اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    بيل جيتس يخطط للتبرع بكل ثروته البالغة نحو 200 مليار دولار    اعرف أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم... البلاميطا ب100 جنيه    لقاء خارج عن المألوف بين ترامب ووزير إسرائيلي يتجاوز نتنياهو    إصابة 5 أشخاص بحالات اختناق بينهم 3 اطفال في حريق منزل بالقليوبية    مروان موسى عن ألبومه: مستوحى من حزني بعد فقدان والدتي والحرب في غزة    الهيئة العامة للرعاية الصحية تُقرر فتح باب التقدم للقيد بسجل الموردين والمقاولين والاستشاريين    طريقة عمل العجة المقلية، أكلة شعبية لذيذة وسريعة التحضير    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    وزيرة البيئة: تكلفة تأخير العمل على مواجهة التغير المناخى أعلى بكثير من تكلفة التكيف معه    المهمة الأولى ل الرمادي.. تشكيل الزمالك المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا    ستحدث أزمة لتعدد النجوم.. دويدار يفاجئ لاعبي الأهلي بهذا التصريح    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    الخارجية الأمريكية: لا علاقة لصفقة المعادن بمفاوضات التسوية الأوكرانية    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    تسلا تضيف موديل «Y» بنظام دفع خلفي بسعر يبدأ من 46.630 دولارًا    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    الأهلي يقترب من الإتفاق مع جوميز.. تفاصيل التعاقد وموعد الحسم    طلب مدرب ساوثهامبتون قبل نهاية الموسم الإنجليزي    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 9 مايو 2025    عاجل- مسؤول أمريكي: خطة ترامب لغزة قد تطيح بالأغلبية الحكومية لنتنياهو    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    بوتين وزيلينسكى يتطلعان لاستمرار التعاون البناء مع بابا الفاتيكان الجديد    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    كيفية استخراج كعب العمل أونلاين والأوراق المطلوبة    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص الحوار الأزمة بين سامى عنان وخيرت الشاطر!
انفجرت بعده حرب بيانات التهديد والوعيد بين الجماعة والعسكرى
نشر في الفجر يوم 04 - 04 - 2012


الشاطر: الإخوان يطالبوننى بترشيح نفسى للرئاسة
عنان: أنت ناسى إن عندك حرمان سياسى
الشاطر: ما نتفق عليه نلتزم به عنان: عمركم ما التزمتم من 54 للنهاردة
لم يخرج الصراع بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان المسلمين إلى النور بالصدفة، فكل طرف كان قد وصل إلى درجة اليأس من الآخر.. ولم تكن البيانات الحادة والساخنة والحاسمة التى تبادلها الطرفان يوم 24 مارس الحالى إلا ترجمة دقيقة لحالة الضيق التى أصبح كل منهما يعانى منها.. ويصدرها فى وجه الآخر.
ليس دقيقا أن المعركة احتدمت بين الجماعة والمجلس بسبب عدم دعم ومساندة الجماعة لمنصور حسن فى ترشحه للرئاسة، وهو ما جعله ينسحب فى اللحظة الأخيرة، معلنا أن من وعدوا بمساندته تراجعوا عن دعمه.. وإن كان هذا سببا فى الأزمة لا يمكن أن نقلل من تأثيره أو نتجاهل أثره.
كان المجلس العسكرى الذى رأى فى منصور حسن مرشحا مناسبا للفترة القادمة، فهو ليس إخوانيا، كما أنه ليس محسوبا على فترة مبارك التى كان مبعدا فيها، وطلب أعضاء من المجلس أن تؤيد الجماعة منصور حسن لأسباب وطنية.
لم تكن الجماعة متحمسة لمنصور حسن، لكنها وعدت بأن تستطلع رأى قواعد الجماعة أولا قبل أن ترد، لكن استطلاع الرأى هذا طال، ولم تمنح الجماعة أعضاء المجلس كلمة محددة، وهو ما اعتبره بعض أعضاء المجلس إهمالا متعمدا لا يليق من الجماعة.
لقد ألمح منصور حسن إلى أن عصام العريان القيادى فى الجماعة ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة، زاره فى منزله، ووعده بأن تقف الجماعة إلى جواره فى معركته الانتخابية، لكنه أخلف وعده معه، واختفى تماما ولم يرد عليه، عندما حاول أن يستطلع منه رأى الجماعة الأخير فى مساندته من عدمها.
