75٪ امتنعوا عن سداد فواتير الكهرباء.. و96٪ رفضوا دفع ضرائب الأطيان.. و73٪ لم يسددوا استهلاك مياه الشرب الحاجة أم الابتكار.. هكذا بدأ الشعب المصري التعامل مع الأحداث التي تجري حوله، بعد أن فقد الأمل في أي تغيير بعد الثورة.. وبهدوء تام وبعيدا عن الاعتصامات والمظاهرات التي تطلق شعارات رنانة لاتقدم شيئا في أحوالهم المعيشية في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار في كل شيء، قرر قطاع عريض منهم الامتناع عن سداد قيمة فواتير المياه والكهرباء وضريبة الأطيان الزراعية، في ظاهرة أشبه بعصيان مدني دون ضجيج. بعيدا عن الكلمات الإنشائية تدون «فيتو» خلال السطور القادمة أرقام الممتنعين عن سداد هذه الفواتير في القطاعات الثلاث والخسائر من وراء هذا.. قطاع الكهرباء علي سبيل المثال، وكما أعلنت الوزارة نفسها، امتنع فيها 75 % من المشتركين عن سداد فواتير أشهر سبتمبر وأكتوبر، بقيمة إجمالية بلغت 142 مليون جنيه، بسبب الارتفاع غير المبرر في قيمة فواتير الاستهلاك، التي وصلت في بعض المنازل الي 800 جنيه، في حين كان يدفع أصحابها في الظروف العادية 90 جنيها علي أقصي تقدير، وهو ما جعل الوزارة تهدد الممتنعين عن السداد علي لسان الدكتور حافظ سلماوى، رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، بفصل التيار. الخطير في الأمر أن هذه الظاهرة لم تتوقف عند الكهرباء..فنسبة المواطنين الممتنعين عن سداد فواتير مياه الشرب، جاءت متقاربة من نسبة الكهرباء حيث بلغت خلال الشهرين الماضيين، 73%، بقيمة إجمالية 70 مليون جنيه.، وكانت أسباب الامتناع عن السداد هي نفسها أسباب الامتناع عن سداد فواتير الكهرباء تقريباً. الفلاحون هم الآخرون دخلوا علي خط العصيان المدني، بعد امتناع ما يقرب من 96% منهم عن سداد قيمة ضريبة الأطيان الزراعية، والتي تقدر قيمتها ب 45 مليون جنيه سنوياَ، فلم تتعد نسبة الملتزمين بالسداد 6%. نفس الأمر انطبق علي 44 ألف مزارع امتنعوا عن سداد 300 مليون جنيه تقريباً، قيمة مديونياتهم لدي بنك التنمية والائتمان الزراعي، برغم قرار الرئيس محمد مرسي بإعفائهم من الفوائد، بشرط سداد أصل الدين مجدولة علي 10 سنوات، بسبب المعاناة الشديدة خلال الفترة الماضية من ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، والانخفاض الحاد في أسعار المحاصيل الزراعية. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل الي أن حوالي 35% من تلاميذ المدارس في مرحلة التعليم الأساسي لم يقوموا بتسديد المصروفات الدراسية، بالرغم من ضألة قيمتها. المصريون البسطاء الذين «عروا»النظام السابق أمام العالم، وامتنعوا عن الذهاب الي الانتخابات المزورة التي كان يجريها، اعتراضاَ منهم علي نظام الحكم، وتعبيراَ عن عدم ثقتهم فيه، فكانوا نواة ثورة يناير، هل سيكونون هم أنفسهم بداية النهاية لحكم الإخوان من خلال إعلان العصيان المدني؟