إلى ابنى «عمر صلاح»، سلامُ الله عليك، وقد انتقلت من دار الكذب والغدر، إلى دار الصدق والحق، سلامُ الله عليك، وقد رفعك اللهُ إليه، لأنه لم يعد لمثلك مكان على الأرض، فى ظل بلد، يُحكم بالغباء والأهواء، سلامُ الله عليك، ابنى الغالى، بعدما بذلت روحك، لتجسّد، للعالم أجمع، دليلا حيا، على بطش السلطان وغطرسة الحاكم، سلامُ الله عليك، أيها الطاهرُ البريءُ، فى زمن الزيف والضلال، سلامُ الله عليك، يا ابن السماء، التى أحسنت استقبالك، بلا شك، بعدما ضنّت عليك الأرض، بحياة هادئة، مثل أقرانك وأترابك. ابنى «عمر صلاح»، أعلم أن دموعنا الزائفة، والصادقة، لن تُبرئ جسدك النحيل النحيف الضعيف، من رصاصات الظلم، التى اخترقته، وحولته إلى جثة هامدة، لأن تلك الرصاصات لا تعرف طريقا، إلا طريقنا، طريق الفقراء والمُعدمين، ومن تقطعت بهم السبل، كما أن تلك الدموع ليست قادرة على أن تحيى الموتى. ابنى «عمر صلاح»، أرجوك لا تسامحنا، فكلنا خذلناك، لم نُشفق عليك، ولم نُسارع يوما بتقديم يد العون والمساعدة لك، عندما وجدناك، وأنت فى هذه السن الصغيرة، تعول أسرة كبيرة، ببيع «البطاطا»، لم يفكر أىُّ منا فى التكفل بمصاريف رعايتك وتعليمك، كما كنت تتمنى، ولكن عندما قُتلت، راح بعضنا يتباكى عليك، ويتخذ من جسدك المسجى، وسيلة للمزايدة، وقليل منا كان صادقا، يبكيك قلبُه قبل عينيه، ولكن ماذا عساها أن تفعل الدموع؟ ابنى «عمر صلاح»، رغم أن أحلامك كانت بسيطة متواضعة، إلا أن زمن «الخسة والنذالة»، حال بينكما، فالفقراء، لم يُخلقوا، ليحلموا، بل ليكونوا وقود المعركة، على شرفابنى «عمر صلاح».. لقد منح استشهادُك الثورة أسبابا جديدة، كى تبقى مستمرة، حتى يرحل الغزاة الجدد عن مصر، ونسترد منهم وطننا المسلوب. ابنى «عمر صلاح»، إنهم قتلوك، يا ولدى، ولكنك سوف تبقى رغم أنوفهم، حيا فى قلوبنا، تذكرنا بثأرك، وثأر من ماتوا من أجلنا. ابنى «عمر صلاح»، لا تحزن لأن جنازتك غاب عنها من يعتبرون أنفسهم كبارا، فى زمن أشباه الرجال،ولم يُبكك أو يُرثك أىٌّ منهم، فأنت يا ولدى، بفضل الله، لم تكن من أسرة إخوانية، حتى يحج إلى بيتك مرشدهم، وحرم الرئيس، لأنهم يتوهمون أن قتلاهم فى الجنة، وقتلانا فى النار، ألا ساء ما يحكمون، واعلم أن يومهم آت لا محالة، فكل آت قريب، وسيعلم الظالمون أى منقلب ينقلبون. ابنى «عمر صلاح»، إن العين لتبكى، وإن القلب ليخشع، وإنا لفراقك يا ولدى لمحزونون.. فإلى اللقاء.