الأمر كان أكبر من عصام العريان بالطبع، فالذى وقف فى طريق منصور حسن وطموحه فى الوصول إلى منصب الرئيس بدعم من المجلس العسكرى وتأييد إخوانى، كان خيرت الشاطر الذى حال دون حصول حسن على أى دعم من أى نوع من الإخوان، بل إنه وقف فى وجه مهدى عاكف الذى حاول أن يؤيد منصور حسن بسبب علاقة صداقة قديمة كانت تربط بينهما، إلا أن الشاطر كان قد حسم الأمر.. فمنصور حسن لا مكان له فى معركة الرئاسة.
1- لماذا غضب خيرت الشاطر؟
كان خيرت الشاطر الذى يتحرك بامتلاء مبالغ فيه بالقوة المفرطة، يعمل بروح من دانت له الأرض.. وكان قد كلف محامى الجماعة عبد المنعم عبد المقصود أن يتقدم بطلب إلى المحكمة العسكرية ليحصل على رد اعتبار فى قضية 1995، وهى القضية التى صدر ضده حكم فيها بتهمة إحياء تنظيم محظور هو جماعة الإخوان، وقضية 2006 المعروفة إعلاميا بميليشيات الأزهر.. التى لم يكمل مدة الحبس فيها وخرج بعفو صحى من المجلس العسكرى.
توقع خيرت أن يحصل على رد اعتبار سريع وفورى، فهو يتحرك بحرية ويعقد لقاءات وصفقات دون أن يعترض طريقه أحد، لكن المفاجأة أن رد الاعتبار صدر فقط فى قضية 1995، لأنها كانت قد استوفت شروطها القانونية.. كان الشاطر قد قضى مدة الحبس كاملة، كما مر على خروجه من السجن 6 سنوات، وهو ما لم يتوافر فى قضية ميليشيات الأزهر.. فلم يقض فترة العقوبة كاملة.. كما أنه لم يمر عليها 6 سنوات بعد.
كان خيرت الشاطر يعتقد أن المجلس العسكرى يمكن أن يجامله وينهى له قضية ميليشيات الأزهر، وهى القضية التى خرج منها الشاطر بتهمتين، الأولى هى تمويل ميليشيات الإخوان التى نظمت عرضا عسكريا فى جامعة الأزهر، والثانية هى غسيل الأموال، وأن يردوا له اعتباره، بما يمكنه من أداء أى دور سياسى دون أى معوقات.
موقف العسكرى زاد من عناد الشاطر الذى قال لبعض المقربين منه «إنه سيربيهم»، وكان أن لعب بورقة ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية.. اعتقادا منه أن المجلس يمكن أن يمنحه رد اعتبار الآن، ويكون الثمن ألا يستخدمه فى الانتخابات الرئاسية الحالية.. وإن كان يمكنه الاستفادة منه فى الانتخابات القادمة.
لم يكن هذا فقط ما أغضب خيرت الشاطر من المجلس العسكرى، فقد كانت هناك ثلاثة أسباب لغضب الرجل الذى يعتقد أنه الأقوى فى مصر الآن.
السبب الأول: هو إرسال الطعن المقدم فى دستورية مجلس الشعب إلى المحكمة الإدارية العليا، دون التنسيق مع الجماعة، فقد اعتبرت الجماعة أن هذا تم بليل وكان سوء النية مبيتا، ورغم أن الجماعة بها كوادرها فى كل مكان إلا أنها لم تعلم بما يجرى فى الإدارية العليا، فقد رأت المحكمة جدية فى الطعن.. فأحالته إلى المحكمة الدستورية العليا، وهو ما وضع الجماعة فى أزمة.
السبب الثانى أن المحكمة الدستورية العليا اتخذت إجراءات سريعة جدا فيما يخص الطعن، وهو ما جعل الجماعة تتهم المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا بأنه تلعب دورا كبيرا فى الإسراع بالإجراءات الخاصة بالطعن، تأسيسا على أن الجبالى لا تكف عن الهجوم على الإخوان والدفاع عن المجلس العسكرى.
