د. جمال زهران المثل الشعبي واسع الانتشار وهو اسمع كلامك اصدقك اشوف امورك او افعالك استعجب، ينطبق تماما علي تلك الجماعة المسماة ب »الاخوان المسلمون« فاحاديث مرشدها وزعاماتها ورموزها الذين يملأون وسائل الاعلام صياحا وصراخا ووعودا، تسير في اتجاه، بينما افعال هذه الجماعة ومن خلال نفس رموزها تسير في اتجاه عكسي الامر الذي يقطع دون ادني شك ان هؤلاء مخادعون، كاذبون، لا يفصحون عن حقيقة نواياهم في السيطرة والتمكين بدافع »الشبق السلطوي« بأي ثمن حتي لو ادي ذلك الي وصم الجماعة وقادتهم بالكذب والمخادعة. وقد تعجبت كثيرا عندما قرأت جريدة الاهرام »الاثنين الماضي 2012/4/2« حيث نشرت الجريدة مقالا لما يسمي بمرشد الاخوان تحت عنوان »من اخلاق النهضة« استتباعا لمقالات سابقة عن النهضة الاخلاقية بداية التقدم.. الخ ومصدر تعجبي انهم يقولون معسول الكلام في الدين، ويفعلون العكس في السياسة، فهل من الاخلاق ان يعلن المرشد نفسه صاحب المقال كلاما ثم يتراجع عنه بدون مبرر كأن يقول مثلا: لن نرشح اخوانيا لمنصب الرئاسة وان د. عبدالمنعم ابوالفتوح يمثل نفسه ولا يمثل الاخوان، ثم نفاجأ بالتصرف المضاد بموافقة الاخوان علي ترشيح خيرت الشاطر ليكون رئيسا للجمهورية!! أليس من جوهر الاخلاق الاسلامية الالتزام بالوعد، وان النبي صلي الله عليه وسلم في حديث معروف للكافة فيما معناه: »آية المنافق ثلاث: اذا تحدث كذب واذا اؤتمن خان، واذا وعد اخلف«؟! الا ينطبق هذا الحديث علي ما يقوله الاخوان كذبا ونفاقا وخيانة؟! الامر معروض علي الجماهير ليعرفوا حقيقة هؤلاء الذين يصرون علي الاحتكار السياسي علي عكس ما يقولون، وهم بالتالي متهمون وفقا لحديث النبي صلي الله عليه وسلم بالخيانة وانا اصفها بالخيانة السياسية لانهم انقلبوا علي كل وعودهم السياسية مع القوي صاحبة المصلحة في الثورة، ومن حق الجميع جني الثمار معا ولا شك ان الاستناد في التحليل السياسي لاهل الرأي من نفس الفصيل الاخواني، هو اصدق من الاستشهاد بآراء المنافسين، الامر الذي يقطع بصدق الاستشهاد لانتفاء عنصر »المصلحة السياسية«. ومن بين من اعلن ان الاخوان آخر من اشتركوا في ثورة 25 يناير 2011، واول من انسحب من الميدان، واكثر من حصل علي المكاسب من الثورة الدكتور كمال الهلباوي وهو احد اهم ركائز الاخوان، حيث قال عن نفسه في حديث مؤخرا »أنا الاخوان«.. وتأكيدا لكلامه ومن واقع معايشتي لجميع القوي السياسية قبل واثناء وبعد الثورة فان رموز الاخوان كانت تؤكد علي المشاركة لا المغالبة، وصارت مغالبة لا مشاركة وكانت تؤكد ايضا علي »الدستور التوافقي«، وتشكيل جمعية تأسيسية بالتوافق واتضح انها جمعية تأسيسية وفقا لارادة الاغلبية وسطوتها وحدوث تحالف بين الاخوان والسلفيين وقالت الرموز: لا للحكومة، ونحن لا نطلبها، وذهب كل من د. محمد مرسي، د. محمد الكتاتني للدكتور كمال الجنزوري »رئيس الحكومة« في مكتبه لتأكيد الولاء والقبول، ثم انقلبوا عليه ويصرون علي سحب الثقة وهي مما لم يرد في الاعلان الدستوري، الذي يفسره المجلس العسكري والذي قبله الاخوان من قبل بعد استفتاء »الفتنة السياسية« في 30 مارس 2011!! وقالت الرموز ايضا: لا لمرشح اخواني لرئاسة الجمهورية حرصا علي مصلحة الوطن وحتي لا يظن بنا احد شيئا، ثم اعلنت الجماعة وعلي لسان المرشح، مرشحا لها في الرئاسة هو المهندس خيرت الشاطر!! وفي تقديري، فان الجماعة - غير الشرعية - فضلت - كما كانت تفضل دائما مصلحتها السياسية علي مصالح الوطن، لانها علي ما يبدو فان وطنها الذي تعتقد فيه هو ليس الوطن المصري، بل يتجاوزه الي حدود »الامبراطورية الوهمية«، ويرون ان »الخلافة« هي اساس نظامها كما عبر عن ذلك مرشدهم فهي فضلت ان تعطي ظهرها للثورة التي شاركت في البداية مشاركة رمزية فيها وعندما تأكد نجاحها شاركوا بكثافة حتي