 1924، والزعيم الفيتنامي" هو شى مين" الذى ظل جثمانه المحنّط يرقد للعيان لما يقرب من ثلاثة قرون، مثلما حدث مع الصينى "ماو تسى تونغ "وصولًا إلى الزعيم الكورى الشمالى كيم جونغ – إيل ومن المتوقع أن يلجأ الكوريون الشماليون إلى تحنيط كيم جونغ - إيل كما فعلوا مع أبيه سابقًا، وهناك أيضًا المفكر "جيريمى بينثام" (1748 - 1832) الذى صار أول شخص خارج دائرة السلطة السياسية ينال هذا الشرف حيث ظل جثمانه جالسًا على كرسى فى جامعة يونيفيرستى كوليدج لندن على مدى 150 سنة قبل أن يُزاح إلى خزانة خاصة غير مفتوحة للجمهور فى كلية الآثار بالجامعة، ولقد اتجه الأرجنتينيون فى الخمسينات عندما قرروا تخليد "إيفا بيرون" التى يدللونها باسم "إيفيتا". وتستمر رحلة تحنيط الزعماء إلى يومنا هذا بعد رحيل الرئيس الفنزويلى "هوغو تشافيز" حيث قال نائبه نيكولاس مادورو مضيفًا أنه سيجرى تحنيط جثمان تشافيز وإظهاره على الملأ فى المتحف العسكرى لمدة سبعة أيام على الأقل أسوة بلينين وماو تسى تونغ، زعيمى روسيا والصين الثوريين، لإتاحة المزيد من الوقت أمام الجماهير لإلقاء نظرة الوداع عليه نظرًا لحب شعبه له .