العلاقات الاقتصادية بين مصر و السعودية حبلى بمشروع مهم, تأخر ميلاده لأكثر من ربع قرن, رغم فوائده العظيمة, و أخيرا بدت انفراجة وبات الجنين على وشك التكوين, ليخرج للنور, عملاقا, يقفز بقو,ة لا رضيع يحبو كأقرانه.. و فى قصتنا الوليد المنتظر هو الجسر البرى بين مصر والمملكة, عبر خليج العقبة, والمزمع تدشينه قريبا, و عنه يتحدث ل«فيتو» اللواء مهندس فؤاد عبد العزيز, رئيس جمعية الطرق و الكبارى, كاشفا عددا من الأسرار التى أجلت المشروع إلى ما بعد ثورة يناير.وأخيراً تم الإعلان عن البدء فى أ| إنشائه فلنبدأ بأسباب تأخر تنفيذ المشروع.. ما هى؟ فى عام 1988 اتفقت مصر والسعودية فى أثناء زيارة الراحل الملك فهد بن عبد العزيز, على إقامة الجسر البرى بين البلدين, وتسميته باسم «جسرالملك فهد»,ودون سبب واضح تعطل المشروع, وقيل إن الرئيس السابق خشى من تحذيرات إسرائيلية تقول إن هذا الجسر سيسهل دخول الإرهابيين إلى شرم الشيخ, كما انه سيشطر المدينة التى يعشقها المخلوع إلى نصفين , و لهذا تم تعديل مسار الكوبرى. لكن يقال إن إيران وإسرائيل تعارضان إقامة الجسر ؟ البعض قال ذلك بدعوى انه يسهل نقل القوات والجيوش العربية بين آسيا و إفريقيا حال تعرض أى من الدول العربية هنا أوهناك لهجوم من قبل تل أبيب أو طهران , غير أننى لا اعتقد أن إسرائيل مارست ضغوطا لمنع تنفيذ المشروع, لأن الشركة التى كانت ستتولاه هى «بكتل» الأمريكية, وهو ما يعنى موافقة الولاياتالمتحدة حليفة إسرائيل. وما جدوى المشروع و تكلفته؟ التكلفة لن تزيد على ثلاثة مليارات جنيه, للجسر الذى يصل طوله لنحو 50 كيلو مترا, و يقام بنظام ال«B.O.T» فتدفع واحدة من الشركات السبع التى تقدمت للمناقصة – حتى الآن – تلك التكلفة وتتولى إدارة المشروع لعشر سنوات, لا 15 سنة كما فى بعض المشروعات, و للتأكد من جدوى الكوبرى يمكن بحسبة بسيطة القول بأنه كان سيوفر المليارات الثلاثة فى خمس سنوات من فارق تكلفة شحن البترول السعودى إلى أوروبا, بواقع دولار واحد فى البرميل, والمملكة تصدر يوميا 1.5 مليون برميل! ما السر فى تراجع الدكتور عصام شرف عن تنفيذه وقت كان رئيسا للوزراء؟ بالفعل تم فتح الملف مرة ثالثة بعد تولى الدكتور شرف رئاسة الحكومة , غير أن ظروف مصر بعد الثورة مباشرة لم تكن لتسمح بإقامة مشروعات عملاقة ذات تكلفة عالية. قلت مرة ثالثة.. هل يعنى ذلك أن الملف فتح مرة ثانية من قبل؟ نعم, كان ذلك قبل نحو سبع سنوات, غير أن الرئيس المخلوع رفض تنفيذ الجسر البرى رغم طلب الملك عبد الله بن عبد العزيز, وهذا يعكس إصرارا تاما من الجانب السعودي على انجاز المشروع , وسبق للمملكة إنشاء جسور مشابهة مثل الجسر بينها وبين البحرين . و هل تقتصر جدوى المشروع على الفوائد الاقتصادية ؟ بالعكس, هناك فائدة اكبر وهى أن الجسر البرى سيكون حلقة الوصل بين الوطن العربي شرقه وغربه دون المرور بعقبة إسرائيل المزروعة بين الجانبين , كما انه سيكون نواة للسوق العربية المشتركة, و إذا كانت عملية الإنشاء ستستمر لثلاث سنوات فيمكن إقامة مشروعات حوله لنبدأ فى الحصاد مبكرا.