السبب الثالث لغضب الشاطر أنه كان هناك اتفاق بين الجماعة مع المجلس العسكرى أن يتم الإبقاء على الدكتور كمال الجنزورى رئيسا للوزراء، لكن مع تغيير أربعة أو خمسة وزراء، بوزراء آخرين من جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما لم يستجب له العسكرى فيما بعد، وهو أيضا ما جعل الجماعة تصعد فى هجومها على الجنزورى ووزارته، وهو الهجوم الذى وصل إلى حد بدء إجراءات سحب الثقة.
2- عنان يقلم أظافر الشاطر
تعاملت قيادات المجلس العسكرى مع ما يفعله الإخوان المسلمون على أنه نوع من العبث، أو التصرفات غير المسئولة، ورغم أن الحوار والاتصال بين قيادات الجماعة وحزب الحرية والعدالة كان يتم بشكل يومى ولا ينقطع، إلا أنه فى الأسبوعين الأخيرين حدث ما يشبه القطيعة، التى وصلت إلى حد أن أعضاء المجلس العسكرى أصبحوا لا يردون على تليفونات أعضاء الجماعة، مهما بلغت درجة التنظيمية داخل الجماعة أو الحزب.
لم يجد خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد، ومحمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة، إلا أن يطلبا تحديد موعد عاجل مع المجلس العسكرى، لكن الغلطة التى ارتكبها الشاطر كانت طلبه أن يكون اللقاء مع أعضاء المجلس العسكرى جميعا، وهو ما استفز قيادات المجلس معتبرين أن طلب الشاطر يفتقد اللياقة، فليس من حقه أن يحدد من سيقابله، ولا متى.. ولا أين؟ فكل هذا متروك لقيادات المجلس.
كان القرار أن يجتمع رئيس الأركان الفريق سامى عنان وحده مع خيرت الشاطر ومحمد مرسى، اعتقد الشاطر أنه يمكن أن يقول كل ما يريده، فبدأ بالعتاب للمجلس العسكرى الذى لا يرد على اتصالات الإخوان.. بل إن كل قنوات الاتصال انقطعت مرة واحدة.. لكن سامى عنان لم يقبل عتاب الشاطر.. ولم يلتفت له من الأساس.. حاول محمد مرسى أن يخفف من الجو الذى بدأ مشحونا، لكن يبدو أن قدر هذه الجلسة كان أن تظل مشحونة وساخنة حتى لحظتها الأخيرة.
بدأ خيرت الشاطر كلامه بأن جماعة الإخوان ستلتزم بأى شىء تتفق عليه مع المجلس العسكرى، وقبل أن يكمل كلامه قاطعه الفريق سامى عنان قائلا له:لم يكن لديكم أى التزام بأى اتفاق بداية من 54 حتى الآن.
حاول خيرت الشاطر أن يلعب بورقة ترشيحه للرئاسة، قال للفريق سامى عنان، أنه يقاوم ضغوطا كثيرة من الجماعة التى يصر عدد كبير من أعضائها على أن يرشح نفسه للرئاسة، لكن سامى عنان رد عليه باستخفاف قائلا:أنت تعرف أنك لا تستطيع أن تفعل ذلك.. فأنت محروم سياسيا حتى الآن ولم يصدر لك رد اعتبار فى قضية ميليشيات الأزهر.. وليس أمامك طريق آخر تلجأ إليه إلا القضاء العسكرى، الذى سيطبق القانون عليك كما يطبقه على غيرك دون تدخل من أحد.
كانت كل الطرق أمام خيرت الشاطر مغلقة والطريق غير ممهد، خرج من تلويحه بورقة ترشحه للرئاسة بورقة أخرى، وهى حكومة الجنزورى التى لا يريد المجلس العسكرى أن يقيلها لأنها حكومة فاشلة وأنها لم تنجح فى حل أى أزمة من الأزمات الأخيرة التى تعرض لها الوطن.
وكانت المفاجأة أن سامى عنان لم يتفاعل على الإطلاق مع ما قاله الشاطر، بل قال له:أنتم وراء كل ما يحدث من أزمات الآن.. وكل ذلك من أجل أن تثبتوا أن حكومة الجنزورى فاشلة، وهو غير صحيح.
3- توابع ما بعد الحوار
لم يجن الشاطر شيئا من الحوار مع سامى عنان، فقد ذهب إليه طامعا لا أكثر ولا أقل، وكان رد الفعل عصبيا للغاية، أصدرت الجماعة بيانا حادا اعتبره المجلس العسكرى تجاوزا فى حقه، حيث شككوا فى نزاهة المجلس وألمحوا إلى أن المحكمة الدستورية يمكن أن تحل البرلمان إرضاء للعسكرى، وكان مؤسفا أن تستخدم الجماعة تعبير «هيحطوا إيدهم فى الدرج يطلعوا الحكم».
