أكدت بريتا فاجنر سفيرة ألمانيا السابقة في العراق انها قضت سنتين من العزلة والخوف في بغداد بين جدران خرسانية وفي ظل إجراءات أمنية مشددة. "لم تكن بغداد المكان المفضل بالنسبة إلى"، هذا ما تقوله بريتا فاجنر التي أنهت فترة عملها كسفيرة ألمانيا في العراق مؤخرا. وتضيف: "ولكن، عندما تم عرض المنصب على، دفعني فضول كبير إلى الموافقة على ذلك". وبقيت بريتا فاغنر في منصبها كسفيرة في العراق لمدة سنتين، وشهدت في هذه الفترة بلدا يمر بمرحلة انتقالية، هي أرادت أن تشهد مدى تقدم العراق نحو الديمقراطية وكيف أثرت التنمية الاقتصادية على حياة مواطني البلاد. "توقعت في البداية أن تشهد البلاد فترة صعود"، كما تقول. بيد أن بريتا فاجنر شهدت بدلا من ذلك استمرار تدهور العراق وتصاعد الإرهاب مجددا، "أدركت مدى الصعوبات التي تجدها دولة بعد عقود من الدكتاتورية والحرب والحرب الأهلية في العودة إلى أوضاع طبيعية وبناء مؤسسات سياسية ديمقراطية"، تضيف السفيرة السابقة. هناك ناحية شخصية تتذكرها بريتا فاغنر بفرح، ففي فترة إقامتها في بغداد كانت تلتقي بزوجها أكثر مما هو الحال عليه عادة. فزوجها مارتين كوبلر كان في نفس الفترة رئيس بعثة الأممالمتحدة في العراق، وهكذا تمكن الزوجان من اللقاء كل يوم الأربعاء أسبوعيا في ذلك الحي في بغداد الذي تتخذ الأممالمتحدة مقرا رئيسيا لها. إلا أن آخر أسبوعين من إقامة بريتا فاغنر في بغداد كانا أسوأ فترة أثناء أقامتها هناك، فتنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا ب "داعش" سيطر في هذه الفترة على مناطق واسعة في شمال العراق. "سيصل مقاتلو داعش في غضون ثلاثة أيام أيضا إلى أبوابنا"، هذا ما اعتقدته السفيرة آنذاك. وعليه تم تشديد الإجراءات الأمنية في السفارة. اليوم تبلغ بريتا فاجنر 59 عاما، ومنذ طفولتها كانت تريد أن تصبح دبلوماسية، لذلك درست الحقوق وتخصصت في في القانون الدولي. إلا أنها لم تعتقد آنذاك أنها ستتولى منصبا رفيعا يوما ما في مناطق الأزمات، وبعد ميلاد ابنتها تقدمت بريتا فاجنر وزوجها في الثمانينات من القرن الماضي بطلب للعمل في السلك الدبلوماسي. كما ولد في هذه الفترة ابناها. وكما تقول بريتا فاجنر، فإن عمل زوجين في السلك الدبلوماسي كان ظاهرة نادرة آنذاك. وبعد ذلك ب 20 عاما تعرض الزوجان لانتقادات من وسائل إعلام ألمانية لأن زوجها (مارتين كوبلر) تولى عام 2003 منصب السفير الألماني في القاهرة، في حين تولت هي منصب قنصل هناك. وعندما تولى مارتين كوبلر بعد ذلك بثلاث سنوات منصبا في بعثة الأممالمتحدة في كابول، انتقلت زوجته بريتا فاغنر إلى إسطنبول لتولي منصبها القيادي الأول، إذ تبوأت منصب القنصل العام هناك. وكما تقول، فإن إقامتها في إسطنبول ولدت انطباعات جميلة جدا لديها. إلا أن إقامة بريتا فاجنر في بغداد تركت لديها انطباعات معاكسة، فهناك عملت في سفارة وراء جدران من الخرسانة وأسلاك شائكة وأبواب حديدية وشبكة من كاميرات المراقبة، وعلاوة على ذلك، فإن مكتب السفير محاط بجنود عراقيين ورجال مسلحين من شركات أمن خاصة ووحدة أمنية تابعة للشرطة الألمانية. "فالسفارة ليست في المنطقة الخضراء التي توجد فيها إجراءات أمنية خاصة، وإنما هي في المنطقة الحمراء، أي أنها في منطقة سكنية"، كما تقول بريتا فاغنر لتبرير الإجراءات الأمنية لحماية السفارة، وتضيف السفيرة السابقة: "هذا هو السبب الذي تعود إليه صعوبة العمل هنا، فالمعنيون يعملون ويعيشون في بلاد لا يمكن لهم أن يتعرفوا عليها إلا جزئيا". وكانت وزارة الداخلية الألمانية المسئولة عن حراسة البعثات الدبلوماسية في الخارج قد حددت معايير الأمن لبغداد في فترة السنتين من الحرب الأهلية في عامي 2006 و2007. وتمسكت بها، حتى عندما انخفضت حدة التوتر عام 2009. وأدى التهديد الجديد المنطلق من "داعش" إلى تشديد المعايير الأمنية مرة أخرى. وهكذا سيعيش خَلف بريتا فاغنر أيضا من حيث المبدأ حياة وراء جدران وأسوار في بلاد يبدو أنه لن يتعرف عليها فعلا. هذا المحتوى من موقع شبكة ارم الإخبارية اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل