رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات يكشف الاستعدادات النهائية لانتخابات الشيوخ    إعلام عبري: توتر العلاقة بين سموتريتش ونتنياهو    عبد العاطي يدعو إلى دعم جهود تنفيذ الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار غزة    ألمانيا تعلن إقامة جسر جوي مع الأردن لإيصال المساعدات إلى غزة    بيراميدز يختتم معسكره في تركيا بالفوز على بطل إيران (صور)    ديفيد ديفيز: سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير    لم نشعر بالغربة.. السودانيون يشكرون مصر على كرم الضيافة    رئيس الوزراء يستعرض خطوات إنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة    مدبولي يستعرض الخطوات التنفيذية لإنشاء وحدة مركزية لحصر الشركات المملوكة للدولة    رفقة العراق والبحرين .. منتخب مصر في المجموعة الثانية بكأس الخليج للشباب    أسيوط تبدأ تطوير 330 منزلًا بالمناطق الأكثر احتياجًا (فيديو وصور)    صور.. محافظ القاهرة يكرم 30 من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    زياد الرحباني عانى من مرض خطير قبل وفاته.. ومفيدة شيحة تنعاه بكلمات مؤثرة    بسمة بوسيل عن ألبوم عمرو دياب "ابتدينا": "بصراحة ماسمعتوش"    "النهار" ترحب بقرار الأعلى للإعلام بحفظ شكوى نقابة الموسيقيين    متحدث "الموسيقيين" يعلن موعد انتخابات التجديد النصفي: الجمعية العمومية مصدر الشرعية    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    أزهري: الابتلاء أول علامات محبة الله لعبده    أمينة الفتوى: ملامسة العورة عند التعامل مع الأطفال أو أثناء غسل الميت تنقض الوضوء (فيديو)    هيئة الرعاية الصحية تعلن نجاح وحدة السكتة الدماغية بمجمع الإسماعيلية الطبي    وزارة الصحة: حصول مصر على التصنيف الذهبي للقضاء على فيروس سي نجاح ل100 مليون صحة    ضعف عضلة القلب- 5 أعراض لا ترتبط بألم الصدر    شهادة تقدير ودرع المحافظة.. أسوان تكرم الخامسة على الجمهورية في الثانوية الأزهرية    هيئة فلسطينية: كلمة الرئيس السيسي واضحة ومصر دورها محورى منذ بدء الحرب    نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    كم سنويا؟.. طريقة حساب عائد مبلغ 200 ألف جنيه من شهادة ادخار البنك الأهلي    ترامب: خاب أملي في بوتين    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    «أكسيوس»: مسؤولان إسرائيليان يصلان واشنطن لبحث ملفي غزة وإيران    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    مجلس إدارة غرفة السياحة يعيّن رؤساء الفروع السياحية بالمحافظات ويوجههم بدعم النمو    ختام فعاليات قافلة جامعة المنصورة الشاملة "جسور الخير (22)" اليوم بشمال سيناء    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    مصرع شخص صدمته سيارة تقودها طفلة في إمبابة    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    رئيس تعليم الشيوخ: محاولات تشويه دور مصر باسم غزة يائسة والدليل "زاد العزة"    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    قرارات هامة من الأعلى للإعلام ل 3 مواقع إخبارية بشأن مخالفة الضوابط    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    البربون ب320 جنيهًا والقاروص ب450.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم في مطروح    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    الحوثيون يهددون باستهداف السفن المرتبطة بموانئ إسرائيلية    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    الداخلية تكشف ملابسات وفاة متهم محبوس بقرار نيابة على ذمة قضية مخدرات ببلقاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبدأ السمع والطاعة.. يقطع طريق الإبداع!!
نشر في الجمعة يوم 10 - 05 - 2012


هل تستطيع الجماعة.. الخروج من سجنها!!
كنت أتمني.. ومازلت أن يبادر الإخوان المسلمون بالإعلان عن انسحابهم الكامل من معركة الرئاسة.
كنت أتخيل.. ان الإخوان. جماعة وحزبا.. قد استفادوا من التجربة وقرأوا نتائجها جيدا واستوعبوا "قسوة درس التكويش" فتراجعوا عما اندفعوا أو دفعوا إليه.. وعادوا إلي موقع الحكمة والعقل.
