عاد الجسر المزمع إنشاءه بين مصر والسعودية إلى واجهة الأحداث من جديد، والذي طال انتظاره، بعدما دفن لسنوات، بسبب ضغوط إسرائيلية على الرئيس السابق حسني مبارك ، وهو مشروع جسر عملاق للمرور والسكك الحديدية طرحته الحكومة السعودية على الحكومة المصرية لربط مصر من منطقة منتجع شرم الشيخ مع رأس حميد في منطقة تبوك شمال السعودية عبر جزيرة تيران، بطول 50 كيلومترا. ففي عام 1988كان العاهل السعودي الراحل الملك فهد في زيارة لمصر, وتم خلالها الاتفاق علي اقامة هذا المشروع الذي ستقطعه السيارة في 20 دقيقة ، وظل المشروع يراوح مكانه الي أن أعادت السعودية إحياءه مرة أخري في زيارة للملك عبد الله بن عبد العزيز إلي منطقة تبوك حيث أعلنت السلطات هناك انه سيتم وضع حجر الاساس لهذا المشروع.
وفي مارس الماضي اتفقت مصر والمملكة العربية السعودية على إعادة إحياء مشروع الجسر البرى الذى طال الحديث عنه لربط الدولتين، واتفق الطرفان على تسمية المشروع العملاق ب"جسر الملك عبدالله بن عبدالعزيز".
رفض مبارك
وبعد نشر هذا الخبر انقلب الموقف المصري رأسا علي عقب وخرج الرئيس السابق حسني مبارك ليعلن رفضا قاطعا لإنشاء هذا المشروع بدعوي كما قيل في حينها انه سيؤثر علي السياحة في شرم الشيخ ، مؤكدا انه رفض إنشائه حتي لا يؤثر علي المنتجعات السياحية في مدينة شرم الشيخ . وأشار مبارك حينها إلى إلحاق الضرر بالمشاريع السياحية وإفساد الحياة الهادئة والآمنة هناك مما يدفع السياح إلى الهروب منها.
وفي هذا الإطار نفى مبارك في حوار صحفي علمه بأي مشروع مفترض لجسر بين مصر والسعودية، وأضاف في حوار صحفي مع جريدة المساء المصرية "أن ما أثير مؤخراً عن وضع حجر أساس الجسر البري لربط مصر بالسعودية مجرد إشاعة وكلام غير حقيقي لا أساس له من الصحة.
وقُبل هذا الرفض حينها من قبل خبراء ومراقبين المصريين بدهشة واستغراب لما ذكر أنه سيعود بنفع وجدوي اقتصادية مفترضة لكل من مصر والسعودية .
تهديد لإسرائيل والأردن
وقال موقع صوت إسرائيل باللغة العربية إن إسرائيل تعارض فكرة إقامة الجسر البري بين مصر والسعودية، نظرًا لأن الدراسات الهندسية أوضحت وقوع هذا الجسر فوق جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل خليج إيلات، الأمر الذي سيجعل الجسر يمثل تهديدًا استراتيجيًا على إسرائيل.
وكشف الموقع أن إسرائيل ترى أن هذا الجسر سيعرض حرية الملاحة من وإلى خليج إيلات للخطر. وأوضح أن إسرائيل أعلنت مرارًا أنها تعتبر إغلاق مضيق تيران سببًا مباشرًا للحرب.
وعرض الموقع نص المادة الخامسة من معاهدة كامب ديفيد الموقعة بين إسرائيل ومصر عام 1978، وهي المادة التي تؤكد حق حرية الملاحة عبر مضيق تيران والتي تقول: "يعتبر الطرفان مضيق تيران من الممرات المائية الدولية المفتوحة لكافة الدول دون عائق او ايقاف لحرية الملاحة او العبور الجوي، كما يحترم الطرفان حق كل منهما في الملاحة والعبور الجوي من وإلى أراضيه عبر مضيق تيران".
اللافت أن الموقع عرض أيضا اسباب اعتراض الأردن على إقامة هذا الجسر قائلا: إن الأردن ترى أن الجسر السعودي المصري سيسبب الكثير من الخسائر الاقتصادية لها ، خاصة وأن الجسر ،والحديث للموقع، سيؤثر سلبيًا على الخط الملاحي لميناء العقبة الأردني الذي يشكل المنفذ البحري الوحيد للاردن. كما سيؤثر سلبيا أيضا على الخط الملاحي لميناء نويبع المصري.