وكان رد الفعل السريع من المحكمة الدستورية العليا أن اجتمعت جمعيتها العمومية، واختارت متحدثا رسميا باسمها، وأول ما سيعلن عنه المتحدث الرسمى باسم المحكمة أن أى طعن فى نزاهتها سوف يقابل قانونا ضد أى جماعة سياسية، بل أكدت مصادر من داخل المحكمة الدستورية أنها تدرس الموقف القانونى من تعريض بيان جماعة الإخوان بها.. ومدى إمكانية رفع دعوى قضائية ضد الجماعة.
لم يقف المجلس العسكرى مكتوف الأيدى، بل أصدر بيانا أظهر فيه العين الحمرا للجماعة، وكان أشد ما أغضب الجماعة فى هذا البيان ما جاء فيه من أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد ترفع فى مرات سابقة عن الرد على الافتراءات، باعتبار أن القوات المسلحة المصرية العريقة أسمى من الدخول فى جدل مع فئة أو جماعة.
فقد هزمت هذه العبارة غرور الجماعة وكسرت هيبتها، وهى الهيبة التى اعتقدت الجماعة أنها أصبحت كاملة بأغلبيتها البرلمانية، لكن رسالة المجلس كانت واضحة، عندما وجه حديثه إلى الجماعة دون أن يحددها، عندما قال: «لقد توهم البعض أنه يحق لهم الضغط على القوات المسلحة ومجلسها».
ولم تخف مصادر قريبة من المجلس العسكرى ضيق قيادات المجلس بشدة، مما أعلنه مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع الذى قال فى مؤتمر عقدته الجماعة فى كفر الشيخ من أن الجماعة لم تتزوج من المجلس العسكرى حتى يحدث بينهما طلاق، على اعتبار أن هذا تعبير لا يليق سياسيا، وكان يجب أن يترفع عنه مرشد الجماعة، الذى لابد عليه أن يعرف عمن يتحدث بالضبط.
4- المجلس العسكرى يبدأ الحرب
كان المجلس العسكرى يعرف أن جماعة الإخوان المسلمين تخطط لأن تجعل الجهاز المركزى للمحاسبات تحت سيطرة مجلس الشعب، وهو ما يجعله تابعا لسيطرة الجماعة، واستغلت الجماعة الاضرابات والاعتصامات التى جرت فى الجهاز خلال الفترة الماضية، للتأكيد على ضرورة أن يتبع مجلس الشعب.
فكان أن اجتمع اللواء حمدى بدين عضو المجلس مع قيادات الجهاز المركزى للمحاسبات، وأخبرهم بأن المجلس لن يتبع المجلس التشريعى، ولن يتبع مجلس الوزراء كذلك، وطلب بدين من رئيس الجهاز بالإنابة أن تحرر مذكرة بمشاكل العاملين بالجهاز، واتصل فى وجودهم بوزير المالية لتوفير الاعتمادات المالية اللازمة للجهاز، وفى اليوم التالى وصلت المذكرة بالفعل إلى مكتب المشير طنطاوى ومكتب وزير المالية فى الوقت نفسه.
كانت قيادات المجلس العسكرى تعرف كذلك أن هناك صلة كبيرة بين الأزمات الأخيرة وبين جماعة الإخوان المسلمين من أجل الضغط لإقالة حكومة الجنزورى، وكان من بين هذه الأزمات اعتصامات واضرابات عمال النقل العام، وتأكد أن النقابات المستقلة التى تقود الإضراب يقودها الإخوان المسلمون، فكان أن تحرك المجلس العسكرى لحل أزمة النقل العام على وجه السرعة من خلال النزول بأتوبيسات القوات المسلحة إلى الشوارع، وأكد سامى عنان أنه يمكن لهم أن ينزلوا بعدد أكبر من الأتوبيسات إذا استمرت الأزمة.
لكن الحل الأمثل كان احتواء غضب العمال، فقد تلقى رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتنى اتصالا من المجلس العسكرى، وطلبوا منه عقد اجتماع عاجل للجنة النقل بالمجلس تحضرها قيادات النقابات العامة والمستقلة والموازية لعمال النقل، وهو ما حدث يوم الاثنين الماضى بالفعل.
