طوال الثلاثين عاما الماضية كانت الصيحات والعويل من الظلم والإقصاء الذي يمارسه النظام البائد وحزبه الوطني المنحل ذو "الأغلبية" المهيمنة ضد جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة" سابقا وحزبها الحرية والعدالة ذو "السيطرة" حاليا، والآن تشتكي جميع القوي الثورية منذ فوز الحرية والعدالة بأغلبية البرلمان "بفعل فاعل" بمجلسيه وهيمنته المفرطة برئاسة لجانه متمثلا بسابقه "المنحل" بل والرد علي معارضيه بنفس اللغة في الاستحواذ الثالث في معركة تأسيسية لجنة الدستور وإصرارهم علي نسبة 50% من البرلمان و50% من خارجه "الإخواني" وكله "بالانتخاب الموجه" كما كان يفعل النظام السابق "الورقة الدوارة" بالقول "لا نقبل ديكتاتورية الأغلبية ولا ديكتاتورية الأقلية" نفس العبارة كانت تطلق من رموز الأمس عند تمرير إي قانون أو تعديل دستوري ردا علي إي انتقاد من رموز معارضة الأمس "شكلا" سواء إخوانية "محسوبة" وأحزاب كرتونية "عميلة" أو رموز وطنية "مغلوبة الأمر". فعند عقد مقارنة لفكر جماعة الإخوان وحزبها السياسي الحرية والعدالة "الأغلبية" القائم علي مبدأ السمع والطاعة والمبايعة ورفض الجدال، والذي لا يصلح إلا في النظم الاستبدادية "بالوطني" وعدم قبوله بمبدأ الحوار والرأي الآخر أو الديمقراطية والشفافية، وهذا واضحا كالشمس من المناقشات داخل البرلمان "التشابك بالألفاظ والأيدي" مع باقي النواب من الاتجاهات السياسية والحزبية والمستقلين "الأقلية" بل ربما "سرور" و"الكتاتني" وجهان لعملة واحدة أو رموزهما "عز" و"إبراهيم" و"هلال" و"البلتاجي" نفس احتكار السياسة ولغة التعالي والتلاعب بالألفاظ وكره الاختلاف وتخوين المنافس واتهامه بالعمالة وتمويله الخارجي أو أجندات بل وتلويث تاريخه وكبت صوته وصورته، وكذلك في عقد الصفقات المشبوهة مع خصومه السياسيين فكما فعل "الوطني" مع "الإخوان" قبل الثورة وترددهم في شرارة التفاعل مع الثورة والثوار بحجة عدم الخروج علي الحاكم وإن كان ظلما متناسين فضل أعظم أنواع الجهاد وهو قول "كلمة حق عند سلطان جائر"، ومتجاهلين أسباب ثورة شعب عاني من جوع وبطالة وفساد وتكبر وقهر واستبداد وتعاون مع اليهود وخضوع وهوان للغرب والشرق وتزوير فاضح لإرادة الشعب في الانتخابات خرج عن حدود المنطق والعقل وكان في بعض الأحيان يزور لبعض معارضيه "شكلا" حتى يخفف من صورته الهزلية، ولما تحقق الحلم من شباب الثوار الأطهار بعد مئات الشهداء والآلاف الإصابات والعاهات، فركبتم ثورة شعب وأمسكتم بدفة الوطن بالتوافق مع "العسكري" قليل الحنكة السياسية "مقصودة أو غير مقصودة " وفرضتم الوصاية برموزكم منذ التعديلات الدستورية "بداية المتاهة" لتصلوا إلي انتخابات مجلسا الشعب والشورى "بتجاوزات المنحل" قبل وضع الدستور علي مقاسكم لضمان هيمنتكم بعد اختيار أعضاء الهيئة التأسيسية في صفقة مشبوهة مع المجلس العسكري وحزب النور السلفي بالمخالفة لكل الأعراف الدستورية في وضع الدساتير بهدف "ترك حرية كتابة الدستور كيفما تريدون في مقابل احتفاظ العسكري بامتيازاته وصلاحيته وخروجه الآمن"، وليس فقط باختيار50% منكم بل اختيار النصف الآخر من "الموالين" في الفكر والاتجاه، ومما يعرض دستور مصر لإبطاله من المحكمة الدستورية العليا للمخالفة في تفسير الإعلان الدستوري"، فالتشابه وصل لنفس الممارسات السابقة والتي كانت وقودا للثورة علي الهيمنة والاستبداد ولكن بأغلبية إسلامية تتجاهل المعارضة وجموع طوائف الشعب مستخدمة نفس مصطلحات "الوطني" التي كان يقولها "للمحظورة" ساخرا متهكما "خليهم يتسلوا" واليوم "الإخواني" يقول "موتوا بغيظكم" مما يجعلنا ندرك أن هناك اتجاه للهيمنة علي النظام والإنفراد باتخاذ القرارات في المواقف الوطنية، والتجاهل المقصود لكل أطياف الشعب والقوي السياسية وتمثيل الشباب والمرأة والأقباط والشخصيات الثورية "البرادعي" والعلمية "زويل" والدستورية "فرحات"، ومما يعيد "الإخوان" لإنتاج "الوطني"، بالإضافة إلي القول نحن الأغلبية وعن طريق "الصندوق الانتخابي" وحقنا في فرض الوصاية، فلا وألف لا أو كما قال مرحوم الصحافة الضاحك جلال عامر "طظ في الصندوق" فهو إن كان الوسيلة الوحيدة للاحتكام فليس معبرا عن الإرادة الحقيقية لشعب نصفه أمي ونصفه فقير ونصفه يخدع نصفه بشعارات الدين، ولذلك نريد دستورا لكل المصريين يحصن حقوقه الأساسية ومعبرا عن الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم ويضمن تمثيل جميع فئات وقوي المجتمع وأقليته وبدو سيناء والنوبيين في كتابته والتوافق عليه، دستورا يضعه الشعب دون استئثار لتيار سياسي واحد أو إقصاء لأحد ويضمن التوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.. وألا سيكون تكرار للفشل التاريخي "للوطني" من "الإخوان" وربما يؤدي لثورة تصحيحية لمسار بدأ خطأ منذ ترك الثوار ميدان التحرير يوم تنحي"المخلوع" أو السكوت علي من يعتمد سياسة الأرض المحروقة عقوبة لشعب أراد تحقيق حلمه في دولة مدنية متقدمة.. حقا فما أشبه اليوم بالبارحة. المزيد من مقالات محمد مصطفى