كانت الجماعة اول المنسحبين وذلك تحقيقا لمصلحة الجماعة علي مصلحة الوطن. وفضلت المغالبة عن المشاركة والاستئثار بالسلطة في مجلسي الشعب والشوري وبالتحالف مع السلفيين واستعراض قوتهم باسم الاغلبية تحقيقا لمصالحهم علي مصالح الوطن وطالما ان الوضع كذلك فان فضح هذا السلوك المخادع عند ممارسة هؤلاء للسلطة، وتبصير الجماهير بهذا السلوك الكاذب والوعود الكاذبة التي تستعلي علي الاخرين وتهمل القوي المنافسة ولا تعترف بهم وتركز كل تفكيرها علي السيطرة علي مقاليد الامور في البلاد، مهما كان الثمن ويتوهم قادة الجماعة غير الشرعية التي لم تقدم نموذجا اخلاقيا او وطنيا حقيقيا في الممارسة السياسية، ان ذلك من اساس دعم شعبيتهم ولا يظنون ان الجماهير قد انقلبت عليهم ولعل في الدرس الذي اعطاه الشعب لهم وللجميع حيث حرص علي عدم المشاركة في انتخابات مجلس الشوري، وكانت نسبة المشاركة في المتوسط 5٪ بينما تجاوزت النصف 50٪ حسب ما اعلنته اللجنة العليا للاشراف علي الانتخابات البرلمانية، وذلك في انتخابات مجلس الشعب!! فقد انصرفت الجماهير عنهم وعند اول انتخابات سيري هؤلاء الواهمون حقيقة شعبيتهم بعد ان انكشفت ادعاءاتهم، وانكشف اداؤهم الهزيل عند توليهم السلطة بحكم الاغلبية، وحينما انكشف كذب وعودهم بما اوصلهم لدي الجماهير حسب نص حديث النبي صلي الله عليه وسلم الي اعتبارهم منافقين!! اما ما قاله د. محمد حبيب احد زعامات الجماعة السابقين، عن اختيار خيرت الشاطر لانتخابات رئاسة الجمهورية في حديث له ان الشاطر غير مؤهل لمنصب الرئيس وليس له تجربة في العمل السياسي، ولا يعقل ان يتولي رجل اعمال رئاسة الجمهورية وارفض زواج السلطة بالمال »المصري اليوم 4/2 والدستور 4/2« وفي مقالين متتاليين للكاتب فهمي هويدي في جريدة الشروق ان الاخوان ارتكبوا خطيئة سياسية، ووقعوا في الفخ بترشيح خيرت الشاطر.. وفي حديث للدكتور كمال الهلباوي الذي استقال فور اختيار الشاطر، اكد علي ان الاخوان يتصرفون بطريقة ستؤدي الي تفككهم نتيجة انعدام الرؤية وفي مقال لعبدالجليل الشرنوبي »مدير موقع اخوان لاين سابقا«، اكد علي ان الشاطر في معركة الرئاسة نموت نموت ويحيا التنظيم، وان الجماعة خلال عام كامل تراجعت عن وعودها وآخرها ترشح خيرت الشاطر رئيسا للجمهورية! وفي ضوء ما سبق يمكن استخلاص ما يلي: 1- ان ترشيح الشاطر رئيسا باسم جماعة الاخوان هو تأكيد علي ان الهدف هو اقامة الدولة الدينية لتحل محل الدولة العسكرية التي حلت محل الدولة البوليسية لحسني مبارك. 2- ان ترشيح الشاطر هو تأكيد للسعي نحو التمكين التام من جميع السلطات التشريعية والتنفيذية وفي الطريق القضائية، وبالتبعية جميع وسائل الاعلام. 3- ان ترشيح الشاطر هو اعادة انتاج نظام مبارك، لانهم يعملون علي قواعده وسياساته ورموزه وليس هناك ما ينبئ انهم يمبلون للتغيير وبالتالي هم يدعمون القوي المضادة للثورة، ويسهمون في الاجهاض الكامل للثورة تنسيقا مع المجلس العسكري الذي يشاركهم الهدف وقد يختلف معهم في الوسائل، ولكن ماذا هم فاعلون؟! 4- ان ترشيح الشاطر هو تأكيد علي تزاوج السلطة بالمال، باعتباره احد رموز المال في مصر وله علاقات وطيدة مع رموز المال في عهد حسني مبارك. 5- ان ترشيح الشاطر رجل الاعمال، حال نجاحه سيكون اول رجل اعمال يتولي السلطة في مصر، دعما للرأسمالية واجهاضا لفكر العدالة والاشتراكية وهي سابقة تاريخية في مصر غير مسبوقة وفي النهاية فقد اعطي الترشيح قبلة الحياة لرجال الاعمال بعد ان كادوا يدخلون الجحور من فرط فسادهم. 6- ان ترشيح الشاطر يؤكد علي نية الجماعة وحزبها، ان مكافحة الفساد في عهدهم، امر بعيد المنال. الامر الذي يكاد يقطع بلا شك بان حدثا كبيرا يتوقع حدوثه، في ظل هذه التطورات المعادية والمضادة للثورة والله الشاهد ولا زال الحوار متصلا ومستمرا.