وقال الموقع: إن الخط الملاحي لميناءي العقبة ونويبع يخدم حاليًا أكثر من 800 ألف راكب ومعتمر وحاج سنويا، وأكثر من 100 الف سيارة وشاحنة تنتقل بين مصر والأردن وسوريا والعراق والسعودية.
ممراً دولياً
وسيكون هذا المشروع أول جسر يربط قارتي أسيا وأفريقيا ومدة عبوره كانت لن تتجاوز عشرون دقيقة ، وسيسهل من مرور الحجاج من وإلي مصر، وسيحدث حركة تجارية كان ستستفيد منه مصر والسعودية يقدر بمليارات الدولارات سنويا ، وحسب تخطيط رئيس الجمعية العربية للطرق الذي اقترح المشروع "كان سيمرر خط أنابيب تنقل النفط السعودي إلي المواني المصرية في البحر المتوسط عبر خط "سوميد" المصري للبترول.
ووفقاً لمحللين اقتصاديين، سينعش الجسر الحركة التجارية بين البلدين، ويصبح ممراً دولياً لدول الخليج العابرة إلى دول شمال أفريقيا، وهو ما يسهم في تحقيق تنمية شاملة لكل المنطقة الشمالية للمملكة، وخاصة تبوك، كما سيعمل على إنعاش الحركة التجارية في ميناء ضباء، بجانب تعظيمه من المكانة السياحية لمنتجع شرم الشيخ الذي يقبل عليه السياح الخليجيون.
بعد الثورة
وجاء إحياء الحديث عن المشروع بعد ثورة 25 يناير على لسان الدكتور عصام شرف رئيس الحكومة الاسبق ، حيث أعلن أنه تم التوصل مع الجانب السعودي إلى الإتفاق حول البدء في المشروع الضخم، مشيراً إلى أن مبارك رفض إتمامه في السابق إستجابة لضغوط "إسرائيلية".
كما نقلت وسائل إعلام عربية عن رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري عبد الله دحلان القول إن المشروع أعيد إحياؤه بعد ثورة يناير وبعد الإطاحة بنظام حسني مبارك الذي كان يقف حجر عثرة في طريق تنفيذه. ومع تجدد الحديث عن المشروع جددت إسرائيل ضغوطها.
من جانبه أكد اللواء فؤاد عبد العزيز رئيس هيئة الطرق والكباري الاسبق ورئيس جمعية الطرق العربية الذي أخد علي عاتقه متابعة هذا المشروع محليا وعربيا وعالميا ، أنه بعد الثورة اتصل به الدكتور عصام شرف قبل تعيينه رئيسا لمجلس الوزراء بأسبوع وطلب عقد اجتماع لإحياء هذا المشروع ثم بعد تعيينه رئيسا للوزراء طلب المهندس عاطف عبد الحميد وزير النقل حينها تقريرا مفصلا, وبالفعل تم عقد لقاء وتم خلاله استعراض جميع التفاصيل المتعلقة بالجسر البري بين مصر والسعودية والتي تشمل جدوي تنفيذ المشروع والتكلفه وجهات التمويل بالاضافة إلي مميزات وفوائد المشروع.
وأضاف " ولكن كانت الأبواب تغلق في وجهنا من جميع الجهات الحكومية ولم نكن نعلم أنها تعليمات عليا من الرئيس السابق ولذلك كنا في حينها نتعجب من تصرفات المسئولين إلي أن عرفنا السبب فمثلا قمت بإرسال خطاب إلي وزير النقل الاسبق المهندس محمد منصور 28 / 2 / 2006 بطلب تقديم عرض للمشروع الذي توليت متابعته وتطوراته علي مدي أكثر من 18عاما ولم يرد, بل نفي أصلا علمه بهذا الموضوع".
