معاناة المواطنين في ظل النظام الفاسد مستمرة حتي في وجود رئيس منتخب ,ومع بداية عام 2013 انتشر الخراب في اكبر القري المنتجة للثروة الداجنة بمصر,إنها «بِرْما» , إحدى القرى التابعة لمركز طنطا، التي كانت «عاصمة الثروة الداجنة»، و«معقل معامل التفريخ»، «قلعة البروتين الأبيض» في بر مصر المحروسة، اذ كانت تنتج 35% من الثروة الداجنة، مما جعلها حتى وقت قريب - قرية نموذجية لا يعرف أهلها «البطالة» التي تعاني منها البلاد. ومع غياب الرقابة، واستحواذ رجال الاعمال على سوق الأعلاف والتحصينات المستوردة الفاسدة، أصبحت «برما» مهددةً بفقد كيانها في إنتاج الثروة الداجنة، بعد خراب معظم مزارعها، واحتل «البط البغَّال» -المستورد من فرنسا- عددا من المزارع, وفقد المصريون «البروتين الأبيض» رخيص الثمن، وزاد طابور «البطالة» ، وانخفضت دخول الاهالي ,علمًا بأن منازل القرية، لم تخلُ من مزرعة دواجن «فوق السطوح»، فقد كان يعمل في تربية الدواجن الفلاح والموظف، الطبيب والمهندس، الطالب والمدرس، ربة المنزل وأطفالها الصغار,وبالطبع اصحاب المزارع. «برما» التي يبلغ عدد سكانها نحو 80 ألف نسمة.,يعانون ارتفاع أسعار الأعلاف بصورة مستفزة، وانعدام الرقابة تمامًا على التحصينات «المضروبة» والأدوية الفاسدة التي ترفع معدلات الخسائر بعد نفوق الدواجن، بالإضافة إلى الديون المتراكمة على الصغير والكبير من المربين والتي تهددهم بالسجن , ناهيك عما أصاب شباب العمال وشيوخهم من أضرار بالغة؛ لفقدهم العمل الذي كانوا يمارسونه في مزارع الدواجن بطول «برما» وعرضها، وأصبحوا أرقامًا مضافة لطابور البطالة. محمد سعد ابو عكر يؤكد أن مهنة تربية الدواجن ببرما من اساسيات كل منزل ,ولكن هذه المهنة تلفظ أنفاسها؛ بسبب ما تعانيه من غياب تام لرقابة الدولة، مما أتاح الفرصة لعدد قليل من تجار ومستوردي الأعلاف لتحقيق أرباح خيالية على حساب المربين، بالإضافة إلى مشكلة الأدوية والتحصينات، وكذلك مشكلة الغاز التي نعاني منها ,خاصة في هذا الشتاء، حيث يزيد الطلب عليه، مما يرفع سعر أسطوانة البوتاجاز الصغيرة إلى 30 جنيها، والكبيرة إلى 60 جنيهًا، وبرغم ذلك لا نجد الاسطوانات إلا بصعوبة بالغة. محمد جمال الحلوجي – احد مربي الدواجن – يقول: ان وصول عدد من الصينيين كارثة تهدد القرية والثروة الداجنة بمصر ,فقد جاءوا لدراسة إمكانية تصنيع وتوريد علف صيني لمزارعنا، فقاموا بأخذ عينات من العلف لتصنيع مثيل له في الصين، مؤكدين أنه سيكون بنصف ثمن العلف المصري، إلا أن ما يثير مخاوفنا هو أن هذا العلف الصيني سيكون مجهول المصدر؛ لأننا لا نعرف من أي مواد تم تصنيعه، الأمر الذي يهدد ما تبقى لدينا من ثروة داجنة. محمد الاحمدي عمار يؤكد ان التحصينات (الفاسدة) تسببت في خسائر فادحة بسبب عدم وجود رقابة عليها من هيئة الطب البيطري، أو أي جهة إرشادية نستطيع التعامل معها، فإذا تم تحصين القطيع اليوم فيصبح ميتًا غدًا ,أو على أقل تقدير نفوق 70% منه، لدرجة وصلت إلى أن المربين لم يعودوا يحصنون دواجنهم. وحول عملية نقل مزارع الدواجن إلى الصحراء، فقد انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، حيث أشار فريق إلى أنه لا يستفيد من هذه العملية سوى 10 % فقط من المربين، مؤكدًا أن العمال السريحة سيصيبهم ضرر فادح إذا تمت عملية النقل بالفعل, خاصة أن هذه العمالة تستوعب أكثر من 50 % من شباب القرية وهم من حملة المؤهلات العليا بالإضافة إلى غيرهم من العمالة العادية التي تتمثل في المرأة المعيلة وعمال اليومية. ويرى فريق آخر أن عملية نقل المزارع للصحراء ستعمل على التوسع في صناعة الدواجن، ولكن لا بد أن تكون تحت رقابة الدولة من الألف للياء، حتى يتم القضاء على ظاهرة احتكار قلة من رجال الأعمال أسعار الأعلاف, وضرورة التخلص من التحصينات الفاسدة التي يتم استيرادها من الخارج، ولا يعرف الأطباء البيطريون سببًا لفسادها.