كانت شروط المجلس العسكرى ألا يتحدث أحد مع الدكتور كمال الجنزورى، وأن يكون الكلام كله مع الدكتور سعد الكتاتنى، وبالفعل تم الاتصال أربع مرات بين قيادات النقل والدكتور الجنزورى من خلال الدكتور الكتاتنى.
أصر المجلس العسكرى على عدم فرض عمال النقل لشروطهم، وبالفعل تم التوافق حولها.
طالب عمال النقل بأن تكون مكافأة نهاية الخدمة 100 شهر بدلا من أن تكون 54 شهرا فقط، لكن الجنزورى لم يوافق إلا على 72 شهرا فقط بمعدل شهرين فقط عن المدة القانونية التى يقضيها العامل فى الحكومة وهى 26 عاما.
رفض الجنزورى كذلك طلب العمال بنقلهم إلى وزارة النقل بدلا من تبعيتهم إلى المحافظة، وقال لهم إن الأمر يحتاج إلى دراسة، أصروا على تحديد مدة زمنية لهذه الدراسة، فوعدهم الجنزورى أن تنتهى هذه الدراسة فى أوائل يونيو القادم.
لقد اعتقد الإخوان أنهم يمكن أن يحركوا الخيوط كلها فى وقت واحد، دون أن يعترض أحد طريقهم، وما لا يعرفونه مثلا أن هناك تحركات مكثفة الآن داخل الاتحاد العام لعمال مصر من أجل التصعيد احتجاجا على اللجنة التأسيسية للدستور التى لم تضم سوى ممثل واحد عن العمال، رغم أن الاتحاد يضم 5 آلاف عامل، وهو ما يعتبرونه تجاهلا.. وقد هدد أحمد عبد الظاهر القائم باعمال رئيس الاتحاد بأن العمال إن لم يأخذوا حقوقهم فإنهم سيعلنون الإضراب العام، ولا يعتقد أحد أن الأمور بعيدة عن بعضها أبدا.
5- حقيقة ورقة عمر سليمان
كان الإخوان المسلمون يعتقدون أن المجلس العسكرى يلوح بورقة عمر سليمان ودعم ترشيحه رئيسا للجمهورية، من أجل مواجهة الإخوان المسلمين، وهو ما لم يكن صحيحا، لقد ألمح خيرت الشاطر إلى هذه الورقة أثناء حواره مع سامى عنان، الذى نفى الأمر تماما، قال له إنه لا يستطيع أحد أن يمنع عمر سليمان من ترشيح نفسه للرئاسة، لأنه فى النهاية مواطن مصرى، ومن حقه أن يفعل ما يراه صحيحا.
لكن ما جرى فعلا أن الفريق سامى عنان أجرى اتصالا بنفسه باللواء عمر سليمان وطلب منه ألا يشارك فى المليونية التى ينظمها مؤيدوه وكان مرتبا لها أن تخرج من ميدان روكسى إلى بيته، وهو ما استجاب له عمر سليمان على الفور، بل إنه أعلن أنه يعتذر عن الترشح للرئاسة، رغم احترامه الشديد لكل من أعلن تأييده له، لكنه يكتفى بالفترة التى عملها من أجل الوطن.. وأنه يترك المجال أمام آخرين ليسهموا فى مسيرة الوطن.
موقف عمر سليمان الذى كان مزعجا لجماعة الإخوان المسلمين جدا، وضع الجبهة الثورية التى أعلنت تأييده وسعت إلى جمع التوكيلات له فى حرج بالغ، وبعد أن كانت تعد للمليونية التى تتجه إلى بيته على قدم وساق، أصدرت بيانا تعلن فيه أنه مراعاة للظروف الدقيقة التى تمر بها البلاد والتى بسببها جاء ترشيحنا لعمر سليمان رئيسا، ومراعاة للتوترات الموجودة بالفعل فى الشارع المصرى، فإنهم قرروا تأجيل المسيرة لوقت لاحق.
بيان الجبهة جاء متناقضا ومتهافتا جدا.. لكنه لم يصل إلى السبب الحقيقى الذى أعلن عمر سليمان انسحابه من الصراع الانتخابى من أجله.. تاركهم وراءه محبطين، لأنهم أيدوا رجلا انسحب فى اللحظة الأخيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.