كنت أحلم أو أتوهم ان من حصد ثمار ما لم يزرع.. فجأة وبلا تعب أو مشقة.. أن يكتفي بما مَنْ الله به عليه.. علي الأقل لبعض الوقت..وعلي الأقل "ليستطعم" ويتذوق ما جنته له جهود غيره ويتأمل ويتدبر ما يجب عمله في المرحلة التالية.. ويتعرف علي الأوضاع وعلي التوالي. وعلي الأدوات. وعلي العقبات والمعوقات الكائنة علي أرض الواقع.
بالتأكيد.. كنت وربما مازلت غافلا عما نحن فيه.. عما تحتويه وتمتليء به تركة ثلاثين عاما من التفتيت والتدمير. والتفكيك والتهميش المتواصل المستمر.
ولهذا لم تترك كائنا إلا وأصابته.. ولا جماعة إلا وشوهت رؤيتها وبالتالي سلوكها.
لم تترك كيانا. إلا وصدعت أركانه ولا مؤسسة إلا وفككت تروسها..ولا سلطة أو هيئة أو قوة إلا ونزعت عوامل وأسباب منعتها وقدرتها وحطمت ودمرت أساسها وقواعدها.
لا ينطبق هذا التفتيت والتدمير المخطط والمدبر علي المؤسسات والكيانات والمصالح الحكومية أو المرتبطة بالدولة فقط وإنما الاستهداف بالتخريب والإفساد والتدمير طال الجميع.
طال العام. والخاص والمشترك.
طال الدولة كلها.. واستهدف الكيان والوطن جميعه وبلا تمييز.
ولهذا.. ما بدأت به حديث اليوم وما تمنيته وحلمت به. من جانب الإخوان. وغير الإخوان.. عليَّ أن أعترف. ونحن مازلنا تتراوح خطواتنا عند البداية.. اعترف بأن هذه الأمنيات محض وهم.. ومجرد خيال هي أحلام يقظة تفتقر إلي معرفة واجبة وضرورية لأمور الواقع وطبيعة الأحوال.
فمجرد امعان النظر والتأمل فيما يجري.. ومناقشة ردود الفعل علي هذا الذي يدور ويجري.. تكشف "حقيقة الحالة".. تكشف الكارثة وطبيعتها ونوعيتها.. تكشف كثيرا مما يثير الدهشة والغرابة.
* فتارة.. نفاجأ بأن ردود الفعل الناجمة عن "شذوذ وغرابة". بعض الأفعال والتصرفات.. هي نفسها علي نفس الدرجة من الشذوذ ومن القبح ومن الغرابة.. وكان صاحب رد الفعل. هو نفسه الفاعل ولا فرق علي الإطلاق.
والمفزع والمخيف ان الصور متكررة.. والحالة عامة ولا تعديل ولا تبديل أو مراجعة.
وحتي نكون أقرب بحديثنا إلي الواقع.. مطلوب من كل واحد منا أن يعقد مقارنة نظرية سريعة بين ممارسة الحزب الوطني أثناء حكم الرئيس السابق.. وممارسة حزب الحرية والعدالة الآن وبعد الثورة.
- داخل مجلس الشعب.
- وخارج مجلس الشعب.
مطلوب.. أن نعقد مقارنة بين:
- د.فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق.
- وبين د.سعد الكتاتني.. رئيس مجلس الشعب الحالي.
وأكاد أقول.. بل وأجزم.. ان فتحي سرور لم يصل يوما في ادارته لمجلس الشعب السابق.. إلي هذا الحد من "الجبروت" والتجاوز الذي وصل إليه الكتاتني.
ليس لأن الأول - سرور - كان أقل رغبة في الهيمنة والتسلط والانفراد.
وان الثاني - الكتاتني - أكثر اندفاعا وسعيا. واصرارا علي الاستبداد.. وعلي الإبعاد. لكل رأي أو شريك. بالقول أو الرأي. معارضا كان.. موافقا.
السبب غير هذا وذاك.. فالدولة مع الرئيس السابق كانت قائمة بالفعل.. صحيح انها كانت قائمة ومؤسسة علي الوهم.. لكن في نفس الوقت.. كان الوهم سائدا وحاكما ومسيطرا علي كل فرع من فروع العمل والنشاط والسلطة والحكم.
- كانت وزارة الداخلية بأجهزتها المتعددة والعاملة موجودة.
- كان الجيش.. بقائده الأعلي وقائده العام ومجلسه الأعلي وقطاعاته المختلفة موجود.
