هو احد مشاهير الإسماعيلية، فما أن تجلس إلى أحد من أبناء المدينة المناضلة، وتسأله عنه، حتي تجده يحكي لك بحماس عن مشوار حافل من البطولة، والنضال.. إنه غريب إبراهيم خضيرى الشهير ب «تومى» نسبة إلى المسدس الإنجليزى «توم جن» لأنه كان يحمل مسدسا من هذه النوعية، ويقال أيضا إنه سمى كذلك، لأنه كان يتحدث بطريقة سريعة، تشبه إلى حد ما الطلقات السريعة للمسدس الإنجليزى « توم جن». كان غريب تومى أخا لثلاثة أخوة هم خضيرى، وصلاح، وسعد، كان خضيرى، وصلاح مهندسين، وقد حاول الإخوة الثلاثة مرارا الانضمام مع أخيهم فى المقاومة ضد الإنجليز، إلا أنه كان يرفض بشدة، وكان يصر على ألا يدخل أخوته فى معترك مثل هذا, لأنه كان يعلم أن من يتحول إلى فدائى فعليه إدراك انه فى كل مرة يذهب، قد لا يعود. «تومى» خريج مدرسة الفرنسيسكان الفرنسية, كان يجيد اللغتين الفرنسية والإنجليزية، الامر الذى أهله للعمل فى معسكرات الجيش الإنجليزى، والتقرب إليهم من خلال لغته، وقد أهله كل ذلك إلى أن يكون قائدا لمجموعة من الفدائيين الذين اجتمعوا فى البداية فى بيته وهم: «غريب درويش وإبراهيم درويش ، ومحمد أبونواس، وفلفل الزعيفى ، وقوة الزعيفى ومحمد عصفورة، وخميس، فى منطقة المحطة الجديدة بالإسماعيلية، وأبوحمزة أبو عرام، وعزازى» وقد جمع هؤلاء الشباب حبهم لبلادهم، وغيرتهم عليها من أفعال الإنجليز، وقرروا محاربة الإنجليز بالإسماعيلية، مستغلين فى ذلك خبرة غريب تومى فى التعامل مع الإنجليز، وبالفعل بدأوا مع بدايات عام 1949 فى اختطاف وقتل عدد من الجنود الإنجليز، ومع الوقت تحول الفدائيون فى الإسماعيلية إلى كابوس يطارد جنود الإنجليز المتمركزين فى المنطقة. وكان لغريب تومى دور محورى فى كل هذا،الأمر الذى دفع الضباط الأحرار قبل ثورة 1952 إلى أن يلتقى عدد منهم غريب تومى ومجموعته، ليشجعوهم على أعمالهم الفدائية، وليطلبوا منه توجيه ضربة إلى مخازن التسليح فى الجيش الإنجليزى بالإسماعيلية، مستغلين فى ذلك ما كان يملكه من معلومات كثيرة جدا عن الجيش الإنجليزى. وفى نهايات عام 1949 هاجم غريب تومى ومجموعته من الفدائيين «كامب البومب» الإنجليزى وحصلوا على عدد كبير من الأسلحة من مسدسات وبنادق، وقنابل يدوية، وقذائف «هاون». وكان «تومى» قد رتب لتلك العملية بأن قام بتأجير أحد البيوت القديمة بالإسماعيلية لوضع السلاح الإنجليزى فيه. لم يكن غريب مجرد فدائى يناضل ضد الإنجليز فحسب، بل كان يقدم المأوى والمساعدات لكل الفدائيين المقبلين من القرى والمدن المصرية للنضال فى الإسماعيلية، وقد استمر نضال «تومى» ضد الإنجليز، ثم ضد القوى المعتدية على بورسعيد فى العدوان الثلاثى عام 1956، ثم شارك فى حرب الاستنزاف التى حدثت عقب نكسة 1967 واستمرت حتى عام 1970، وعبر القناة وهو جندى فى الجيش المصرى عام 1973 ليحقق حلم النصر.