"أعطني الناي وغني، فالغنا سر الوجود"، صوت فيروز الذي ينطلق في الصباح فيبعث في الأمل ويخلقه، يحب هذه الأغنية الكثيرون، يرددونها، ولكن قلما تجد من يعرف كاتبها، ذلك الفيلسوف الذي عشق جبال لبنان، ولوعته غربته، جبران خليل جبران، ابن الجبال اللبنانية الخصيبة، راهب الأدب ورسام الكلمة. فيروز وجبران جاءت فيروز من بعده لتغني رائعته، قصيدة المواكب، كما غنت له مقاطع كاملة من كتاب النبي، بالإضافة لقصيدة الأرض والتي مطلعها سفينتي بانتظاري، وأخيرا غنت له قصيدة يا بني أمي لتبقى المطربة الشهيرة فيروز هي أكثر من تغنى بقصائد جبران، وكأن الأنقياء يستدلون على بعضهم، حتى لو كان كل منهم في زمان مختلف. ولم يقف صدى كلمات جبران عند فيروز فحسب، ولكنه انتقل إلى قلوب مبدعي العالم، ليستقر بين دقاتهم، وينفرد بعزف ألحانٍ غاية الروعة على أصواتهم، التي تثبت بقاءه حيًا بكلماته في وجداننا، حتى لو اغتاله الموت والمرض منا. حناجر غنت لجبران وقد غنت فرقة البيتلز مقطعا من قصيدة رمل وزبد، حيث يقول المقطع: "نصف ما أقوله لك لا معنى له، غير أني أقوله لعل النصف الآخر يبلغك"، استخدمه المغني جون لينون مع تغيير طفيف في أغنية Julia التي أصدروها سنة 1968. كما أفرد الفنان الأمريكي اللبناني جبريل عبد النور لقصائد جبران ألبومًا كاملًا، وغنت فرقة (Mr. Mister) له قصيدة الأجنحة المتكسرة، إضافة إلى عزف فنان الجاز الأمريكي جاكي ماكلين مقطوعة موسيقية سماها جبران النبي.