- كان هناك رئيس للوزراء.. وكان هناك وزراء ووزارات.
- كانت المصالح والمؤسسات والهيئات عاملة.. ومتواجدة ومباشرة لمهامها.. المشروع منها وهو قليل وغير المشروع وهو أكثر.
- كان هناك رئيس.. وأسرة الرئيس زوجة ووريث وخلفهم وحولهم جماعات وأتباع.
- ثم كان الحزب ولجانه. خاصة أمانة السياسات.. وكل من دعي إليها.. أو تم ضمه إليها.
هذا الحشد.. رغم تجانسه الشكلي.. وعدم تجانسه العملي.. إلا انه مثل في نهاية المطاف "جماعة السلطان والحكم والهيمنة".. وهو نفسه الذي ترك الانطباع بأننا أمام دولة قوية بأجهزتها ورجالها ونظامها.. في حين.. وكما سبق القول.. لم تكن المسألة في جوهرها أكثر من وهم.
إذا تركنا ما كان - أيام مبارك وجماعة حكمه.. وأتينا إلي ما هو قائم اليوم خاصة بالنسبة للمؤسسة الوحيدة التي اكتمل بناؤها وهي البرلمان. بمجلسيه الشعب والشوري.
الثورة مختلفة تماما.. فرئيس الدولة مازال التجهيز لانتخابه يجري ويتولي المسئولية. المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. والحكومة وهي السلطة التنفيذية. لا يربطها بالسلطة التشريعية القائمة غير التربص والعداوة.
أهل السلطة التشريعية - البرلمان - من الإسلاميين فتحت شهيتهم فجأة.. وبعد أن أكدوا وأعلنوا عن عدم رغبتهم في تولي السلطة التنفيذية.. عادوا وأعلنوا الحرب علي الحكومة القائمة. حكومة الدكتور الجنزوري التي سبق وقبل أسابيع أو أشهر قليلة خرجوا يؤيدونها ويدافعون عنها والسبب في الموقفين غير واضح ولا معروف.
- فغير معروف وبالتحديد لماذا خرجوا يدافعون علي تولي الدكتور الجنزوري رئاسة الحكومة.. وتصدوا لشباب الثورة وناصبوهم العداء.. هم مع الجنزوري.. والثوار ضده.
- كما ليس معروفا علي وجه الدقة.. لماذا تحول الإخوان بمجلسهم وحزبهم وجماعتهم من التأييد لرئيس الحكومة.. إلي عداء شرس وسافر.. في الوقت الذي لا يصح فيه. اشعال معركة خاصة وانه لم يبق من عمر الوزارة في الحكم إلا بضعة أسابيع.
أسابيع قليلة.. يجري خلالها انتخاب رئيس للبلاد وتستكمل خلالها وبعدها كذلك إجراءات وضع دستور جديد.
أسابيع معدودة.. تنتهي معها "حالة الاستثناء" التي نعيشها منذ 11 فبراير ..2011 فتنتهي مهمة المجلس الأعلي للقوات المسلحة وينتظم حكم البلاد من خلال سلطاته الثلاث. التشريعية والتنفيذية. والقضائية فضلا عن رئيس منتخب.
هذه الفترة الزمنية القصيرة. والمحدودة والمسئولة عن إعادة الدولة إلي حالتها الطبيعية غير الاستثنائية.. والتي تتولي فيها كل سلطة مسئوليتها باستقلالية كاملة. بلا تدخل أو مزاحمة.. هذه الفترة كانت ومازالت تفرض علي الجميع التزاما. صارما باحترام عملية التحول.. كما تحرم وتجرم كل محاولة وأي عبث مدبر ومقصود.. أو أي عمل جاهل وعشوائي من شأنه أن يعطل المسيرة أو يحول دون وضع نهاية لحالة الاستثناء.
ما حدث ويحدث هو العكس..
****
دعونا نبحث معا. عن تفسير.. أو عن معني.. أو هدف وقصد لعدد من التصرفات وعدد من التصريحات والممارسات التي جرت وتجري مؤخرا الآن.
وهذه التصرفات.. رغم اختلاف أبطالها وتعددهم.. إلا انها جميعا تنتمي لفصيل أو نوع مجهول الهوية والمنبع.
