إن الحديث عن العلاقة بين الطائفتين السنية والشيعية بمصر بدأ حاليا فى شغل حيزا ليس بالهين داخل العقل الثقافى المصرى المشكل حديثا بعد ثورة يناير التى لا تزال فى مرحلة البحث عن الذات تعبث وتنفلت وتتأخر وتقاوم. ولعل أهم من خلق هذا الحيز هو من تحدث عن الإسلام السنى ودافع باسمه عن معتقداته التى بدلها بعد الوصول لتمكين وعدنا بالخير بعده والنهضة. استضاف برنامج "الحدث المصرى" المذاع على قناة "العربية"، أمس الاثنين، الكاتب الشيعى أحمد راسم النفيس، والدكتور صفوت حجازى الداعية الإسلامى، لمناقشة زيارة الرئيس أحمدى نجاد إلى مصر ووضع الشيعة فى مصر فى ظل التيارات الإسلامية المتهمة من التيارات المدنية بمعاونة جماعة الإخوان فى تمكينها من السلطة فى مصر لمصالح شخصية، مستخدمة العنف وإرهاب الآخر. فقال الدكتور صفوت حجازى، إنه رافض لأى وجود إيرانى أو شيعى فى مصر، مشيرا إلى أنه لا يقبل وجود أى علاقة اقتصادية مع إيران، خاصة فى مثل هذه الظروف التى تمر بها فى مصر. وأضاف أن إيران عندما تحل فى أى مكان لا يوجد خير وراؤها، مضيفا أن ما يحدث فى سوريا يفيد بأن إيران تدافع عن بشار. وأوضح أن مصر غير مستعدة لهذا الشر الآن، مشيرا إلى أن إيران تركت النصارى فى أفريقيا لتشيع أهل السنة بها، مضيفا أن إيران صاحبة مذهب وعقيدة باطلة، لكنها تدافع عنهم، ومؤكدا أنها تريد إعادة إمبراطورية فارسية قديمة. فيما قاطع الكاتب الشيعى، أحمد راسم النفيس، "حجازى" قائلا: "لا أقبل أن يقال لفظ كافر على أى شيعى". وتابع: "إن الذين يسبون الناس بغير حق ويكفرونهم لا يحترمون العقلانية ولا الأزهر، الذى أتى إليه الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد، فيما لم يهاجمه أى من علماء الأزهر". وأضاف: "إن الخوارجى الذى ذهب ليقتل الإمام على، خرج وهو يتلو قوله تعالى: (ومن يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله)، مؤكدا أن المسلمين تم ابتلاؤهم بالتيارات التكفيرية، التى لا تقتصر على تبادل الشتائم وإنما تمتد إلى القتل وإباحة الدماء". ورد "حجازى" أن مستقبل المذهب الشيعى ليس له مكان على أرض مصر، مؤكدا أن الشعب المصرى متدين بطبيعته ويعشق الدين الإسلامى، ولا خوف عليه من التنصر أو التهود، مضيفا: "لكن عندما يأتى دعاة الشيعة ليضحكوا على المصريين ببعض الأحاديث الكاذبة والآيات فهذا هو الخطر الحقيقى عليهم؛ لأنهم أصحاب مذهب يقوم على الكذب والتضليل". فقال "النفيس": "إنه يجرح المصريين فى كرامتهم وعقيدتهم، فهو يرى الصوفية من وجهة نظره نوع من البلاهة"، فيما قاطعه "حجازى" قائلا: "لا أسمح لك أن تقول هذا على لسانى"، فرد عليه "النفيس": "أنت أستاذ فى الكذب والافتراء"، مؤكدا أن معركة الشيعة الآن هى مع التكفيريين الذين يريدون جلد الأمة بالسياط وقتل كل من يتمرد عليهم. وردا على التساؤل عن مصادر التمويل الشيعى داخل مصر، قال "النفيس": "لسنا نحن الممولين من الخارج، ويُسأل عن التمويل الدولة التى تعلن على الملأ مساندتها ودعمها وتمويلها للفكر الوهابى فى العالم العربى"، فى إشارة منه إلى السعودية. وتابع: "لم يكن فى مصر هذا الكم الهائل من الوهابيين الموجودين الآن، ولم يكن هناك وجود لمثل هذه التنظيمات التكفيرية التى خرجت من رحم الفكر الوهابى، والتى تتوعد الشيعة"، مضيفا: "ولعل مأساة سيناء التى يكاد التيار التكفيرى أن يهيمن عليها خير دليل على خطورة هذا الفكر". فهل تشهد الأيام المقبلة انتصارا سهلته مؤسسة الرئاسة التى أفرجت عن الفكر الشيعى بمصر بعد زيارة زعيم الدولة ذات الكثافة الشيعية الأكبر فى المنطقة، ما يجعل الشيعة بمثابة السد للمد السلفى الوهابى فى مصر، المعارض مؤقتا للإخوان المسلمين، أم أن الأمر ليس أكثر من تسالى برامج "توك شو" يتجمع حولها الراغبون فى مزيد من البلبلة الثقافية والفكرية؟.