وأشار رئيس الهيئة الاسبق قائلا :"دعيت لإلقاء بيان عن إنشاء الجسر البري بين مصر والسعودية أمام لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب ولجنة تقصي الحقائق, المشكلة لبحث الحادث المأساوي لغرق العبارة يوم 2/ 4/ 2006, وتم تقديم عرض يؤكد الجدوي القومية والاقتصادية والتكنولوجية والبيئية للجسر وكان السؤال الرئيسي بعد عرض جدوي إنشاء الجسر علي لسان جميع الحاضرين لماذا لا يقام هذا الجسر؟, وكان قرار اللجنة هو عمل توصية لتأكيد إنشائه كبند أول في تقرير اللجنة الذي سيقدم للمجلس, وفجأة لم تقدم اللجنة هذا القرار في تقرير لجنة تقصي الحقائق في اجتماع المجلس.
"بن لادن" والجسر
وخلال زيارته للرياض أمس دعا الرئيس محمد مرسي، رجال الأعمال السعوديين إلى التعاون مع نظرائهم المصريين لتمويل وإقامة جسر أو نفق يربط بين مصر والسعودية عبر البحر الأحمر، مشيرا إلى أنه سيبحث هذا الأمر خلال لقائه الإثنين مع خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وقال مرسي خلال لقائه مع مجلس رجال الأعمال المصرى السعودى في الرياض: "ياريت يتقدم رجال أعمال سعوديين لتمويل هذا المشروع ويتعاونوا مع نظرائهم المصريين في إقامته".
وأعرب رجل الأعمال السعودي يحيى بن لادن عضو مجلس الأعمال "المصري- السعودي" عن مجموعة "بن لادن" عن استعداد المجموعة لتمويل وإقامة مشروع الجسر المقترح إنشاؤه للربط بين مصر والسعودية بالتعاون مع شركة "المقاولون العرب" المصرية.
وأشار "بن لادن" إلى أن المشروع يحتاج إلى إرادة سياسية وموافقة من خادم الحرمين الشريفين والرئيس مرسي.
وتعتزم شركات سعودية مصرية، تعمل في قطاع الإنشاءات والتشييد إنشاء تكتل ضخم، يستهدف سرعة إنجاز الجسر البري، الرابط بين السعودية ومصر في حال إقراره.
وأفادت مصادر مطلعة لصحيفة الشرق الأوسط، أن التكتل الذي تعتزم الشركات السعودية والمصرية إقامته، سيكون ذراعا مهما في عملية سرعة إنجاز الجسر البري الذي سيربط بين البلدين، وهو الأمر الذي يعني أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين ستحقق خلال السنوات المقبلة قفزة كبيرة جدا، في حال إنجاز هذا المشروع.
وكانت قد أوكلت أعمال الإنشاءات من قبل إلى "كونسورسيوم" يضم شركات سعودية ومصرية ودولية، بتكلفة إجمالية تصل إلى 3 مليارات دولار، ولكن تم رفض المشروع من قبل الحكومة المصرية لاعتقادهم بأن مثل هذا المشروع سيؤثر بشكل سلبي على الحركة السياحية في منتجع شرم الشيخ نتيجة لأعمال البناء وازدحام المدينة بالمسافرين طوال الوقت .
الترحيب بالمشروع
وقد لاقى هذا المشروع ترحيب كبير على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وتم انشاء صفحات خاصة لدعم واحياء هذا المشروع ومنها على سبيل المثال " جسر المحبة بين مصر والسعودية ، نعم لانشاء جسر شرم الشيخ بين مصر و السعودية - وداعا لغرق العبارات ، ساعدونا في دعم إنشاء جسر يربط بين مصر و السعودية لدعم الاقتصاد المصري ، وإنشاء جسر بين مصر والسعودية" .
وجاءت العديد من التعليقات التي تدعم المشروع ومنها – "يا رب إن شاء الله يتم العمل فيه بأسرع وقت ويكون رابط خير وموده بين كل من ام الدنياء والسعوديه تحياتي للجميع".
وتعليق آخر يقول "إنشاء جسر بين المشرق والمغرب العربيين هو او خطوة حقيقيه نحو تجاوز محنة إنشاء الدولة الصهيونية الذي قصد الغرب منه اساسا اول تجزئة عملية للعالم العربي". وقال أبو عمر" نفسنا المشروع يكتمل". وتأتي تجربة الجسر السعودي المصري على غرار تجربة جسر الملك فهد، الذي بدأ العمل فيه سنة 1982 بتكلفة بلغت نحو 3 مليارات ريال، والذي ربط بين السعودية والبحرين، إلا أن الجسر السعودي المصري يبدو مختلفاً بعض الشيء، حيث يربط قارتين ببعضهما.