هل نذكر جميعا.. هذا النائب المحترم الذي باغت الدنيا كلها بما فيها مجلس الشعب الذي انتخب عضوا فيه ووقف فجأة يرفع أذان الظهر دون مقدمات.. ودون سبب أو حاجة.. فلا المناسبة تسمح.. ولا القواعد والأعراف تجيز.. ولا الحاجة تدعو ولا سابقة من هذا النوع جرت.. ولا إلهام المبدعين والمبادرين والمبتكرين تبرر هذا "الخروج الفج" علي القواعد العامة.. حتي وان اكتسبت اللعبة أو المفاجأة ثوب الدين.. ورفعت آذان فريضة في وقتها.
لا شك ان دوافع الرجل الذاتية. كانت أكبر وأهم من أي اعتبار آخر.. فقد أصبح الفعل - رفع الأذان - وصاحبه. حديث الناس جميعا وأصبح السؤال عن الحادثة وصاحبها يتردد في كل مكان ومناسبة وبعدها أصبح المحامي ممدوح إسماعيل عضو مجلس الشعب صاحب الأذان المدوي في جنبات قاعة المجلس. ضيفا دائما علي العديد والعديد من محطات التليفزيون والإذاعة وأصبح مشاركا أصيلا في الكثير من ندوات الحوار والتوك شو.
أي أن الجانب الشخصي من "لعبة". النائب المؤذن وقد نجحت وأخذت صاحبها إلي الأضواء. وليصبح نجما تليفزيونيا.. إلي جانب كونه نجما من نجوم الأغلبية الإسلامية التي استولت علي مقاعد البرلمان.
الجديد.. ان النجم التليفزيوني الذي أصبح. بعد "لعبة الأذان".. يبدو انه تحسس في الأيام الأخيرة. خطرا يتهدد نجوميته ويؤثر علي الدعوات الواسعة لبرامج الحوار.. فأراد أن يجدد ويفعل الأسباب التي تجبر القنوات علي عوته.. فإذا بالرجل يذهب بطموحه. وشهوة الأضواء والشهرة إلي بعيد.. وبعيد جدا.. ربما أبعد من "لعبة الأذان".
إذا بالأستاذ المحامي النائب ممدوح إسماعيل يخرج علينا في أحد برامج "الحياة اليوم" التي تتحدث عن الأحداث والتطورات الجارية. وكان أحد المشاركين في مجموعة الحوار.. خرج ليصف الشعب المصري.. بأنه "شعب قليل الأدب".. هكذا - بكل الصراحة والو.. وبالصوت العالي.. هكذا وصف المصريين جميعا كشعب وبلا استثناء.
في "خروجه" الأول - واقعة الأذان - تدثر برداء الدين.. معززا مركزه "بلحية".. تتدلي لتغطي نصف صدره.. ومعززا بالموعد المحدد للأذان.. وبأنه لا أحد بقادر علي تحدي مقتضيات الدين وفرائضه.
أما هذا "الخروج الثاني".. والذي تجاوز فيه ربه كل الحدود.. المسموح منها والممنوع.. فوصف المصريين جميعا "بقلة الأدب" وندرته.. دون أن يفرق بين مؤمن وفاسق.. وبين عالم وجاهل.. وبين العارف بشئون دينه المتمسك والملتزم بها. وبين الخارج عليها. والمعتدي علي حرمات الدين والحياة.
هذا الخروج "البشع".. ما هو تفسيره.. ما هو مبرره.. كيف نقرأ ونتفهم هذا التناقض الرهيب. بين تصرف. يغرق في التعصب الديني لحد انتهاك الأعراف وتجاوز حدودها.. وبين هذا الانتهاك الفاضح للحرمات.. حرمات الدين والأخلاق والتقاليد والأعراف.. وحرمة البشر.. حرمة الإنسان كإنسان..
صورة ثانية.. تعكس "شيزوفروينا" الواقع السياسي المصري وأبطاله. أو فرسانه الجدد.
الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب وأحد قادة الجماعة وحزبها وهو بكل تأكيد وافد جديد علي الحياة السياسية المصرية.. ربما كان من الكبار الذين يقودون الجماعة ويديرون ويخططون لها ربما كان تاريخه داخل التنظيم يؤهله لهذا الموقع وأكثر.
لكن الموقع ليس خاصا بالجماعة. ولا بحزب الحرية والعدالة.. إنما هو خاص بمجلس الشعب وليس مجلس الجماعة.. حتي وان كانت الأغلبية التي أسفرت عنها انتخابات متعجلة ومصنوعة و"مسلوقة" هي التي قدمتها.
