السلوك يختلف باختلاف الموقع،أوهذا ما يقوله عدد من علماء الاجتماع, وأساتذة علم النفس، وهم يقولون أيضا إن ذلك ينطبق على الأفراد, كما ينطبق على السياسيين,والجماعات السياسية،ومنها الأحزاب.. ويرى أصحاب هذا القول أن الجماعات السياسية ترفع شعارات تختلف عن شعاراتها عندما تنتقل من المعارضة إلى موقع السلطة، وذلك طبقا لنظرية اختلاف السلوك باختلاف الموقع. وأرى ان ذلك يفسر ما تقوم به الآن جماعة الإخوان وحزبها السياسى الشهير باسم الحرية والعدالة، فقد كانوا يطالبون بالشفافية, ويستنكرون استئثار النظام الحاكم بالسلطة، ويرفضون جمع كل الخيوط فى سلطة واحدة, مما يعنى نظاما تسلطيا يصنع ديكتاتورا يدين له حواريوه بالسمع والطاعة, وبعد ان أسفرت الانتخابات البرلمانية عن فوز الجماعة بالأغلبية, بدأنا نسمع من رجالها ما لم نكن نسمعه من قبل, وكشفت مناقشاتهم داخل البرلمان عن تنكر لمبدأ الفصل بين السلطات ,إلى حد مطالبة بعضهم باستدعاء القضاة إلى مجلس الشعب, لمحاسبتهم عن تأخير الأحكام فى القضايا المعروضة أمامهم, ولست أدرى هل صدر هذا الكلام عن قصد أم عن جهل، أم انه صورة من صور المراهقة البرلمانية وعدم النضج السياسى, وتجلى ذلك أيضا فى مطالبتهم بإعادة تشكيل الحكومة خلال المرحلة الانتقالية, بهدف فرض سيطرتهم على كل الحقائب الوزارية، وهو ما كانوا ينتقدونه يوم كانوا فى خنادق المعارضة، لكن السلوك يتغير بتغير الموقع,وبلغت الدراما السياسية قمتها التراجيدية بانفرادهم بتشكيل لجنة وضع الدستور, بدعوى الأغلبية البرلمانية، وهوما يتعارض مع خضوع البرلمان بأغلبيته وأقليته للدستور وليس العكس. حتى الشفافية التى كانوا يطالبون بها بدأوا التراجع عنها، ومن أمثلة ذلك منع الصحفيين من متابعة اجتماعات اللجان البرلمانية، وآخرها قرار أصدره الأسبوع الماضى الدكتور إيهاب الخراط رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى, باستبعاد المحررين البرلمانيين من حضور اجتماع اللجنة, وقوله أن ذلك يرجع إلى أنهم يبحثون أمورا سرية, وما أكثر ما يجرى الآن تحت ستار السرية التزاما بالقسم على السمع والطاعة, ويبدو ان الحل قد يتطلب العودة إلى البداية من جديد حتى لو أدى ذلك الى إعادة الانتخابات البرلمانية, ونأمل ان يظل هذا الكلام خفيفا على أصحاب الديكتاتورية الجديدة. ونسأل الله العافية لنا ولهم..