Ahmedhilmy123@gmail. الثورة هى تغيير الواقع الراتب فى المجتمع على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعى ، ولا يمكن تحقيق أهدافها بوسائل تقليدية تعتمد على أدوات وثوابت الدولة المستقرة ، فمفهومها الشامل هو رفض النظام السياسي الجائر بكل ما أرساه من نظم ومفاهيم دستورية وقانونية فاسدة ، تلك التى سنها لكى تحميه وتحقق مصالحه وتمنع الخروج عليه بتدليس دستورى تارة وتشريعات منحازة تارة أخرى، وعليه تغير الثورات أسس بناء المجتمعات ابتداءً قبل سن الدساتير ، فتدعو الثورات التاريخية الى تغيير مرجعيات المجتمع وأيدولوجياته ومناهجه ، وليست مجرد استحداث تفصيلات تنصب على مجرد تعديلات دستورية أو سن قوانين مكملة لما سبقها ولا تمس إلا فروع التعاملات التقليدية دون الأخذ بأصول وفقه التوجهات الثورية الرئيسة التى قامت عليها ، لذلك يجب أن تكون ثقافة التغيير المجتمعى هى المهيمنة على مفهوم الثورة لكى تحقق أهدافها ، ولا بد أن تسود وحدها خلال فترة الحراك الثورى طال مخاضها أم قصر . ولما عجز النظام البائد عن وقف حركة الثوار وإجهاض الثورة بالقوة والبطش ، لجأ إلى تفعيل مفهوم المقاومة المنهجية ، لتمس حالة مطالب التغيير ذاتها للشارع الثورى المتنامية ، فدفع بفلول التيارات الدينية المتأسلمة ذات الفكر السفلى المتجمد ، والتى يقوم فقهها على الاتباع والتقليد وليس الابتداع والتغيير ، الاتباع المحض المبنى على ثوابت تدوين الفقهاء القدامى . كانت الهجمة السلفية على الشارع الثورى فى خضم حراكه بمثابة هجمة منهجية ترمى إلى وقف المد الثورى القائم على مفهوم التغيير ، لتدفع به الى درب من دروب التثبيت والتجميد ، وإحالته إلى مجرد دعوة جامدة تعتمد على الثابت الدينى الذى لا يقبل التغيير ولا التبديل ، هنا كانت المواجهة الفكرية ، فالثوار الذين لا يرون أن مطالب الثورة قد تحققت بتغيير النظام ذاته يؤمنون بضرورة استمرار الحراك والغليان الثورى فى الشارع ، والمطالبة المستمرة بالتغيير حتى تتحق المطالب والأهداف، والسلفيون يعارضون حالة الحراك الثورى ويتبعون الحكام وإن فسدوا ، ويدعون لإقامة دولة تقوم على فقه الأقدمين المحافظ الذى لا تغيير فيه ولا اجتهاد ، وهم فى ذلك التوجه يجهضون فكرة المتغير الثورى المتحرك الخارج عن طاعة النظام . ولما تمت الفتنة فى الشارع الثورى وقضى على الحراك الثورى ، وأدرك المتأسلمون بعدها مدى الخديعة التى استعملهم النظام فيها ، حاولوا بكل سذاجة إحالة حراكهم إلى حالة من حالات التغيير الثورى المناقض لمنهجهم فى أصله وتوجهه ، لجأوا إلى الشارع الثورى يملأونه صياحاً وضجيجاً ، لمحاولة تحقيق ثوابتهم الضائعة ، ولكن هيهات ، فلا هى نالوها ، ولا المتغير الثورى الأصلى نجحوا فى استنهاضه وبعثه من جديد