ومن يتولي هذا المنصب عليه.. وقبل كل شيء أن يتجرد من انحيازاته وانتماءاته ويعمل بالقواعد التي تنظم عمل من يشغل المكان ويحكمه.. ما تابعناه مع الدكتور رئيس المجلس يشير إلي العكس تماما.. حاول الرجل أن يفرض شخصيته منذ اللحظة الأولي لانتخابه.. بقوة وشدة تصل إلي حد العنف والتجاوز في بعض الأحيان.. خاصة حينما ينهر زملاءه من النواب الذين انتخبوه من بينهم رئيسا دون تمييز.. فهو يأمر وينهي ويرفع صوته إلي حدود لا يمكن تصورها وبلا سبب مقبول.. ثم هو يأمر بطرد من يخرج علي طاعته من القاعة.
ورغم هذه الممارسات "الحادة" إلا أنها ظلت في حدود المقبول والذي يمكن التجاوز عنه وفجأة بدأت الممارسات تدخل في دوائر الممنوع.. فهو المدافع الأول عن الدكتور الجنزوري وحكومته.. وفجأة ولأسباب خفية تنظيمية إخوانية بالتأكيد يتحول الرجل من صديق للجنزوري إلي عدو ويشن عليه وعلي حكومته حملة شعواء ويطارده ويضغط من أجل اسقاط الحكومة.
في البداية لفتح الطريق أمام زميله وصديقه ورئيسه خيرت الشاطر.. ثم من أجل وقف الحال وعدم اعطاء الفرصة للحكومة لانجاز شيء ايجابي خلال الفترة القليلة المتبقية لها والتي لا تتجاوز بضعة أسابيع وسبحان الله نفس التفكير والأسلوب والثقافة التي كان يعمل بها مبارك ووريثه ونظامه.
يومها قرر مبارك وابنه جمال تأجيل أي مشروع أو عمل ايجابي حتي تتم عملية التوريث ويأتي المنقذ أوالمصلح الأكبر صاحب مشروع النهضة "جمال" ليبدأ المسيرة.
نفس تفكير الكتاتني.. وتفكير "الشاطر". التأجيل.. والمنع والحيلولة دون أي انجاز.. والحرص علي استمرار الفوضي ومظاهرها وأشكالها المتعددة حتي تأتي حكومة الإخوان برئاسة الشاطر.
وإذا كان جمال مبارك قد أعلن يوما عن مشروعه للنهضة الذي سيتجسد في أعمال عظمي عام 2050 فالشاطر بمشروعه للنهضة يحمل نفس الآمال العظام التي يحيطها الوهم والخداع والكلام الفاقد لأي دليل والملفت أيضا.. انها مشروعات أموال.. أو تجارة بالأموال هي أقرب إلي السمسرة منها إلي أي شيء آخر.. ذلك أنه إذا كان لأي منهما رؤية تنموية. نهضوية إصلاحية حقيقية لظهرت.. فلا دليل يثبت عند هذا أو ذاك انهما اقتربا يوما من مشروع تنموي صناعي انتاجي. زراعي أو حتي خدمي إنما هو كلام أجوف.
المهم أن "التقليد" واضح.. وتكرار الأوهام مستمر.. ويبدو ان المخططين والمدبرين عند الاثنين واحد.
ونعود للدكتور الكتاتني.. كنت اتصور ان الدكتور سوف يمعن النظر ويطيل البحث والدراسة فيما يمكن أن يفعله ليصبح المجلس الذي يتولي رئاسته. مجلسا "نموذجا".. وأن تصبح التجربة تجربة رائدة.
فمعظم النواب رغم انتماء أغلبيتهم إلي التيار الإخواني والسلفي يمكن اعتبارهم من الهواة.. وهذا ليس عيبا.. إنما هو ميزة.. يمكن من خلالها البدء في إقامة بناء برلماني جديد.. يقوم علي الحق والعدل.. يقوم علي احترام القانون.. يقوم علي أساس خلق قاعدة تشريعية صالحة.. يقوم علي الإيثار. لا الاستئثار.
لكن العكس كان هو الصحيح.
فامتحان لجنة صياغة الدستور كان كاشفا للنوايا.. أكد جشع وشهوة الانقضاض علي السلطة التنفيذية بالاستحواذ أو بالاسقاط. ثم بعد السقوط في امتحان لجنة صياغة الدستور.. جاء امتحان آخر امتحان غريب ومريب.
الدكتور رئيس المجلس.. يواصل تهديداته.. ويصعد عقوباته.. ويعلن الانذار تلو الانذار.. ثم يقرر منفردا وقف أعمال المجلس التشريعي.. ومن فوق المنبر.. ومن مقعده كرئيس للمجلس.. الكتاتني.. يرمي عرض الحائط بقوانين المجلس وقواعده.. صحيح ان لكل عضو الحق في أن يقترح مشروعات القوانين وان يطرح علي النواب الأفكار والمقترحات.
لكن حينما يريد رئيس المجلس أن يشترك في تقديم المشروعات والمقترحات.. فعليه أولا أن يترك مكانه كرئيس فوق المنصة.. وأن ينزل إلي القاعة ويجلس عضوا من بين الأعضاء ويتولي أحد اعضاء هيئة المجلس الرئاسة ويطلب الرئيس الذي أصبح عضوا الكلمة.. ويطرح خلالها أفكاره ومقترحاته وهذه المقترحات تطرح علي المجلس للتصويت عليها.
ما فعله الدكتور عمدا وبالقصد والقوة القاهرة خرق كامل لكل القوانين والقواعد.
الدكتور.. أعلن قراره الذي اتخذه مع المجموعة السرية للجماعة دون أن يشاور أحدا.. وقراره هو إيقاف عمل المجلس. إلي أن تسقط الحكومة.. وظل جالسا فوق المنصة.. ولم يطلب التصويت برفع اليد إلا للجهة التي تتجمع فيها أغلبية أخوانية.. وأعلن الموافقة وخرج الشطارة لم تفارق الكتاتني.. سواء كانت شطارة مستعارة من صديقه الشاطر.. أو شطارة بالمولد.. فهو علي كل حال نبيه. حاضر الذهن ومتابع.
المهم خرج الكتاتني.. بعد هذه "الحركة البلدي".. وذهب إلي مكتبه.. ودعا إلي المكتب العديد من النواب. من السلفيين والليبراليين والمستقلين.. وحاول احتواء الموقف بالاعتذار والتحايل. وغيره.. وواضح ان اللعبة لم تنطل علي أحد.. بالإهانة التي وجهها الرجل للبرلمان جميعه. حتي الإخوان. كانت رهيبة.. وبشطارته وحرفية. بحث عن مخرج.. وكان مخرجه أن يرأس وفدا مصريا إلي السعودية في اطار لم الشمل وإصلاح ما حاول البعض افساده.. وتحول التركيز من وقف أعمال مجلس الشعب إلي إعادة العلاقات مع السعودية إلي عهدها ووقف أي محاولة لإفسادها.
الأكثر من هذا وفي اطار "الشطارة".. قرر الكتاتني ومن خلال رجاله بالمجلس خاصة رؤساء اللجان أن يغطي تماما بل ويمحو حكاية وقف أعمال المجلس.. فقد صرحوا جميعا وبشكل متكرر ومنتظم بأن اللجان في المجلس لم تتوقف لحظة عن العمل وان كل شيء يسير في مجراه الطبيعي دون توقف أو انقطاع.
****
هل يختلف أداء الكتاتني - رغم شطارته وحيويته - عن أداء الآخرين.. هل هو أداء فردي وتصرف شخصي من كل طرف علي حدة أيا كان موقعه داخل الجماعة والتنظيم والحزب. أو موقعه في مؤسسات الدولة.. هل هو وباختصار.. تصرف تنظيمي.. أم تصرف واداء فردي؟
فإذا كان الكتاتني.. وهو أول من تولي منصبا هاما في كيان الدولة المصرية. وهو أحد أقطاب الجماعة.. قد مارس مهامه دون أن يعطي للمنصب الجديد في الدولة حقه من الاحترام ومن المعرفة. ومن الدراسة. ومن السلوك الطيب الذي يوحي بأن مرحلة جديدة قد بدأت.
إذا كانت الجماعة ورجالها الكبار لم يحاولوا أن يقدموا نموذجا طيبا. يفتح أمامهم أبوابا أوسع. ويتيح لهم فرصا أكثر لاحتلال مواقع متعددة.
إذا لم تفعل الجماعة ورجالها ما يشير ويكشف حسن النوايا.. فالمؤكد أن التجربة محكوم عليها بالفشل.. وأن ما حققته الجماعة خلال عام ونصف العام هي عمر الثورة. رغم ان مشاركتها في صنعها وانجاز وحجم مساهمتها لم يكن يمنحها هذا النصيب الكبير.
لكن الواضح ان الاخوان لم يقرأوا الواقع.. وان الإخوان لم يتعلموا من التجارب.. تجاربهم أنفسهم وتجارب الغير.
واضح أنهم غرقوا فيما أصابهم.. وفيما عاشوه وعانوه.. وبالتالي الكل يبحث عن التعويض.. عن أخذ الثمن.. يبحث علي الاستحواذ علي كل شيء.. وليس أدل علي هذا الذي نقوله غير هذا التكليف الغريب والعجيب لأحد رجال الجماعة أو قادتها الدكتور محمد مرسي رئيس حزبها. الحرية والعدالة. بأن يتقدم للترشح علي منصب رئيس الجمهورية ويخرج الأستاذ الدكتور المرشح لرئاسة الدولة المصرية وشعبها البالغ أكثر من 85 مليون مواطن ليعلن علي الناس:
لقد كلفني المرشد العام.. ومجلس الارشاد أن اتقدم للمنافسة علي منصب الرئيس.
وأنا - د.محمد المرسي - لا أملك إلا السمع والطاعة.. فامتثل الرجل للقرار.. ولم يعلن موقفا. ولم يعبر عن رأي إلا الطاعة.
أية رسالة يريد د.محمد مرسي.. ويريد الدكتور المرشد العام أن ينقلها للشعب.
أيريدون القول ان الرئيس ليس إلا "نفرا" من الجماعة يكلف بالأمر فيطيع دون أن يكون له تصور.. ودون ان تسبق موافقته أو قبوله أو تقدمه.. أفكار وأحلام ورؤي وخطط حول أوضاع الداخل والخارج.. خارج الأقليم وما بعد الاقليم.. أي نوع من الرؤساء هذا الذي يأتون به ويوجهون إليه الأمر فيمتثل.
أتوجد إهانة.. أو تسفيه للرئيس المرشح.. وللدولة التي سيتولاها هذا الرئيس "المكلف" بأمر يسمع. فيطاع.. من هذا الشكل.. وهذا التصور.
نحن نريد ان نصنع دولة جديدة.. دولة حديثة.. دولة يشترك الجميع في بنائها.. دولة تتعدد الرؤي فيها وتتنوع.. وتتنافس حول المشاريع والخطط والأفكار.
مصر ليست في حاجة للدولة التي يتحدث عنها المرشد الدكتور محمد بديع حينما يقول: "خطأنا الوحيد هو حسن الظن في الآخرين".. دولة السمع والطاعة.
نحن في حاجة إلي دولة تسود فيها الثقة بين بعضنا البعض.. لأن سوء الظن وانعدام الثقة في الآخر من شأنه أن يخلق حالة من التربص.. حالة من العداء.. حالة من الشك تقطع طريق التفاهم والعمل المشترك.. كذلك فإن شعار. أو مفهوم السمع والطاعة.. معناه باختصار وبساطة ان من يريد أن يتولي المسئوليات الكبري لابد وأن تتوفر فيه مجموعة من الصفات غير الحميدة التي تضمن الولاء والطاعة:
* بأن يكون عديم الشخصية.
* وألا يتمتع بحسن المبادرة.
* وألا يكون قادرا علي التفكير المستقل والابداع وحسن التوقع.
* أن يكون رافضا لأي اجتهاد أو رأي آخر.. لأنه يلتزم بما يطلب منه. من جانب أصحاب الأمر والنهي الذين يلتزم أمامهم بالطاعة والولاء.
* أن يكون عدوا للديمقراطية وحرية الفكر.
معني هذا كله وغيره. قطع الطريق أمام التغيير. أمام التقدم والتطور.. لتسود البلاد والعباد حالة من الجمود وبالتالي التخلف.
لهذا.. وكما بدأنا.. اتساءل.. هل الإخوان جماعة وحزبا علي استعداد لإعادة النظر في المسلمات التي سجنت نفسها فيها طوال سنوات الاضطهاد والملاحقة وأنه آن الأوان لأن تفتح القلوب والعقول والنفوس.. فتسود المحبة.. وتعم الثقة.. وتنتشر المحبة بين جميع الأطراف والشركاء.. وينطلق الجميع ليبنوا معا ويجددوا معا.. ويعيدوا لمصر الدور والمكانة.
نقلا عن جريدة الجمهورية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.